اختتم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، جولة خارجية شملت كلا من: مصر والأردن وتركيا، حيث أجرى محادثات مع قادة تلك الدول، تناولت تعزيز وتنمية العلاقات، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، كما شملت عددا من الملفات الاستراتيجية والاقتصادية والتنموية بين المملكة وتلك البلدان.
وكانت العاصمة التركية أنقرة محطة ولي العهد السعودي الأخيرة التي وصل إليها في وقت لاحق أمس الأربعاء، على رأس وفد رفيع، وتقدم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبليه في المجمع الرئاسي، حيث أقيمت له مراسم استقبال رسمية.
وعقد الجانبان، لقاءً ثنائياً رحب في بدايته الرئيس التركي بولي العهد في بلده الثاني، ونقل ولي العهد، تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس التركي، فيما حمله الرئيس التركي تحياته وتقديره لخادم الحرمين الشريفين.
واستعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين وأوجه التعاون والسبل الكفيلة بتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، غادر بعدها الأمير محمد بن سلمان مختتماً زيارته لتركيا وجولته في الدول الثلاث.
وخلص بيان ختامي مشترك صدر حول زيارة الأمير محمد بن سلمان لتركيا، إلى المقومات الاقتصادية الكبيرة التي يزخر بها البلدان بصفتهما عضوين في مجموعة العشرين، كما تناول البيان المباحثات التي استعرضت العلاقات الثنائية بين البلدين من مختلف الجوانب، وتم التأكيد بأقوى صورة على عزمهما المشترك لتعزيز التعاون في العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، وتبادل الجانبان وجهات النظر حيال أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح البيان، أن الجانبين ناقشا سبل تطوير وتنويع التجارة البينية، وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين، وتذليل أي صعوبات في هذا الشأن، وتكثيف التواصل بين القطاعين العام والخاص في البلدين لبحث الفرص الاستثمارية وترجمتها إلى شراكات ملموسة في شتى المجالات، والفرص التي تقدمها رؤية المملكة 2030 في مجالات الاستثمار، والتجارة، والسياحة، والترفيه، والتنمية، والصناعة، والتعدين، ومشاريع البناء والنقل والبنى التحتية بما في ذلك المقاولات، والزراعة، والأمن الغذائي، والصحة، ومجالات الاتصالات وتقنية المعلومات، والإعلام، والرياضة، واتفقا على تفعيل أعمال مجلس التنسيق السعودي التركي، ورفع مستوى التعاون والتنسيق حيال الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والعمل على تبادل الخبرات بين المختصين في البلدين. أعرب الجانبان عن تطلعهما للتعاون في مجالات الطاقة، ومنها البترول وتكريره والبتروكيماويات، وكفاءة الطاقة، والكهرباء، والطاقة المتجددة، والابتكار والتقنيات النظيفة للموارد الهيدروكربونية، والوقود المنخفض الكربون والهيدروجين، والعمل على توطين منتجات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها، وتطوير المشروعات ذات العلاقة بهذه المجالات.
وفي مجال البيئة والتغير المناخي، رحبت تركيا بإطلاق المملكة لمبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» وأعربت عن دعمها لجهود المملكة في مجال التغير المناخي من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أطلقته المملكة، وأقره قادة دول مجموعة العشرين، اتفق الطرفان على تطوير شراكات إنتاجية واستثمارية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية والمدن الذكية، وتشجيع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص العاملة في هذه المجالات على التعاون، ودعا الجانب التركي الصناديق الاستثمارية العاملة في بيئة ريادة الأعمال السعودية للاستثمار في الشركات الناشئة في تركيا، وإقامة شراكات معها.
واتفق الطرفان على تعزيز واستمرار العلاقات بين «مؤسسة المواصفات التركية»، و«الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس»، في إطار اتفاقيات التعاون الموقعة بين المؤسستين المعنيتين.
وفي الشأن الدفاعي، اتفق الجانبان على تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجالات التعاون الدفاعي، وتعزيزها وتطويرها، بما يخدم مصالح البلدين، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، واتفق الطرفان على تعزيز التعاون العدلي، والعمل على تبادل الخبرات بين المختصين في المجالين القضائي والعدلي.
وأكد الجانبان على أهمية التعاون في المجال السياحي وتنمية الحركة السياحية بين البلدين، واستكشاف ما تزخر به كل بلد من مقومات سياحية، وتعزيز العمل المشترك بما يعود بالنفع على القطاع السياحي وتنميته حسب الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين، وأكد الطرفان على أهمية تعزيز التعاون بين هيئات الطيران المدني الوطنية، وتسهيل الإجراءات الإدارية لعمليات شركات الطيران، واتفق الطرفان على عزمهما على تطوير التعاون القائم بين البلدين في مجال الصحة. وسيقوم الطرفان باستكشاف فرص التعاون في مجال الاستثمارات الصحية، كذلك أعرب الجانب السعودي عن امتنانه لدعم تركيا لترشح الرياض لاستضافة معرض إكسبو 2030.
أكد الطرفان سعيهما لتكثيف التعاون والتنسيق وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية وبما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ودعم الحلول السياسية لكل الأزمات في دول المنطقة مع التأكيد على عدم المساس بسيادة أي منها والسعي لكل ما من شأنه إبعاد دول المنطقة عن التوترات، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها.
كما أكد الطرفان عزمهما على زيادة التعاون والتنسيق الفعال بينهما في إطار المنظمات الإقليمية والدولية وعلى رأسها منظمتا: التعاون الإسلامي والأمم المتحدة. ومواصلة تعاونهما الوثيق بما يضمن السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.
وثمن الرئيس التركي جهود السعودية في تنظيم موسم الحج للعام الماضي 1442هـ، رغم التحديات التي تسببت فيها جائحة كورونا، وما تبذله لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار معبرا عن ارتياحه لزيادة أعداد الحجاج والمعتمرين هذا العام، وشكر الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده على جهودهما في هذا الشأن، كما أكد الطرفان عزمهما على مواصلة تطوير التعاون على أساس الأخوة التاريخية، لخدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين ومستقبل المنطقة بما يحقق المنفعة للجميع.
وفور مغادرته، أبرق للرئيس التركي رجب طيب إردوغان معرباً عن شكره وتقديره لما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وقال في برقيته للرئيس إردوغان: «لقد أتاحت هذه الزيارة بحث الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وبما يؤكد حرص بلدينا على المضي قُدماً في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما، وتطويرها في مختلف المجالات، في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وفخامتكم، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».
ووصفت وسائل إعلام تركية الزيارة بالتاريخية وقالت إنها زيارة مهمة وتعزز العلاقات بين البلدين، وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، نائل أولباك، إن حجم الصادرات التركية إلى السعودية بلغ 7.3 مليار دولار دولار من قبل، و «نأمل مع استعادة الزخم في العلاقات أن يرتفع إلى 10 مليارات دولار»، وأضاف أولباك أن السعودية من الدول ذات الأهمية الكبرى لدى عالم الأعمال التركي، وأن القرار السعودي الأخير برفع قيود السفر التي فرضت بسبب وباء كورونا يعد تطورا مهما للغاية لرجال الأعمال الأتراك.
وكان ولي العهد السعودي، قد غادر عمّان في وقت سابق أمس «الأربعاء» وتقدم مودعيه الملك عبد الله الثاني، وولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله، ونايف بن بندر السديري سفير السعودية لدى الأردن، والسفير الأردني بالرياض علي الكايد، وكبار المسؤولين في الحكومة الأردنية.
وبعد مغادرته، أبرق ولي العهد السعودي للعاهل الأردني شاكراً حسن الضيافة والوفادة التي لقيها والوفد المرافق، وقال: «لقد أكدت المباحثات التي أجريناها مع جلالتكم على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين بلدينا، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وجلالتكم».
كما بعث ببرقية مماثلة لولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية، وقال: «لقد أكدت هذه الزيارة عمق العلاقات التي تربط بين بلدينا، والتي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين».
وحول الزيارة، صرح وزير الإعلام الأردني فيصل الشبول، بأنها تؤكد عمق العلاقات الأخوية الوطيدة التي تربط البلدين والتنسيق المستمر بالقضايا ذات الاهتمام المشترك كافة، إضافةً إلى عمق الحوار السياسي بينهما على الصعد الاستراتيجية كافة، وأكد الوزيرالأردني أهمية الزيارة من حيث توقيتها وموضوعها والتي تأتي في ظل ظروف إقليمية صعبة وتحديات عديدة تحتم أهمية التواصل بين القيادتين.
فيما أكد نايف السديري سفير السعودية لدى الأردن، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان للعاصمة عمان، تأتي لترسيخ مبدأ الأخوة بين قيادتَيْ البلدين والشعبين الشقيقين، وتحمل دلالات كثيرة على المستوى السياسي والاقتصادي، وأنها تشكل منعطفاً مهماً في تاريخ العلاقات السعودية الأردنية الممتدة التي تربط المملكتين، وعن العلاقات السياسية بين البلدين، قال السفير السديري: في إطار المشهد السياسي، فإن الرياض وعمان كما لا يخفى على الجميع تتفقان على مجمل الملفات من خلال الجهود المشتركة والمساعي الحثيثة في التعامل مع تلك الملفات والقضايا، وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك عبر جامعة الدول العربية، كما أن هذا الجانب يحمل كثيراً من الإيجابية بين البلدين، لا سيما أن السعودية والأردن يمثلان الجانب الإستراتيجي في المنطقة، مبيناً أن المشهد الاقتصادي بين المملكة والأردن يحمل عنواناً مهماً للمرحلة المقبلة من خلال الإسهام في الانتقال إلى آفاق أرحب لتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين وفتح المجال أمام الاستثمار الكبير للمقومات الحيوية لكلا البلدين، مما سينتج عنه شراكات كبيرة في مختلف المجالات.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
فيديو تحية محمد بن سلمان لحرس الرئاسة التركي يلقى اهتماما كبيرا
ولي العهد السعودي والرئيس التركي يعقدان لقاءً ثنائياً
أرسل تعليقك