دعا عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، قوى «إعلان الحرية والتغيير» إلى تسريع التفاوض، وتكوين حكومة انتقالية وتعزيز الشراكة بينهما، بهدف قطع الطريق أمام عناصر النظام المعزول، التي تعمل على إجهاض الثورة، وأكد عبدالفتاح البرهان عدم رغبة مجلسه في أي حصانات، وإمكانية إلحاق الاتفاق مع الحركات المسلحة بالاتفاق السياسي، أو تضمينه في وثيقة الإعلان الدستوري، المزمع التفاوض حولها، في وقت شهدت فيه البلاد مظاهرات طلابية تعد الأكبر، احتجاجا على مقتل طلاب في مدينة الأبيض غرب البلاد، بينما دعا تجمع المهنيين السودانيين «العسكري الانتقالي» إلى تعليق الدراسة في المستويات الدراسية كافة، حفاظا على أرواح الطلاب والطالبات.
وقال البرهان في منتدى له، إن المحاولة الانقلابية التي كشف النقاب عنها مؤخراً «حقيقية»، وجزء من ثلاث محاولات انقلابية اتهمت بها قوى سياسية. موضحا أن المحاولة الانقلابية التي اعتقل بسببها رئيس هيئة أركان الجيش السوداني هاشم عبد المطلب، وعدد من القادة العسكريين، ومدنيون من النظام المعزول، تمت بتخطيط وتدبير ومشاركة عناصر مدنية من «حزب المؤتمر الوطني»، بما في ذلك تأمين أماكن الاجتماعات والاتصالات، مبرزا أن الأجهزة الأمنية كانت ترصد تحركاتهم الرامية لقطع الطريق أمام مطالب الثورة. وكشف البرهان مشاركة عدد من العسكريين والمدنيين، ألقي القبض عليهم في المحاولات الانقلابية الثلاث، وأن التحقيق معهم قد يبدأ في غضون أيام، مبرزا أن كل الذين تم القبض عليهم وردت أسماؤهم ضمن المحاولة الانقلابية، وسيتم إطلاق سراح من لم تثبت بحقهم تهم.
وأبدى رئيس العسكري استعداد مجلسه للوصول إلى اتفاق فوري مع قوى إعلان الحرية والتغيير، وتكوين الحكومة الانتقالية المدنية لوقف مخططات عناصر النظام القديم، الرامية لإجهاض الثورة، والذين بدأوا العمل المنظم بسبب تأخير تكوين الحكومة الانتقالية.
في سياق ذلك، أبرز البرهان أن مجلسه لا يطلب أي حصانات ولا يخشى التحقيقات، التي ينتظر أن تجريها لجنة التحقيق المستقلة، موضحا أنهم داخل المجلس يتمتعون بالحصانة القانونية المكفولة للقوات المسلحة، والتي يمكن رفعها وفق إجراءات قانونية معروفة، وأنهم على استعداد للمثول أمام المحاكمات حال ثبوت أي اتهامات ضدهم.
ولمح الرجل الذي يقود البلاد منذ أربعة أشهر، إلى قوة «ثالثة» تقف وراء عمليات القتل بحق المحتجين السلميين، نافياً صدور أي توجيهات من قواته لضرب المعتصمين، وقال موضحا: «ما حدث في الأُبيض أمر مؤسف وحزين، وقتل المواطنين السلميين غير مقبول، ومرفوض، وجريمة تستوجب المحاسبة الفورية والرادعة».
وقتل الإثنين خمسة متظاهرين، أربعة منهم طلاب مدارس ثانوية، وأصيب 64 بجراح جراء إطلاق نار، اتهمت به قوات نظامية، حسب شهود عيان، بينهم خمسة طلاب، ذلك على أثر احتجاجات طلابية على الأوضاع في المدينة.
وطالبت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» بالتحقيق في الحادثة، استنادا إلى أن المتظاهرين «أطفال» (تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً)، فيما أرسلت قوى إعلان الحرية والتغيير وفدها المفاوض إلى المدينة لتقصي الحقائق حول الحادثة المأساوية، ما أدى لتأخير التفاوض المباشر بين المجلس العسكري وقوى الحرية على الوثيقة الدستورية، وتكوين الحكومة المدنية، الذي كان مقرراً استئنافه أمس.
وتوقع القيادي في قوى الحرية والتغيير محمد الصادق في حديث هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أمس، تأجيل استئناف التفاوض، الذي كان مقرراً أمس إلى وقت لاحق من الأسبوع الحالي، لكون اللجنة الفنية المشتركة، المنوط بها إعداد الوثيقة الدستورية لم تكمل عملها بعد، وما ترتب على أحداث مدينة الأبيض من آثار. إضافة إلى سفر فريق الحرية والتغيير التفاوضي إلى مدينة الأبيض.
وعلى أثر أحداث مدينة الأبيض ومقتل الطلاب، دعا كثيرون لتعليق التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي. لكن تعليق التفاوض لم يجد إجماعاً من قوى الحرية والتغيير، وقال الصادق بهذا الخصوص: «نحن لم ندع لتعليق التفاوض، بل لوقفه مؤقتاً».
ولم يستجب سكان مدينة الأبيض لحظر تجوال فرضته الحكومة الولائية في أربع من مدن الولاية الرئيسية، ونظموا احتجاجات ليلية طافت جميع أنحاء المدينة. وتواصلت الاحتجاجات الطلابية لليوم التالي على التوالي، وتوسعت دائرتها المنددة بأحداث الأبيض.
وفي الخرطوم ومدن البلاد الأخرى خرج الآلاف من طلاب وطالبات الجامعات والمدارس الثانوية في مظاهرات حاشدة، وصفت بأنها الأكبر التي شهدتها البلاد. وتتزايد المخاوف من مواجهات قد تؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا بين الطلاب.
وردد الطلاب هتافات تطالب بالقصاص من قتلة زملائهم «الدم بالدم ما بنقبل الدية»، و«الدم بالدم لو حتى مدنية»، في إشارة لعدم قبولهم بغير القصاص حتى لو سلم المجلس العسكري السلطة للحكومة المدنية.
وأصدر والي ولاية شمال كردفان التي شهدت عاصمتها الأحداث الدامية، قراراً بتشكيل لجنة تقصي الحقائق برئاسة عميد في الشرطة وعضوية من الأجهزة العدلية. وقال الوالي المكلف الصادق الطيب إن اللجنة ستتحرى الأسباب والجهات، التي دفعت الطلاب للخروج، وتحديد الجهات التي أطلقت النار على المحتجين، وحصر الخسائر والأضرار في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
وينتظر أن تستأنف قوى الحرية والتغيير التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي غدا الخميس وبعد غد الجمعة، لعدم حصول قرار وقف التفاوض على خلفية أحداث الأبيض على إجماع بين مكونات التحالف، الذي يقود الثورة السودانية.
ودعا تجمع المهنيين السودانيين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم لتعليق الدراسة في جميع المراحل «حتى انجلاء الموقف حفاظا على أرواح بناتنا وأبنائنا الطلاب».
قد يهمك أيضًا
بدء اجتماعات المعارضة السودانية والمجلس العسكري لمناقشة الإعلان الدستوري
قوى إعلان الحرية والتغيير السودانية تردّ على الوساطة الإثيوبية
أرسل تعليقك