بدأ أكثر من مليونَي حاج، الثلاثاء، رمي جمرات العقبة في مشعر منى، ونحر الهدي، في أول أيام عيد الأضحى المبارك، وذلك عقب نفرتهم من عرفات إلى مزدلفة، بعد أن قضوا فيها ليلتهم.
واستعدت قوات الأمن السعودية منذ ساعة مبكرة، ونشرت عشرات آلاف الجنود والضباط لخدمة ضيوف الرحمن.
واستقبل الحرم المكي جموع المؤدين لصلاة العيد وطواف الإفاضة، بينما أكد قائد قوات أمن الحج الفريق أول ركن خالد الحربي جاهزية منشأة الجمرات لاستقبال الحجاج عبر منظومة أمنية مكونة من الأمن العام، ومن قوات الطوارئ الخاصة الموكلة لها إدارة وتنظيم حركة الحشود في منشأة الجمرات.
وتوجّه حجاج بيت الله الحرام بعد غروب شمس الإثنين إلى مشعر مزدلفة، بعد وقوفهم على صعيد عرفات وقضاء ركن الحج الأعظم.
وأدى ضيوف الرحمن عقب وصولهم إلى مزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير اقتداءً بسنّة النبي الكريم، حيث يجمعون بعدها الحصى، ويبيتون فيها، وتعد النفرة من عرفات إلى مزدلفة المرحلة الثالثة من مراحل تنقلات حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج.
وأعلن قائد مرور عرفة قبيل غروب شمس الإثنين، أن الحجاج جاهزون للنفرة إلى مزدلفة بعد نجاح التصعيد إلى عرفات.
وصعد حجاج بيت الله الحرام إلى عرفات، الإثنين، لأداء الركن الرئيسي في الحج وسط استعدادات كاملة لنفرتهم.
ويحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وحجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة الذين يؤدون مناسكهم، الثلاثاء بعيد الأضحى المبارك، فرحين مستبشرين بما أنعم الله عليهم، ووفق ما أعلنت عنه الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، وقف 2.368.873 حاجا منذ صباح الإثنين، على صعيد عرفات الطاهر، تحفهم السكينة، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، توحدت قلوبهم في مشهد عظيم، ملبين لله تعالى، وارتفعت أياديهم بالتضرع إلى الله طلباً للمغفرة والرحمة.
وتوافدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام، إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات، حيث أدى الجميع صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، اقتداءً بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة، امتلأت جنبات مسجد نمرة الذي تبلغ مساحته 110 آلاف متر مربع والساحات المحيطة به بضيوف الرحمن، وتقدم المصلين، الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، وقبل الصلاة، ألقى الدكتور حسين آل الشيخ، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، خطبة عرفة، استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم، ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر، وحث الحجاج على وجوب تقوى الله تعالى، والحرص على أداء نسك الحج على أفضل وجه.
وأكد آل الشيخ أن الصورة الحقيقية للإسلام تشتمل على أعلى الأخلاق وأحسن التعاملات، مبرزا حاجة الخلق اليوم إلى اعتماد الأخلاق في معاملاتهم المالية وأنظمتهم الاقتصادية والسياسية ومناهجهم العلمية وطرقهم البحثية، وشدد على أن الإسلام يحفظ المصالح ويدرأ المفاسد ويدعو إلى عمارة الكون ونفع الخلق، ويقرر مبدأ التآخي بين المسلمين، ونشر الرحمة والمودة فيما بينهم، ونبّه الحجاج إلى أنهم "في موطن شريف وزمان فاضل ترجى فيه مغفرة السيئات وإجابة الدعوات"، مشيرا إلى أن محمدا عليه أفضل الصلاة والسلام أفطر يوم عرفة في حجه ليتفرغ للذكر والدعاء.
وأوضح أن من الإحسان للمسلمين القيام بخدمة الحرمين الشريفين، والسهر على راحة ضيوف الرحمن "وفي طليعتهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين فأدعو الله لهما"، سائلاً الله يوفق الملك سلمان بن عبد العزيز، ويؤيده وينصره ويعينه على كل خير، وأن يجزيه الله خير الجزاء على ما يقدمه من الخير والإحسان، وأن يبارك لولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ويشد به عضده ويجعله سبب خير للأمة كلها.
وتابع الأمير عبدالعزيز بن سعود، وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، والأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، عملية تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات ومن عرفات إلى مزدلفة ثم إلى مشعر منى، موجهاً بتوفير أفضل الخدمات لينعم ضيوف الرحمن بأداء النسك وهم آمنون مطمئنون.
وكشف الأمير خالد الفيصل، عن أن مكة المكرمة والمشاعر المقدسة "مقبلة على خير كبير إن شاء الله"، مؤكداً بحسب ما سمعه شخصياً من ولي العهد السعودي في أول اجتماع لأعضاء الهيئة، "فإنه يطمئن جداً". وأضاف، أن هناك إصراراً من ولي العهد على العمل لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة "لتكون من أرقى وأذكى مدن ومناطق العالم"، مشيراً إلى أن هناك دراسات رُفعت من هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة إلى الهيئة الملكية لتطوير مكة والمشاعر المقدسة.
وأوضح أن موسم حج هذا العام، قدمت فيه صورة جديدة للإدارة والتقنية ساعدت في تسهيل وإنجاز إجراءات الحجاج وتفويج الحشود.
"الصحة" تنفي تسجيل أي حالات وبائية بين الحجاج
أعلنت وزارة الصحة السعودية أنه لم تسجل أي حالات وبائية بين الحجاج، وذلك على لسان الوزير الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، وذكر الربيعة في تصريحات صحافية لـ"الشرق الأوسط"، أن الوزارة استعدت للتعامل مع درجات الحرارة العالية في موسم حج هذا العالم المتزامن مع شهر أغسطس/ آب بهدف التعامل مع حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس ومعالجتها، بزيادة الفرق الخاصة بذلك، مبينا أن مستشفيات الوزارة أجرت منذ اليوم الأول من شهر ذي الحجة الحالي أكثر من 70 عملية قسطرة قلبية، و17 عملية قلب مفتوح و6 حالات ولادة، كان آخرها الإثنين في عرفات.
وأوضح أن أنه لم يتم رصد أي حالات وبائية أو أمراض محجرية بين الحجاج، مؤكداً استعداد وزارته لحصرها حال إصابة أحد بها، مضيفاً أنهم يتواصلون مع المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية، لمعرفة ما إذا كانت هناك دول تعرضت لأوبئة استعداد لتوفير اللقاحات اللازمة لحجاجها وضمان سلامة بقية الحجاج.
وأشار الربيعة إلى أن الخدمات الطبية التي توفرها وتقدمها وزارة الصحة، تبدأ منذ أول يوم لوصول الحجاج إلى أرض المملكة، وتشمل الرعاية والعناية، ولا تتوقف عند هذا الحد، بل نجعل رحلة الحج للمرضى متواصلة بمرافقتهم ونقلهم عبر عربات الإسعاف، وتفويجهم إلى المشاعر المقدسة بطريقة مناسبة ورمي الجمرات نيابة عنهم تقديراً لأوضاعهم الصحية.
وبيّن الوزير السعودي أن أكثر من 1700 من فريق الوزارة الطبي والممارسين الصحيين، وعبر 12 مركزاً للمراقبة الطبية، يقومون بإجراء الفحوص الطبية عند دخول الحجاج عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية، ويتم وفقا للحاجة توزيع الأدوية الوقائية لذلك.
وأوضح الربيعة أن خطط الوزارة تتركز على تسخير الإمكانات وتجهيز المرافق الصحية بالمشاعر المقدسة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، والطرق كافة الواصلة بينها، علاوة على المنافذ، وتجهيز المرافق وتهيئة مستشفيات الوزارة التي تبلغ أكثر من 25 مستشفى، وبأكثر من 5 آلاف سرير، منها 500 سرير عناية مركزة، و500 سرير طوارئ، وتنتشر وفق حديث الربيعة 155 مركزا صحيا.
وتطرق الوزير الربيعة إلى أن الكوادر البشرية العاملة في الحج من وزارة الصحة، بلغت أكثر من 30 ألف شخص ما بين موظفين وأطباء وفنيين وممرضين وإداريين، وبعض الأقسام الوظيفية الأخرى ذات العلاقة المتواجدة بالمشاعر المقدسة، وفرق في مجالات العلاقات والترجمة مؤهلة تأهيلا فنيا قادرا على مواجهة ضغوطات العمل الكبرى.
وقال الربيعة من مشعر عرفات، إن هناك أكثر من 100 فرقة راحلة بين الحجاج، تعمل على الطوارئ والاستعداد المباشر لتقديم الخدمات العلاجية والاستشارات الطبية، ما يمكّن الوزارة ومنسوبيها من الفرق الطبية من تحقيق أقصى غايات الجودة في الخدمة.
بنتن يعلن نجاح التقنية في خدمة الحجاج
وأكد الدكتور محمد صالح بنتن، وزير الحج والعمرة، أن منشأة جسر الجمرات لها طاقة استيعابية محددة، مشيراً إلى أهمية تحديد أوقات معينة للحجاج، مؤكداً أنها عملية حسابية ليست بالسهلة، لكنها دقيقة، وأن الوزارة أكملتها بجدول تفويج سيوفر الراحة والأمان والانسيابية لجميع الحجاج في حال التزامهم بالجداول؛ حفاظاً على حياتهم وحياة الآخرين.
وأشار الدكتور بنتن، إلى الأثر الكبير الذي حققته التقنية في الكثير من المجالات، ومنها تسهيل انسيابية الحجاج في المطارات ووصولهم لمشعرَي عرفات ومنى عبر مزدلفة، مبينا أن "المسار الإلكتروني" يعدّ جدولا إلكترونيا متكاملا لجميع الحجاج من جميع الفئات الذين قدموا لموسم حج هذا العام، وجرى الاعتماد عليه هذا العام في إصدار التأشيرات للحجاج، وتسجيل جميع الخدمات التي يحتاجون إليها بدءا من الرحلة التي سيصل عليها الحاج، وكذلك مسكنه وتنقلاته.
وكشف عن استخدام التقنية أيضا في مسار "الحافلات الإلكتروني"، مؤكدا وجود أكثر من 18 ألف حافلة تملك مسارا إلكترونيا تتم معرفة مكانها ووقت وصولها للأماكن المتوجهة لها، ومعرفة الحجاج الذين سيركبون فيها، وتم تزويد موظف وزارة الحج بتطبيق يساعده في ترجمة ما يحتاج إليه الحجاج غير الناطقين بالعربية من إرشاد أو خدمات أو توجيه.
أرسل تعليقك