حذَّرت الأمم المتحدة مساء الخميس، من أن يستخدم تنظيم "داعش" المدنيين دروعا بشرية في معركة تحرير الموصل. وقالت في بيان: إننا "نستعد لواحدة من أكبر جهود الإغاثة الإنسانية وأكثرها تعقيدا في العالم خلال المعركة المرتقبة الرامية لطرد مسلحي "داعش" من مدينة الموصل شمال العراق".
وأضافت المنظمة الدولية في بيانها تقول: "الأمر قد يؤدي إلى تشريد ما يصل إلى مليون شخص فرارًا من القتال الذي ربما سيستخدم فيه المدنيون دروعا بشرية أو يتعرضون لهجمات بأسلحة كيماوية".
ودعت واشنطن كلًا من أنقرة وبغداد إلى تهدئة التوتر القائم بينهما، لاسيما بعد سجال العنيف الذي وقع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدرالعبادي، فيما تتواصل الاستعدادات لتحرير مدينة الموصل من سيطرة داعش.
وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مساء الخميس: اننا "نعتبر أن كل القوات الدولية في العراق يجب أن تكون على اتفاق وتنسيق مع الحكومة العراقية، برعاية التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي". وأضاف تونر خلال مؤتمر صحفي له: "ندعو الطرفين إلى التركيز على مكافحة العدو المشترك، وهو تنظيم "داعش"، ومنع وقوع أي تصعيد، وأي أعمال يجب أن تجري مع احترام سيادة العراق وبموافقة حكومته".
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد قدمت طلبا إلى مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة لمناقشة وجود القوات التركية على الأراضي العراقية.
وأكدت منظمة "سايف ذي تشلدرن" (أنقذوا الأطفال) الإنسانية مقتل عشرات الأطفال أثناء محاولتهم الهروب من منطقة الحويجة شمالي العراق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
وقالت المنظمة ومقرها بريطانيا، في بيان الخميس: "في الأيام الأخيرة، عثر على عدد كبير من الأطفال أنفسهم بلا ماء، وتوفوا في مناطق وعرة (بسبب العطش) أو قتلوا في انفجار قنابل". وأضافت المنظمة أن أسرة من خمسة أفراد فقدت طفلين بسبب المتفجرات، ولم تتمكن من نقل جثتيهما خوفا من وجود ألغام أخرى في المنطقة التي قضيا فيها.
أكد الناطق باسم البنتاغون، جيف ديفيس، أن "العراق دولة ذات سيادة، وأي قوات على الأرض يجب أن تأخذ موافقة حكومته"، وكشف أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية أن "القوات التركية الموجودة قرب الموصل ليست جزءًا من التحالف الدولي"، داعيا "جيران العراق إلى احترام سيادته ووحدة أراضيه"، كما دعا بغداد وأنقرة إلى الحوار "للوصول إلى حل سريع لهذه المسألة والتركيز على عدوهما المشترك داعش، فعلى جميع الأطراف التنسيق بشكل وثيق لتوحيد الجهود في المعركة"، مشيرة إلى أن "على كل القوات الدولية التنسيق مع الحكومة، برعاية التحالف".
وكشف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالين، الخميس، أنه ليس لدى أنقرة أي أجندة سرية في العراق، رافضا اشراك ما "التنظيمات الإرهابية" في معركة تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش المتطرف، ومشيرًا إلى أن "معركة الموصل المرتقبة ربما تؤدي الى هجرة مئات الالاف من سكانها"، مضيفاً انه "نرفض بشدة اشراك التنظيمات المتطرفة مثل (PYD)، و(BKK) في معركة تحرير الموصل، نحن نعمل جنبا الى جنب لحل الازمة العراقية بشكل دبلوماسي وسياسي"، مستدركاً القول "لكننا لا نقبل أي حملات تقاد ضد الرئيس رجب طيب اردوغان".
واشار كالين ، الى ان "اولئك الذين يعتقدون خلاف ذلك إما لديهم سوء نية أو يقعون تحت ضغط وهم كبير" مشيرا الى ان وجود القوات التركية في معسكر بعشيقة قرب الموصل هدفه تلبية الاحتياجات الامنية للمعسكر والذي يقع بالقرب من الاشتباكات المسلحة"، معربًا عن قلق بلاده من ارتكاب خطأ في العملية العسكرية المقررة لتحرير مدينة الموصل شمالي العراق من سيطرة داعش والتي قد تؤدي الى نزوح الآلاف من الناس والحاق الضرر في الحرب الجارية ضد داعش اضافة الى اثارت مشاكل جديدة في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني"، وموضحًا أن "أنقرة وبغداد تجريان مفاوضات بشأن وجود القوات التركية في العراق" متهما "بعض الجهات بخلق توترات بين البلدين".
ودعا وزير الخارجية التركي تشاوش اوغلو الخميس الحكومة العراقية الى اشراك أهالي مدينة الموصل في عملية تحرير المدينة من سيطرة تنظيم "داعش"المتطرف، مشيرًا إلى أنه "لن نسمح بأي تغيير ديموغرافي في مناطق الموصل"، وفيما تتواصل الاستعدادات لمعركة تحرير الموصل وطرد تنظيم "داعش" من المنطقة برمتها، ذكرت مصادر عراقية أن "طلائع من الحشد الشعبي وصلت إلى حدود قضاء شيخان، شمالي الموصل، بهدف المشاركة في عملية استعادة الموصل"، وتعتبر مشاركة الحشد الشعبي في المعركة مثيرة للجدل، وترفضها القوى السنية، التي تقول انها ارتكبت "انتهاكات في معارك سابقة في تكريت والرمادي والفلوجة".
وأعلنت عدة فصائل مشاركتها في العملية إلى جانب القوات العراقية وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ويتشكل الركيزة الأساسية للقوات المشاركة في العملية من القوات العراقية وقوات جهاز مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى فرقة "الرد السريع"، التي أعلن قائدها اللواء ثامر الحسيني، أن قواته ستشارك في معركة تحرير الموصل المرتقبة بثلاث ألوية قتالية، وتعد فرقة الرد السريع تشكيل رسمي ضمن تشكيلات الشرطة الاتحادية، كما سيشارك في العملية "الحشد الوطني" بزعامة محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، ويتألف هذا الحشد من مقاتلين من عشائر سنية.
وعززت قوات البيشمركة وجودها الميداني في جميع المحاور المحيطة بمدينة الموصل مع اقتراب موعد انطلاق المعركة المرتقبة لتحرير المدينة، كما أبدى حزب العمال الكردستاني جاهزيته للمعركة، وعلى ضوء الاستعدادات الكبيرة هذه، أغلق مسلحي تنظيم "داعش" الجسور الخمسة التي تربط جانبي الموصل ببعضهما البعض ومنع عبورها حتى على المشاة، وقال مسؤول اعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل سعيد مموزيني في حديث صحفي، ان "البدء بعملية تحرير الموصل بات قاب قوسين او ادنى، وأن الاستعدادات مكتملة وقوات البيشمركة والقوات العراقية على أهبة الإستعداد للتنفيذ"، مشيرًا إلى أنه بسبب ذلك فإن "المتطرفين يقومون بالتدابير تحسباً لبدء الهجوم وخوفاً من اقتحام المدينة"، موضحا ان "من هذه التدابير غلق جسور الموصل الخمسة التي تربط الجانبين ببعضهما وكذلك منع مرور المشاة على الجسور المذكورة".
وتابع مموزيني ان "الإعتقاد السائد حول غلق الجسور هو ان المتطرفين منعوا المرور على الجسور وذلك بهدف تفخيخها وتفجيرها عند هزيمتهم وانسحابهم من المدينة وعرقلة القوات الزاحف نحوها"، مضيفًا أن "تنظيم داعش اعلن حظر التجوال للمركبات والراجلة في احياء وازقة المدينة وشوارعها من الثامنة مساءً وحتى الخامسة فجراً"، ومشيرًا إلى أن "وجود نشاط غير مسبوق للشاحنات الكبيرة في المدينة وهي محملة بالمسلحين والأعتدة والسلاح وذلك في مؤشر واضح على الاستعدادات التي يجريها التنظيم لمواجهة الحملة العسكرية".
أرسل تعليقك