عاد محمد السعيد، الوزير المستشار المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية، في مؤتمر صحافي عقد أمس بالعاصمة، إلى «قضية الوثائقي المسيء» الذي بثته الفضائية الفرنسية «فرانس 5» منذ قرابة شهر، والذي دفع الجزائر إلى سحب سفيرها من باريس، إذ هاجم «لوبيات عقائدية وآيديولوجية في فرنسا تحمل حقداً تاريخياً للجزائر لأنها لم تتجرع مرارة استقلالها عن فرنسا»، مشيراً إلى أن «هذه اللوبيات تتحرك كلما حدث تقارب بين الجزائر وفرنسا بغرض إفساد العلاقة بينهما، وضررها بمصلحة فرنسا أكبر من ضررها بالجزائر، ونحن لها بالمرصاد، ولن يتحقق أي من أهدافها بالجزائر».
وقال محمد السعيد إن «العلاقة مع فرنسا جيدة، وقد تم الاتفاق على مراعاة المصلحة المشتركة»، في إشارة إلى محادثات هاتفية بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون جرت مطلع الأسبوع الحالي، وتناولت «أزمة الوثائقي» الذي تعاطى مع الحراك الشعبي بطريقة أغضبت الجزائريين.
وتابع محمد السعيد موضحاً: «السيد ماكرون يحمل نوايا طيبة تجاه الجزائر، ورئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يكن له الاحترام والتقدير».
وكانت الجزائر قد استدعت سفيرها صالح لبديوي بـ«غرض التشاور» بعد هذه الحادثة، من دون أن يكون للقضية تبعات سياسية. وقد أوضحت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية بهذا الخصوص أن حرية الصحافة في فرنسا «تحميها القوانين»، وأكدت أن سلطات البلاد «لا وصاية لها على وسائل الإعلام».
وبخصوص موقف الجزائر من «إعلان القاهرة»، بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا، قال الناطق باسم الرئاسة إن الجزائر «ترحب بكل مبادرة تهدف إلى حقن دماء الليبيين، وهي تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، انطلاقاً من كونها تؤدي دور وسيط لا ينحاز لأي طرف، بعكس من يبني موقفه على حسب نتائج التطورات العسكرية في الميدان».
وأضاف موضحاً: «نحن نسعى جاهدين لتخليص الليبيين من المحنة التي تداخلت فيها قوى أجنبية لا تفكر ربما في مصلحة الشعب الليبي. أما نحن فنفكر في مصلحته قبل كل شيء».
ومن جهة أخرى، استنكر محمد السعيد «استفزاز مشاعر الجزائريين في دينهم» إثر نقاش خبراء وسياسيين وناشطين بالمجتمع المدني في فضائيات خاصة، تطرق إلى مسألة «الإسلام دين الدولة» في مشروع تعديل الدستور الجاري طرحه منذ مدة، ومطالبات بحذفها من الدستور، بذريعة وجود مواطنين جزائريين يدينون بعقائد غير إسلامية. وقال حول القضية إن الشعب الجزائري «مسلم، أمس واليوم وغداً، وإلى يوم الدين. والمتخصصون في إثارة البلبلة والفتن يريدون صرف النظر عن بناء الديمقراطية الحقة، لكن هذا لن يتحقق لهم أبداً».
وأبرز محمد السعيد أن الأمر فيما يخص وثيقة التعديل الدستوري «لا يتعلق أبداً بالخوض في مسألة مكونات الهوية في مسودة الدستور التي أكد رئيس الدولة في أكثر من مناسبة أنها خارج دائرة النقاش، وطوى هذا الملف»، في إشارة إلى رفض قطاع من الجزائريين أن يحتفظ الدستور الجديد المرتقب بالأمازيغية لغة وطنية ورسمية، بجانب العربية.
ومن جهة ثانية، أكد محمد السعيد أن بلاده طالبت برحيل قنصل مغربي، عاد إلى بلاده الخميس الماضي، لأنه «تجاوز حدود اللياقة والأعراف الدبلوماسية» بسبب تصريحات له أثارت استياء بالغاً محلياً، وصف فيها الجزائر بـ«البلاد العدوة». وقال إن بوطاهر أحرضان، قنصل المغرب بمدينة وهران، بغرب البلاد «غادر فعلاً الجزائر في طائرة حملت رعايا مغاربة» كانوا مقيمين بوهران، وطلبوا العودة إلى بلادهم في ظل أزمة «كوفيد-19».
وأوضح المسؤول بالرئاسة الجزائرية أن الجزائر «تدعو المغرب إلى رفع مستوى أدائه فيما يخص العلاقات الثنائية، وهي حريصة على الحفاظ عليها، ومنها الروابط بين الشعبين الشقيقين».
من جهة ثانية، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية، أمس، أن الرئيس يدرس حالياً طلباً للإفراج عن بعض المسجونين من نشطاء الحراك الشعبي؛ تقدم به سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد» المعارض. وأكد الوزير في مؤتمر صحافي، أمس، أن طلب الإفراج عن المساجين من «ثمرة الحوار»، وأن رئيس الجمهورية قد وعد بدراسة هذا الطلب «في إطار الاحترام الكامل والصارم لصلاحياته الدستورية وحرصه التام على احترام استقلالية العدالة».
كما استقبل الرئيس الجزائري، أمس، السفيرة الألمانية لدى الجزائر أولريوك ماريا كنوتز، حسبما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية، أشار إلى أن تبون بحث مع السفيرة الألمانية العلاقات الثنائية، والوضع في المنطقة، وبصفة خاصة التطورات في ليبيا.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ماكرون يخرج عن صمته بشأن عنف الشرطة والتصرفات العنصرية في صفوفها
فرنسا تطالب إيران مجدداً بالإفراج عن أكاديمية فرنسية من أصل إيراني
أرسل تعليقك