فيما طلبت السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا من الأمم المتحدة نشر التقرير، الذي أعدته لجنة من خبرائها بشأن «المزاعم الخاصة بوقائع رشاوى مالية في ملتقى الحوار السياسي»، الذي رعته المنظمة الدولية مؤخرا في جنيف، دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق المنتهية ولايتها في العاصمة طرابلس، كل قطاعات الحكومة إلى «عدم التعامل» مع مسؤولي السلطة الجديدة قبل حصولهم على ثقة مجلس النواب، في مؤشر جديد على وجود خلافات بين الطرفين.
وطلب السراج في منشور رسمي، أصدره أمس، من الوزراء ورؤساء الهيئات والمؤسسات والأجهزة الإدارية، وكذا المصالح والشركات العامة، وما في حكمها «بضرورة الالتزام بضوابط العمل داخل المؤسسات العامة، ومنع التواصل مع القيادات السياسية المنبثقة عن الحوار الوطني، قبل اكتسابها شرعية العمل السيادي، بما فيها عقد الاجتماعات واللقاءات دون إذن».
وبعدما أكد احترامه «لمخرجات العملية السياسية القائمة لانتقال السلطة وتوحيدها»، أدرج السراج قراره المفاجئ في إطار الحرص على «انتظام سير العمل في الجهات العامة بمختلف مستوياتها، بما يكفل حُسن الأداء، وضمان القيام بالمسؤوليات والواجبات، خدمة للوطن والمواطن، والنأي بالمؤسسات والجهات العامة عن التأثر بالعملية السياسية القائمة قبل موعد الاستحقاقات المقررة». كما طلب السراج من مسؤولي الحكومة «الالتزام والتقيد بهذا القرار خدمة للصالح العام».
واعتبر أحد مساعدي عبد الحميد دبيبة، رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة الوحدة الجديدة، منشور السراج بمثابة «إعلان حرب» على الحكومة الجديدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم تعريفه، إن «السراج يؤكد بهذا الموقف عداءه غير المبرر للحكومة، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزامه بعملية تسليم السلطة بشكل رسمي وسلمي، بعد حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب».
ويأتي موقف السراج المعادي لدبيبة، بعد أيام فقط من اجتماع سري، جرى بينهما في طرابلس للاتفاق على خطوات تسليم السلطة في المرحلة المقبلة.وكان خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة الوفاق، قد اعتبر قبل يومين فقط أن «مسؤولي السلطة الجديدة ليسوا سوى مواطنين عاديين بانتظار جلسة مجلس النواب لمنحهم الثقة».
إلى ذلك، دعا بيان مشترك صدر عن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ودبيبة اللجنة الأممية إلى نشر تحقيقها في مزاعم عرض رشاوى مالية خلال ملتقى الحوار السياسي، وأكدا «التزامهما المُطلق بما ورد في تعهداتهما المكتوبة والشفوية بشأن مكافحة الفساد، ومنع الفاسدين ومحاربتهم بكل الوسائل القانونية والقضائية». كما تعهدا بعدم السماح «بتولي أي مسؤولية لكل من تورط في الفساد، ومنع المعرقلين من استغلال الظروف الراهنة لإفشال نتائج الحوار، وتعطيل مسيرة المصالحة».
ورحب دبيبة في بيان له، مساء أول من أمس، عقب لقائه بالأمين العام المساعد ومنسق البعثة الأممية في ليبيا، ريزدون زينينغا، بتشجيع البعثة الأممية على انعقاد جلسة منح الثقة للحكومة في مواعيدها المحددة، وترحيبها بالاستعدادات اللوجيستية والأمنية لعقد جلسة النواب بمدينة سرت.في غضون ذلك، بدأ أمس رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، زيارة مفاجئة إلى القاهرة، تزامنا مع زيارة يقوم بها منذ يومين أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق، الذي سيعلن لاحقا عن توحيد المؤسسات الحكومية في شرق وغرب البلاد، عقب مفاوضات ماراثونية قادها مؤخرا.
بدوره، أبلغ عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد، مسؤولين محليين لدى اجتماعه بهم، مساء أول من أمس في مدينة بنغازي بـ«ضرورة الاستعداد للتسليم للحكومة الجديدة، حال منحها الثقة من قبل مجلس النواب». مؤكدا استعداده للمثول أمام أي جهات للتحقيق. كما شدد على ضرورة الإسراع في إتمام الإجراءات المتعلقة بجرد الأصول الثابتة والمنقولة، وجميع الإجراءات الإدارية والمالية تمهيداً لإجراء التسليم.
من جهته، قال أوليفر أوفتشا، سفير ألمانيا لدى ليبيا، إنه أجرى أمس، ما وصفها بمحادثة مفتوحة وبناءة مع أعضاء مجلس النواب في طرابلس، تضمنت مناقشة عملية الانتقال السياسي الجاري، والدور الحاسم للبرلمان الآن، مؤكدا على ما وصفه بـ«الفرصة الكبيرة» لمجلس النواب لجمع الشمل، ودعم رغبة الليبيين في الوحدة والمصالحة.
على صعيد آخر، وصل أمس فريق يضم عشرة أشخاص، هم طليعة من المراقبين الدوليين، إلى العاصمة طرابلس للإعداد لمهمة الإشراف على وقف إطلاق النار المطبق في ليبيا منذ أشهر، والتحقق من مغادرة المرتزقة والجنود الأجانب المنتشرين في البلاد. كما تعتزم ألمانيا إرسال سفينة إلى البحر المتوسط في نهاية هذا الأسبوع لتنضم مجددا إلى بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
ويفترض أن يزور المراقبون مدينة سرت، ومصراتة (الغرب)، وبنغازي (الشرق). ومهمة هذه البعثة التي يفترض أن تستمر خمسة أسابيع هي التحضير لنشر مراقبين لاحقاً في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار، علما بأنه يفترض أن تقدم هذه البعثة تقريرا إلى مجلس الأمن في 19 من الشهر الجاري عن وقف إطلاق النار، ورحيل آلية مراقبة القوات الأجنبية.
قــــــــــــد يهمـــــــــــــــــك ايضـــــــــــــــــــــــــــــــــــا
أرسل تعليقك