تغييرات محتملة في الخريطة السياسية العراقية بعد قرار مقتدى الصدر
آخر تحديث GMT07:52:07
 العرب اليوم -

تغييرات محتملة في الخريطة السياسية العراقية بعد قرار مقتدى الصدر

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - تغييرات محتملة في الخريطة السياسية العراقية بعد قرار مقتدى الصدر

زعيم "التيار الصدري" في العراق مقتدى الصدر
بغداد - العرب اليوم

رغم استقرار الخريطة السياسية العراقية على تحالفين عابرين للعرقية والطائفية («الثلاثي» بزعامة مقتدى الصدر، و«الثبات الوطني» بزعامات متعددة)، لا يزال الصدر، الذي تصدرت كتلته نتائج الانتخابات المبكرة أواخر العام الماضي، الوحيد القادر على فرض خياراته على الجميع. ففي العام الماضي، وقبيل إجراء الانتخابات، قرر الصدر الانسحاب من المشاركة فيها، والتزم نواب كتلته بقراره وأعلنوا المقاطعة وعدم اللجوء إلى الدعاية الانتخابية. ولأن القوى السياسية العراقية تدرك أن مقاطعة الصدر أمر من الصعب تحمل نتائجه على مجمل العملية السياسية، فقد بدأت حراكاً سياسياً شارك فيه الجميع، من أجل إقناع الصدر بالعدول عن المقاطعة. لكن الصدر، المعروف بعناده، أجبر الجميع على توقيع وثيقة سياسية تعهدوا فيها بإجراء انتخابات نزيهة والالتزام بنتائجها.وعاد الصدر حينها إلى المشاركة في العملية الانتخابية التي كانت تحضيراتها ودعايتها قد أوشكت أن تنتهي، وجاءت نتائجها مطابقة لتوقعاته، حيث حصلت كتلته على المرتبة الأولى (75 نائباً من مجموع أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً).

وبعد ظهور النتائج، سرعان ما بدا أن هناك تغييراً محتملاً في الخريطة السياسية العراقية، لا سيما مع تبني الصدر مفهوم الأغلبية الوطنية. وفي السياق نفسه، فإن البيت الشيعي انقسم انقساماً حاداً بعد ظهور النتائج. فهذا البيت كان يمثله «الإطار التنسيقي» الذي كان يضم التيار الصدري قبل انسحابه منه، لتبقى القوى التي تمثله هي نفسها التي رفضت نتائج الانتخابات، وهي «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، «الفتح» بزعامة هادي العامري، «العصائب» بزعامة قيس الخزعلي، «الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، «النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«عطاء» بزعامة فالح الفياض، وتحول الخلاف إلى مواجهة حادة بين أنصار خيار حكومة الأغلبية الذي يتبناه الصدر، وخيار الحكومة التوافقية الذي تتبناه قوى الإطار التنسيقي.

التطورات المتلاحقة للمشهد السياسي، بما في ذلك اعتراضات قوى الإطار التنسيقي التي استمرت على شكل تظاهرات حاشدة على مدى شهور عدة، ومحاصرة المنطقة الخضراء من جهتين وقطع الطرق المؤدية إليها، لم تؤتِ أكلها على صعيد خطة الإطار التنسيقي، التي تقوم على عودة الصدر إلى البيت الشيعي، وتحديد الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً من نواب الشيعة فقط، كونهم (أي الشيعة) الأغلبية السكانية ونوابهم هم الأغلبية البرلمانية.لكن الصدر الذي أنشأ تحالفاً مع الكرد والسنة («تحالف السيادة» السني بزعامة محمد الحلبوسي، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني) كسر هذا العرف، عبر إصراره على أن يكون التحالف الثلاثي الذي يضم شيعة وسنة وكردا هو من يشكل الكتلة الأكبر ويختار رئيس الوزراء القادم.

وذهب الصدر إلى ما هو أبعد من ذلك، حين رشح ابن عمه ونجل أحد أهم مراجع الشيعة ومفكريهم، محمد باقر الصدر (أعدمه صدام حسين عام 1980)، وهو جعفر الصدر (السفير الحالي للعراق في المملكة المتحدة)، مرشحاً لرئاسة الوزراء. وكان منطلق الصدر في ذلك أن من الصعوبة على إسلاميي الإسلام السياسي الشيعي الذين يدينون لأفكار الصدر الأول ومنهجه، فضلاً عن تأسيسه «حزب الدعوة الإسلامية» أواخر خمسينيات القرن الماضي، رفض ترشيح نجل مرجعهم الأكبر. لكن، عملياً، رفضت قوى الإطار التنسيقي مرشح الصدر بدعوى أن أي مرشح، بمن في ذلك جعفر الصدر، لا بد أن يأتي عبر الكتلة الشيعية الأكبر، وهو ما يرفضه الصدر، بينما لا يزال الإطار التنسيقي يتبناه.

وكان يمكن للصدر أن يمضي في تحالفه الثلاثي، ذي الأغلبية البرلمانية الواضحة، في تشكيل الحكومة والمضي في تشريع القوانين داخل البرلمان، لولا العرف الخاص بتوزيع الرئاسات الثلاث على المكونات. وحيث إن منصب رئيس الجمهورية من حصة الكرد، فإن الخلاف الحاد بين الحزبين الكرديين («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني») أعاق عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذ أن منصب رئيس الجمهورية يتطلب أغلبية الثلثين (220 نائباً)، وهو رقم يصعب الوصول إليه من دون توافق. ولكون الحزبين الكرديين أصبح كل منهما عضواً في تحالف شيعي («الديمقراطي الكردستاني» عضو في تحالف الصدر، و«الاتحاد الوطني» عضو في تحالف الإطار التنسيقي) فإن هذا الأمر جعل تحالف الصدر عاجزاً عن الوصول إلى الرقم المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية، بسبب امتلاك قوى الإطار التنسيقي الثلث المعطل.

وحيال كل هذه التطورات، جاء قرار الصدر الأخير الذي تضمن خيارين أحلاهما مر، وهما إما ذهابه إلى المعارضة، أو الانسحاب من البرلمان تماماً وتقديم نوابه استقالاتهم. وفي حال اختار الصدر أياً من الخيارين، فإن الخريطة السياسية سوف تتغير، لأنه في حال أرادت القوى السياسية تشكيل الحكومة من دونه، فإنه لم يعد هناك تحالف ثلاثي أو إطار تنسيقي. وفي هذه الحالة سوف يتم رسم خريطة جديدة تبتعد عن طريق التوافق. وفيما تتمكن قوى الإطار التنسيقي من ترشيح رئيس وزراء من بين أعضائها كونها الكتلة الأكبر، فإن الكرد، في حال لم يتوصل الحزبان الكرديان إلى اتفاق بشأن مرشح واحد لمنصب رئيس الجمهورية، سوف يكررون سيناريو 2018، حين دخل الحزبان بمرشحين اثنين لمنصب رئيس الجمهورية.

أما في حال قرر الصدر الانسحاب من العملية السياسية، فإن نوابه الـ75 لا بد أن يحل محلهم 75 نائباً قد لا يكونون من نفس الكتلة الصدرية، وهذا يعني تغييراً آخر في الخريطة السياسية يصعب احتمال ما قد يترتب عليه. فالصدر، إذا انسحب من البرلمان فإنه لم ينسحب من الشارع، وفي هذه الحالة فإن الخيارات تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، وهو ما تدركه كل القوى السياسية، التي تعرف أن من الصعب بقاء الصدر خارج أي تشكيلة حكومية، مهما كان الثمن.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مقتدى الصدر يلوّح بالانسحاب من البرلمان العراقي في رسالة ضغط على خصومه

مقتدى الصدر يُهدد بـ«استقالة» نوابه من البرلمان العراقي

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغييرات محتملة في الخريطة السياسية العراقية بعد قرار مقتدى الصدر تغييرات محتملة في الخريطة السياسية العراقية بعد قرار مقتدى الصدر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab