بينما أكدت شخصيات من عالم السياسة والوسط القانوني والحقوقي في الجزائر أن انتخابات الرئاسة، المقررة نهاية العام، "لن تحقق الانتقال الديمقراطي المنشود"، خرج طلاب الجامعات، أمس الثلاثاء، في مظاهرات للمطالبة، مجددًا، بـ"تغيير جذري للنظام"، كما رفضوا "الانتخابات التي تنظمها العصابات"، وهاجموا المترشحين لها، الذين اشتغل غالبيتهم مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وأصدرت 20 شخصية، معظمهم يعارضون سياسات السلطة، بيانًا، أمس، تم توزيعه على نطاق واسع، تضمن 7 شروط، يرونها ضرورية قبل التوجه إلى الانتخاب المرتقب في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويتعلق الأمر، حسب الوثيقة، بـ"الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي برحيل رموز النظام، والقضاء على منظومة الفساد بكل أشكاله"، و"إطلاق سراح معتقلي الرأي فورًا، ومن دون شروط، من الشباب وطلاب الجامعات ونشطاء الحراك"، علاوة على "احترام حق التظاهر السلمي المكفول دستوريًا، وعدم تقييد حرية العمل السياسي"، و"الكف عن تقييد حرية التعبير، لا سيما في المجال السمعي البصري العمومي والخاص"، و"رفع التضييق على المسيرات الشعبية السلمية، وفك الحصار عن العاصمة"، و"إيقاف المتابعات والاعتقالات غير القانونية ضد الناشطين السياسيين"، و"دعوة كل الأطراف المؤمنة بهذه المطالب إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول".
وظهرت على الوثيقة أسماء رئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور، ووزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي، ووزير الإعلام الناطق باسم الحكومة سابقًا عبد العزيز رحابي، إضافة إلى وزير التعليم السابق علي بن محمد، وشيخ الحقوقيين، التسعيني، المحامي علي يحيى عبد النور، ومحامي المعتقلين السياسيين عبد الغني بادي، علاوة على أساتذة بالجامعة عرفوا بانخراطهم في الحراك الجاري منذ ثمانية أشهر.
ومما جاء في البيان أن السلطة "لم تجد من سبيل للخروج من أزمتها المزمنة إلا محاولة المرور بالقوة نحو الانتخابات عن طريق التضليل باسم الشرعية الدستورية في فرض قبضتها الحديدية، وتأكيد وصايتها الأبدية على الشعب، من خلال تشكيل لجنة صورية للحوار لتمرير خريطة طريقها دون حوار حقيقيّ، والنتيجة هي تشكيل سلطة وطنية مستقلة للانتخابات، دون توافق مسبق مع الفاعلين السياسيين ونخب المجتمع، حيث ضاعت الاستقلالية تحت وطأة التعيين العلني المفضوح لأعضائها، وكان من الأصوب أن يُسند أمر استدعاء الهيئة الناخبة لهذه السلطة، لو كانت فعلًا توافقية مستقلة".
وقال أصحاب الوثيقة أيضًا: "ليس من مسؤولية الحراك الشعبي أن يعطي حلولًا سياسية جاهزة للانتقال من عهد طال أمده، إلى عهد تعسرت ولادته، بل يتمثل دوره الأساسي في تغيير موازين القوى ميدانيًا، لتمكين نخب المجتمع، من أحزاب سياسية ونقابات وجمعيات وشخصيات، من تقديم تصور شامل عن منظومة حكم جديدة، تقوم على احترام سيادة الشعب في اختيار ممثليه لتسيير شؤون الدولة والمجتمع".
وفي سياق حركة الاحتجاج التي تعيشها البلاد منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، نظم طلاب الجامعة، أمس، للأسبوع الـ34، مظاهرات بالعاصمة وبالمدن الكبرى، طالبوا فيها بالإفراج عن زملاء لهم اعتقلتهم قوات الأمن الأسبوع الماضي، وجرى اتهامهم بـ"المس بالنظام العام". لكن وعلى خلاف الأسبوع الـ33، لم تتصد قوات الأمن للاحتجاجات. غير أنها أحاطتها بشكل صارم لمنعها من الوصول إلى المقرات والمباني الرسمية.
من جهته، حذر قائد الجيش، أمس، أثناء وجوده بمقر قيادة القوات البحرية بالعاصمة "كل من يحاول أن يضع العراقيل أمام المسار الانتخابي المصيري، ويحاول يائسًا أن يشوش على وعي الشعب الجزائري، واندفاعه بقوة وإصرار على المشاركة المكثفة في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وقال مراقبون إن تصريحات قايد صالح بمثابة رد على موقف "الشخصيات الـ20" من الانتخابات، وذلك بالإصرار على تنظيمها في التاريخ الذي حدده هو.
وأكد الجنرال صالح أن "الشعب يرى، وهو على حق، بأن خلاص الوطن يكون عن طريق أبنائه المخلصين والأوفياء، بحيث لا يسمح لهذه الأقلية عديمة الوطنية أن تمتطي صهوة الكذب والتغليط، وتعمل على تمويه الحق بالباطل، معتقدة أن ذلك سيسمح لها مرة أخرى بمخادعة الجميع، وهي لا تدري أنها تخادع نفسها فقط. هذه العصابة التي سلط عليها الشعب الجزائري الواعي والمخلص أقسى عقوبة من خلال عزلها ونبذها". ويفهم من كلامه عن "الأقلية" أن المعنيين هم نشطاء الحراك، الذين يعارضون مسعى الانتخابات، بحجة أنها "ستفرز رئيسًا على مقاس الجيش".
قد يهمك أيضًا
الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقبلة تنذر باحتمال إعادة إنتاج نظام بوتفليقة
تزايُد حدة الصراع بين الحراك الشعبي الجزائري وقائد الجيش قايد صالح
أرسل تعليقك