كشف قائد عمليات دجلة، الفريق الركن مزهر العزاوي، الأربعاء، عن عملية عسكرية استباقية واسعة من عدة محاور لتطهير قرى حوض سنسل وحوض الزور وشروين، شمال شرقي المحافظة من عناصر "داعش" والخلايا النائمة، في وقت صرَّح فيه وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان بأن بلاده ستواصل التزامها ضد تنظيم "داعش" في سورية والعراق في عهد الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون.
وذكر مزهر العزاوي، أن "قوات أمنية مشتركة من الجيش والشرطة واللواء 24 من الحشد الشعبي كذلك قوات من الحشد العشائري, انطلقت صباح الأربعاء، لتنفيذ عملية استباقية واسعة من عدة محاور لتطهير عدة قرى في حوض سنسل وحوض الزور وحوض شروين في أطراف قضاء المقدادية من الجهة الشمالية (شمال شرق ديالى) من عناصر داعش وخلاياه النائمة".
وأضاف أن "مدفعية الجيش والحشد الشعبي بدأت بقصف عدة أهداف تم تحديدها في القرى التي انطلقت العملية لتطهيرها تمهيدًا لدخول القوات الأمنية المشتركة إليها". مبيّنًا أن "العملية انطلقت بعد ورود معلومات استخبارية دقيقة تفيد بوجود أوكار ومعاقل لعناصر تنظيم داعش والخلايا النائمة في بساتين قرى سنسل وحوض الزور"، مشيرًا إلى أن "النتائج النهائية للعملية سيتم الإعلان عنها خلال الساعات المقبلة".
وأعلن قيادي في الحشد الشعبي صباح الأربعاء، انطلاق عملية عسكرية واسعة مشتركة لتطهير مناطق شمال شرقي ديالى من عناصر داعش والخلايا النائمة. وفي الشأن ذاته تواجه حكومة العراق ضغطًا كبيرًا من جانب الإدارة الأميركية للمباشرة في عمليات عسكرية في المناطق الغربية، على أن تقتصر المشاركة على قطع من الجيش العسكري وفصائل مؤلفة من عشائر عربية من أبناء الانبار، مع تركيز على ضرورة إبعاد قوات الحشد الشعبي عن هذه المعركة خشية تحالفها مع الحرس الثوري الايراني وحزب الله والجيش السوري.
وأبلغت مصادر عسكرية في دمشق أن العمليات باتجاه معبري التنف والبوكمال على الحدود مع الاردن والعراق ستستمر بصورة مكثفة، وأن قوات مجمعة من الجيش والحلفاء تعمل بغطاء جوي روسي لتجاوز مناطق واسعة في الصحراء، وتضع في حساباتها احتمال حصول مواجهات مع مجموعات مسلحة مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، ولا سيما العاملة تحت إمرة غرفة "الموك" في الاردن.
وجاء التحرك السوري غير المسبوق نحو عمق البادية، ووصول القوات إلى مفترق الطرق الواصلة بين دمشق وبغداد وتدمر، بالتوازي مع التصريحات العراقية المتكررة حول قرب انطلاق العمليات باتجاه الحدود، ليعزز الترقّب لعمليات واسعة محتملة قد تشهدها المنطقة التي بقي "داعش" مسيطراً عليها لسنوات طويلة. الاندفاع للتوسّع في تلك المنطقة على حساب التنظيم المشغول بالدفاع عن معاقله الرئيسية في المدن، تقيّده توازنات سياسية كبيرة، لأنّ من شأن أي صدام عسكري ليس "داعش" أحد أطرافه، أن يقود إلى معارك قد تمتد إلى جبهات بعيدة جغرافياً ومرتبطة من حيث الأطراف الدولية والإقليمية المعنيّة.
وقالت المصادر العسكرية في دمشق إن مجموعات من أبناء العشائر التي تعيش في دير الزور وشرقها وعلى طول الحدود مع العراق، تعمل مع القوات السورية الحكومية، وليس صحيحاً أن العشائر قررت الانتقال لتكون تحت إمرة الاميركيين وحلفائهم.
وأوضحت المصادر أن تنظيم "داعش" لم يعد يمكنه السيطرة على كل الصحراء، خصوصاً بعد خسائره في تدمر من جهة، وانشغاله ببناء خطوط دفاعية في محافظتي دير الزور والرقة، واستعداده الضمني لمواجهة مرتقبة مع الجيش السوري في بقية شرق حلب.
وفي موازاة ما يجري على الجانب السوري، بدا لافتاً إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "وضع خطة متكاملة لحماية الحدود العراقية ــ السورية"، وإشارته إلى "البدء بعمليات عسكرية واسعة شمال وجنوب بلدة الرطبة (غربي محافظة الأنبار)".
ويندرج إعلان العبادي في خانة السباق بين الأميركيين وأدواتهم من جهة، وقوى "محور المقاومة" من جهة أخرى، بغية بسط السيطرة على الحدود بين سوريا والعراق. وقد يميل إعلان العبادي باتجاه أن يصبّ في "الخانة الأميركية"، خاصة أنّ توقيته يناسب الأميركيين، إلى جانب أنّ القوات العراقية التي من المفترض أن تشارك بعيدة نسبياً عن "محور المقاومة"، ولن تشمل "الحشد الشعبي".
وتفيد المعلومات المتوافرة بأنّ عمليات غرب الأنبار يُفترض أن تنطلق نهاية الأسبوع الجاري، على أن تُسند مسؤوليتها إلى قيادة "العمليات المشتركة" بمشاركة قوات "الحشد العشائري"، التي من المفترض أن تصل إلى الحدود السورية بهدف السيطرة على محيط معبري التنف والقائم الحدوديين. أما "الحشد الشعبي"، فسيتولّى عمليات المناطق الواقعة غربي محافظة نينوى، على أن تلتقي القوات المهاجمة عند حدود محافظتي نينوى ــ الأنبار.
وتضيف المعلومات الخاصة أنّ العمليات العسكرية المرتقبة ، وإن انطلقت على صعيد المواقف، إلا أنها لم تبدأ فعلياً في الميدان، وهي بانتظار "اللمسات الأخيرة"، على أنّ جاهزية القوات باتت شبه منجزة، "بانتظار أمر العبادي الذي سيطلق تلك العمليات لما لها من دلالات في الحرب على الإرهاب". وبالتزامن، بحث وفد تركي عسكري أمني رفيع المستوى تطورات الوضع في سوريا والعراق، مع مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض، يرأسهم مستشار الأمن القومي هربرت رايموند ماكماستر.
وأكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في كوبنهاغن أن الولايات المتحدة ستشرك تركيا في العمليات العسكرية للسيطرة على معقل تنظيم "داعش" في سورية. بالمقابل صرّح وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان بأن بلاده ستواصل التزامها ضد تنظيم "داعش" في سورية والعراق في عهد الرئيس الجديد ايمانويل ماكرون. وقال لودريان "ستكون هناك استمرارية في الالتزام الفرنسي بالتحالف" الذي تقوده الولايات المتحدة كما أكد الرئيس المنتخب مساء الأحد، حسب مصادر في محيط وزير الدفاع. وبعيد إعلان فوزه، أكد ماكرون أن فرنسا "ستبقى في الصف الأول في مكافحة الارهاب، على أرضها وفي التحرك الدولي على حد سواء". وينتشر حوالي أربعة آلاف جندي فرنسي في منطقة الساحل و1200 آخرين في الشرق الاوسط في اطار مكافحة الارهاب.
وأضاف المصدر نفسه أن وزراء الدفاع في دول التحالف ضد التنظيم الجهادي أيضا مجتمعون في كوبنهاغن “اكدوا مجددا أولوية الرقة (معقل تنظيم داعش في سورية) في الأسابيع المقبلة". وتابع أن "المرحلة المقبلة هي السيطرة على الطبقة” التي استعاد تحالف من مقاتلين عرب وكورد تسعين بالمئة حتى الآن. وشن مقاتلو قوات سورية الديموقراطية في تشرين الثاني/نوفمبر هجومًا على الرقة بدعم جوي ولوجستي من واشنطن سيطروا منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي.
أرسل تعليقك