تشن القوات الروسية هجوماً واسعاً لاستعادة منطقة كورسك غربي روسيا، حيث سيطرت قوات أوكرانية على أجزاء واسعة منها في أغسطس، وذكرت العديد من التقارير أن كييف توشك على فقد موطئ قدمها في المنطقة، مع انسحاب قواتها من عاصمة المقاطعة، مدينة سودجا الاستراتيجية.
وأظهر مقطع فيديو، نشره مدونون روس ووسائل إعلام رسمية، جنوداً يقفون حاملين العلم الروسي في ساحة بوسط سودجا، وهي بلدة قريبة من الحدود الأوكرانية على طريق رئيسي تستخدمه أوكرانيا للإمدادات.
وقام موقع "ديب ستيت" الأوكراني، الذي يرسم خطوط المواجهة في الحرب، بتحديث خريطة ساحة المعركة لإظهار أن القوات الأوكرانية لم تعد تسيطر على سودجا. ومع ذلك، قال الموقع إن القتال مستمر على مشارف المدينة.
وتقع كورسك في غرب روسيا، على حدود منطقة سومي الأوكرانية. وفي السادس من أغسطس 2024، فجرت أوكرانيا إحدى أكبر مفاجآت الحرب عندما اجتاحت قواتها الحدود، وسيطرت على قطعة أرض قالت إن مساحتها بلغت 1376 كيلومتراً مربعاً (530 ميلاً مربعاً) في ذروتها، وتضمنت حوالي 100 بلدة وقرية.
ومنذ ذلك الحين، استعادت القوات الروسية وقوات من كوريا الشمالية، حليفة موسكو، معظم تلك الأراضي.
وكان قائد الجيش الأوكراني نفى هذا الأسبوع أن قواته محاصرة، وقال إنها تتخذ مواقع دفاعية أفضل، لكن المدوّن العسكري الأوكراني سكادوفسكي ديفيندر قال على "تيليجرام" إن "القوات الأوكرانية تغادر كورسك، لن يكون هناك أي جندي أوكراني هناك بحلول الجمعة".
وقال المدون الروسي المستقل رسلان ليفييف إن التوغل الأوكراني يقترب من نهايته.
وكانت الأراضي التي استولت عليها أوكرانيا جزءاً صغيراً من المساحة التي استولت عليها روسيا في أوكرانيا منذ عام 2014، والتي تُمثل حوالي خُمس مساحة البلاد.
لكن العملية منحت أوكرانيا أكبر مكاسبها منذ أواخر عام 2022، وعززت معنوياتها بشكل كبير؛ فبعد عامين ونصف من بدء الحرب، فاجأت أوكرانيا روسيا بشن غزوها الخاص.
وتحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عما سمّاها "استعادة العدالة"، واستعادة وعي المدنيين الرّوس بالحرب، والاستهزاء بمحاولات بوتين لوضع "خطوط حمراء" لردع الخصوم.
كما أملت أوكرانيا أن تُبطئ العملية تقدم روسيا في شرق أوكرانيا بإجبارها على تحويل قواتها للدفاع عن كورسك، على الرغم من أن هذا لم يحدث، وتسارعت مكاسب روسيا في الشرق.
وأخيراً، رأى زيلينسكي في كورسك "ورقة مساومة"، إذ قال في فبراير إن من الممكن مقايضتها بأراضٍ أوكرانية خاضعة للسيطرة الروسية.
وشكّل أول غزو للأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية إحراجاً لبوتين، الذي يضع نفسه ضمن الحكام الروس التاريخيين الناجحين عسكرياً.
وقلّل بوتين من شأن الأثر العسكري للتوغل الأوكراني، الذي وصفته موسكو في البداية بأنه عملية "إرهابية"، ورفض الانجرار إلى الوعد بتحديد إطار زمني لطرد الأوكرانيين.
ومنذ أواخر أكتوبر، بدأت القوات الكورية الشمالية بالوصول إلى منطقة كورسك للقتال إلى جانب روسيا بموجب اتفاقية دفاع مشترك أُبرمت قبل أشهر بين بوتين وحليفه كيم جونج أون.
لم يُقرّ بوتين قط بدورهم في ساحة المعركة، لكن أوكرانيا وحلفائها يقولون إن الكوريين الشماليين لعبوا دوراً فعالاً في القتال، وتكبّدوا خسائر فادحة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، الأحد، إن قواتها استعادت السيطرة على ثلاث بلدات أخرى في منطقة كورسك غرب روسيا.
وتدهور موقف أوكرانيا بشكل حاد في أعقاب قرار اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا الشهر بوقف المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، على الرغم من أن روسيا كانت تُبلغ بالفعل عن تقدم شبه يومي بحلول أواخر فبراير.
وتُخاطر أوكرانيا بفقدان جميع مكاسبها الأولية من عملية كورسك، من حيث الأرض والمعنويات والقدرة التفاوضية. كما قد تُعاني من خسائر فادحة إذا حوصر جنودها أو أُجبروا على الانسحاب تحت نيران كثيفة.
وستُفاقم الهزيمة في كورسك الضغوط على زيلينسكي بعد سلسلة من الضربات الموجعة التي تلقاها في الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك لقائه الكارثي في البيت الأبيض مع ترامب في 28 فبراير، وستُضعف موقفه في مفاوضات السلام المُحتملة.
وفي سياق متصل اجتمع وزراء دفاع دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا في باريس، الأربعاء، متعهدين بـ"اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الدفاع الأوروبي"، و"توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا"، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.
وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع: "في الوقت الحالي، هناك قرابة 15 دولة مهتمة بمناقشة هيكل أمني جديد لأوكرانيا"، فيما اعتبر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، أن مقترح وقف إطلاق النار لمدته 30 يوماً "خطوة صحيحة،، لكننا بحاجة إلى سلام طويل المدى".
وأعرب بيستوريوس، عن رغبة أوروبا بـ"شراء المزيد من المعدات الدفاعية، والقيام بذلك بشكل مشترك"، مشدداً على "الحاجة الماسة إلى توحيد إجراءات اعتماد المعدات العسكرية في أوروبا".
ودُعي وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف لحضور اجتماع تمهيدي لمناقشة المساعدات المقدمة لكييف، قبل عقد اجتماع آخر ركز على بناء القدرات الدفاعية الأوروبية.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية على منصة "إكس"، إن بريطانيا "تعمل بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى مع حلفائها الأوروبيين لتعزيز الأمن الجماعي، وضمان السلام العادل والدائم في أوكرانيا".
وأكد وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، أن "الدول الأوروبية تُكثّف جهودها عبر تعميق التعاون الدفاعي، وزيادة الإنفاق، وتعزيز القوة الجماعية".
وتابع: "نرسل رسالة واضحة: لن نتردد في الوقوف إلى جانب أوكرانيا والدفاع عن قيمنا المشتركة".
وخلال الأسابيع الماضية، تعاونت فرنسا وبريطانيا، وهما قوتان نوويتان، بشكل كبير لحشد الدعم الأوروبي لأوكرانيا في ظل المخاوف من سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأقل تشدداً تجاه روسيا.
واجتمع أكثر من 30 قائداً لجيوش دول غربية في باريس، الثلاثاء، سعياً لتحمل المزيد من المسؤولية في دعم أوكرانيا، فيما غابت الولايات المتحدة عن هذا الاجتماع.
والاجتماع الذي ضم 34 من رؤساء أركان الجيوش، بما في ذلك حلف شمال الأطلسي "الناتو" ودول الاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا، كان مغلقاً، فيما وصفته وكالة "رويترز" بأنه "اجتماع نادر، وربما غير مسبوق" بسبب عدم مشاركة الولايات المتحدة، الحليف الأقرب للدول الغربية.
وتهدف المحادثات إلى "تقييم الخيارات والقدرات لضمان أمن أوكرانيا في حالة وقف إطلاق النار"، بما في ذلك إمكانية "إرسال قوات حفظ سلام أوروبية"، و"الحفاظ على القوة العسكرية لكييف" على المدى الطويل.
وقال دبلوماسي أوروبي مشارك في المحادثات، إن "الرسالة السياسية هي أننا نستطيع أن نفعل ذلك معاً ومن دون الولايات المتحدة، لكن من الواضح أن هناك أشياء لا يمكننا القيام بها، والمشكلة مع روسيا هي أننا بحاجة إلى الردع"، مضيفاً أن "الاجتماع كان مخطط له مسبقاً".
اجتمع أكثر من 30 قائداً لجيوش دول غربية في باريس الثلاثاء لدعم أوكرانيا، فيما غابت أميركا عن الاجتماع، بعدما امتنع المنظمون عن توجيه الدعوة إليها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن الأسبوع الماضي أن باريس ستستضيف اجتماعاً لقادة الجيوش الأوروبية. وأضاف في خطاب إلى الفرنسيين أن بلاده "لديها الجيش الأكثر كفاءة وفعالية في أوروبا.. كما أن لديها أسلحة نووية يمكن استدعاؤها إذا لزم الأمر".
وقال مسؤول عسكري لـ"رويترز"، إن الولايات المتحدة لم تتم دعوتها، في إشارة مقصودة إلى أن أوروبا والشركاء الآخرين يمكنهم تحمل مسؤولياتهم، نظراً لأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب نأى بنفسه عن الحلفاء.
وذكر مسؤولون أن وجود دول مثل اليابان وأستراليا، وكلاهما يواجه أيضاً حالة من عدم اليقين من الإدارة الأميركية الجديدة، "يظهر شعوراً أعمق بعدم الراحة بين حلفاء واشنطن التقليديين".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
القوات الروسية تكبّد الجيش الأوكراني الخسائر وبلجيكا تدرس تزويد كييف بطائرات "إف - 16"
القوات الأوكرانية تُدمر قاعدة عسكرية روسية في شبه جزيرة القرم
أرسل تعليقك