دعا رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مواطني بلاده إلى التكاتف لمنع وقوع كارثة انهيار عسكري جديد تشبه ما حدث صيف 2014، هذا وتلقى العبادي، إتصالاً هاتفياً، من رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، وأكدا خلاله على احترام سيادة العراق وعدم التجاوز عليها.
وجاء حديث العبادي على هامش لقائه وفداً من أهالي منطقة المعامل، التي شهدت احتجاجات واسعة مؤخراً على سوء الخدمات، وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى أن المدن تعاني من نقص في الخدمات، وضعف في البنى التحية، وذلك نتيجة الإنفاق العسكري خلال السنوات الأخيرة.
وتعهد العبادي للعراقيين ببذل جهود كبيرة لتوفير الاحتياجات، ويأتي حديث العبادي في وقت شهدت فيه مناطق شمال البلاد وخاصة محافظة كركوك تصاعد الهجمات العنيفة التي يشنها تنظيم "داعش" ضد أهداف مدنية وأمنية.
اعتبر المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، أن "أي توغل أو عمل عسكري من أي دولة داخل الأراضي العراقية يعد خرقاً للسيادة وعملاً عدائياً مرفوضاً"، وقال الحديثي تعليقاً على تهديدات الرئيس التركي بالدخول إلى قضاء سنجار لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض، إن موقف حكومته الثابت ينطلق من مجموعة اعتبارات أساسية، يقف في مقدمتها "عدم السماح بوجود أي نشاط مسلح داخل الأراضي العراقية خارج إطار منظومته الأمنية والدفاعية وفي جميع أجزاء البلاد، ضمنها قضاء سنجار".
وشدد الحديثي على التزام بلاده في "منع استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للقيام بأعمال عدائية ضد دول الجوار ومنها تركيا، كما أننا حريصون على التنسيق مع دول الجوار فيما يتعلق بمواجهة التحديات الإرهابية"، مشيراً إلى أن "فرض الأمن مسؤولية القوات العراقية وجميع مناطق نينوى، ومنها قضاء سنجار والمناطق المتاخمة للحدود مع تركيا تحت سيطرة القوات العراقية، وهي المسؤولة عن فرض الأمن والاستقرار فيها".
ونفى الحديثي علمه بوصول مسؤول عراقي، الاثنين، إلى تركيا للتباحث بشأن مشكلة سنجار الناجمة عن وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي فيها. وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن الرئيس التركي قوله أمس، إن "مدير المخابرات التركي سيجتمع مع مسؤول عراقي (أمس)، لبحث العملية العسكرية العراقية في منطقة سنجار الشمالية، وإنهاء وجود المتمردين الذين أسسوا قاعدة هناك". وكرر إردوغان تهديده بالقيام بعملية عسكرية في سنجار، إذا فشل العراق في طرد مسلحي حزب العمال الكردستاني منها.
وكانت قيادة العمليات المشتركة العراقية نفت، أول من أمس، عبور أي قوات أجنبية عبر الحدود إلى نينوى وسنجار، بعد ساعات من إعلان إردوغان، إطلاق بلاده عملية عسكرية في قضاء سنجار.
بالمقابل تلقى رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، إتصالاً هاتفياً، من رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، وأكدا خلاله على احترام سيادة العراق وعدم التجاوز عليها.
وذكر بيان لمكتب العبادي أن يلدرم "بارك الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العراقية على عصابات داعش الارهابية والحفاظ على وحدة العراق واللحمة بين مكوناته، مشيداً بقرارات العبادي الايجابية بفتح مطاري أربيل والسليمانية في اقليم كردستان ودفع رواتب الاقليم،" مبينا ان "تركيا نفذت قرار الحكومة الاتحادية الخاص بعودة الرحلات الى المطارين".
وأكد يلدرم "عدم وجود اتفاق بين الحكومة العراقية والتركية بخصوص القيام بعمليات في الاراضي العراقية لمطاردة عناصر (حزب العمال الكردستاني)، وان ما حصل كان عدم دقة في النقل، حيث أردنا القول اننا لن نقوم بأي عمليات دون موافقة الحكومة العراقية ولم نقصد اننا اتفقنا معها، وان تركيا تحترم السيادة العراقية ولن تقوم بأي عمل فيه تجاوز عليها".
فيما أكد العبادي، ان "القوات الأمنية العراقية تفرض سيطرتها على كامل الاراضي العراقية وتوجيهه القوات العراقية الاتحادية عند زيارته للموصل بالسيطرة الكاملة على الحدود ومنع اي مقاتلين أجانب وقد حصل هذا الأمر والحدود حاليا مسيطر عليها من قبل قواتنا ونحن نرفض اي تجاوز على تركيا من خلال أراضينا".
وتابع البيان "كما جرى خلال الاتصال بحث عدد من الملفات المتعلقة بالاقتصاد والطاقة والتجارة وغيرها من الملفات المشتركة واهمية اجتماع المسؤولين في الحكومتين لحلها"
إلى ذلك، قال المتحدث باسم حركة "عصائب أهل الحق"، نعيم العبودي، إن حركته "تقف بالضد من أي خرق للأراضي العراقية، وأي قوة تدخل حدود العراق تعد قوة احتلال وسنتعامل معها على ضوء هذه القناعة".
وأشار العبودي إلى أن "الحشد الشعبي يرفض دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية، وإن أصرّت تركيا على خرق سيادة بلادنا فسيكون لنا موقف حازم منها". وبيّن العبودي أن موقف "الحشد الشعبي" بشأن قضية سنجار والتهديدات التركية "يتناغم مع موقف الحكومة لأن الحشد مؤسسة عراقية رسمية".
وفي سياق متصل، طالبت شخصيات إيزيدية بحماية دولية لسنجار. وقال قائمقام سنجار (الطوعي) محما خليل"طالبنا منذ زمن ونطالب الآن بحماية أممية لسنجار عبر غرفة عمليات مشتركة وبالتنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان"، مشيراً إلى أن "أغلب الإيزيديين يرغبون في حماية أممية، لكننا لم نتلقَ أي استجابة من المنظمة الدولية حتى الآن".
واعتبر خليل أن "تركيا وحزب العمال الكردستاني مسؤولان بشكل مباشر عن أزمة سنجار، وعلى الحكومتين العراقية والأميركية تحمل المسؤولية الكاملة عن سيادة الدولة العراقية وهيبتها".
وكشف أن "القوات التركية لم تتحرك حتى الآن باتجاه سنجار، كما أن حزب العمال الكردستاني المؤلف من نحو 1200 مقاتل، أغلبهم من الإيزيديين، ما زال في القضاء رغم إعلانه الشكلي الانسحاب منها".
من جهتها، دعت النائبة الإيزيدية فيان دخيل، الأمم المتحدة، إلى الحفاظ على "الأمن الهش" في سنجار وأطرافها، مشددة على ضرورة عدم ترك فراغ أمني في المنطقة. وقالت في بيان عقب لقائها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، أمس، إن "قلق الأمم المتحدة مستمر حول أوضاع الإيزيديين في سنجار، رغم إعلان العمال الكردستاني بدء انسحابه من المنطقة"، مشددة على ضرورة "وجود خطط أممية خاصة بهذا الشأن للحفاظ على الأمن الهش في سنجار وأطرافها".
إلى ذلك، نقلت شبكة "رووداو" الإعلامية عن مسؤولين أكراد قولهم إن قوات المشاة التركية توغلت 10 كيلومترات أخيراً في منطقتي نيروة - ريكان التابعة لقضاء العمادية ومنطقة سيدكان التابعة لقضاء سوران بإقليم كردستان العراق وسيطرت على 30 قرية.
وقال قائد قوة حماية الحدود في محافظة دهوك، العقيد دلير زيباري، إنه "بسبب وجود حزب العمال الكردستاني وعدم الاستقرار في تلك المناطق، لم تتمكن قواتنا من الوصول إلى الحدود، لكننا نواصل مراقبة المناطق الحدودية". وعن تحركات الجيش التركي في المنطقة، يقول العقيد زيباري: "في الحقيقة، تقدم الجيش التركي في المنطقة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأقام له قواعد في المناطق التابعة لقضاء آميدي (العمادية)". وأضاف: "لقد توغلوا إلى عمق 10 كيلومترات في أراضي إقليم كردستان في منطقة آميدي".
من جهته، أعلن مدير ناحية سيدكان التابعة لقضاء سوران، إحسان جلبي، أن "الجيش التركي توغل خلال الأيام الأخيرة في مناطق سهل برازكَر وبرميزة، ما أثار قلق الأهالي في تلك المناطق".
وأضاف: "تمت إلى الآن السيطرة على 8 قرى تابعة لناحيتنا". وقال: "القرى التي وقعت تحت سيطرة الجيش التركي كانت مهجورة من قبل، لكن السكان كانوا يترددون عليها، إلا أن الجيش التركي بدأ يقترب من قرى آهلة بالسكان ما أثار قلق سكانها".
أرسل تعليقك