بيروت ـ العرب اليوم
في ظل التوترات المستمرة والضغوطات السياسية والعسكرية، تتزايد الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، ما يثير العديد من التساؤلات حول نوايا الأطراف الدولية والإقليمية تجاه تطبيق هذا الاتفاق بشكل حاسم. في الوقت نفسه، عاد الطيران الحربي الإسرائيلي إلى التحليق المكثف في أجواء لبنان بعد فترة من الانقطاع، مما يضاعف من حدة التوتر في المنطقة ويزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في البلاد.
في هذا السياق، استهل الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، العام الجديد بإعلان موقفه من التطورات السياسية والعسكرية في لبنان، مؤكداً أن الحزب سيعطي "فرصة" للدولة اللبنانية لتثبت نفسها وتتحمل مسؤولية إخراج إسرائيل من الأراضي اللبنانية. وجاء ذلك في تصريحات ألقاها خلال مؤتمر لتكريم رجل الدين الإيراني محمد تقي مصباح يزدي في طهران، حيث تم بث كلمته عبر الفيديو. قاسم شدد على أن حزب الله قد استعادت قوتها وعافيتها، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحزب يمتلك من الإيمان والعزيمة ما يمكنه من أن يصبح أقوى مما كان عليه في السابق.
وفي حديثه عن الأوضاع في جنوب لبنان، حيث استمرت إسرائيل في خروقاتها لوقف إطلاق النار، أشار قاسم إلى أن "الاعتداء الذي وقع في جنوب لبنان هو اعتداء على الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي". وأضاف قائلاً: "لقد أثبتنا من خلال المقاومة أننا لم نسمح للعدو بالتقدم، واليوم نمنح الفرصة للدولة اللبنانية لتثبت قدرتها على أن تكون الراعية للاتفاق". كما أشار إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة اللبنانية والدول الراعية للاتفاق لضمان تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، معتبراً أن هذه المرحلة هي "فرصة" للدولة لتثبت نفسها أمام التحديات.
من جهة أخرى، كان النائب حسين الحاج حسن، عضو كتلة حزب الله البرلمانية، قد شدد على أن إسرائيل قد واصلت خرق اتفاق وقف إطلاق النار بشكل يومي بعد توقيعه، مشيراً إلى العمليات العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد لبنان بما في ذلك عمليات الاغتيال والتوغل وتجريف الأراضي الزراعية. الحاج حسن أضاف أن هذه الخروقات تحدث تحت مرأى اللجنة الخماسية الدولية المعنية بمراقبة تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى عدم اتخاذ أي إجراءات حقيقية من المجتمع الدولي لمعاقبة إسرائيل على خروقاتها.
وأضاف الحاج حسن أن "المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، يواصلون تجاهل هذه الانتهاكات ويبدون تواطؤاً واضحاً مع إسرائيل، وهو ما يعزز منطق حزب الله بأن الأمم المتحدة والدول الغربية لا تلتزم بمعايير الحماية الدولية". كما أشار إلى أن المقاومة تراقب عن كثب جميع ما يحدث على الأرض، وأنها ستكون جاهزة للرد في الوقت والمكان المناسبين إذا ما استمرت هذه الخروقات.
في هذا السياق، كانت الأجواء اللبنانية قد شهدت موجة من التحليق المكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية فوق العاصمة بيروت والمناطق الجنوبية، حيث كان هذا التحليق يأتي بعد أيام من الانقطاع. في هذا الصدد، تحدثت تقارير إعلامية عن استعدادات الجيش الإسرائيلي للقيام بانسحاب كبير من جنوب لبنان، حيث كشفت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن خطط للجيش الإسرائيلي لبناء معسكرات قرب المستوطنات المحاذية للحدود اللبنانية. وأكدت التقارير أن هذا الانسحاب سيتم بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، في خطوة تهدف إلى تعزيز وجود الجيش الإسرائيلي في المناطق الحدودية، وذلك في إطار اتفاق وقف النار الذي تم توقيعه منذ حوالي شهر.
ورغم الإعلان عن خطة الانسحاب، استمرت الخروقات الإسرائيلية، حيث نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر موقع "إكس" مقطع فيديو يظهر استهداف طائرات حربية إسرائيلية لمركبة من حزب الله كانت تنقل وسائل قتالية في جنوب لبنان. أدرعي أكد أن الجيش الإسرائيلي نفذ العملية بشكل سريع ودقيق لمواجهة "التهديدات" القادمة من تلك المركبة ومستودع الأسلحة المجاور. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يلتزم بالتفاهمات التي تم التوصل إليها بين إسرائيل ولبنان بشأن وقف إطلاق النار، وأنه سيظل منتشراً في منطقة جنوب لبنان لحماية الحدود ومنع أي تهديدات ضد إسرائيل.
في المقابل، لم تخلُ الأوضاع في لبنان من القلق، حيث تؤكد التصريحات الرسمية لحزب الله أن الوضع الأمني يبقى هشاً، وأن خروقات إسرائيل للاتفاق تضع الجميع أمام مسؤولياتهم تجاه ضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل. مما يفتح المجال أمام تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على إجبار إسرائيل على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، ومتى سيتمكن لبنان من استعادة سيادته التامة على جميع أراضيه
قد يهمك أيضــــاً:
حزب الله يتعهد بالوقوف إلى جانب سوريا في إحباط أهداف عدوان الفصائل
نعيم قاسم يبدي استعداد "حزب الله" لوقف إطلاق النار بشروط مناسبة ويُعلن أن الجماعة لا تقاتل نيابة عن أحد
أرسل تعليقك