بعد خسارته مدينة الموصل، عاد تنظيم "داعش" إلى استخدام أساليبه القديمة في مواجهة القوات العراقية، مستعيدًا تكتيك عمليات الاغتيال ضد عناصر الجيش والشرطة، فيما أفاد بلاغ للوكالة الأميركية للتعاون في مجالي الدفاع والأمن الثلاثاء بأن وزارة الخارجية تعتزم الموافقة على صفقة عسكرية محتملة بقيمة 150 مليون دولار مع العراق تتعلق بمتابعة الدعم التقني للسفن الأميركية الصنع وإصلاح السفن.
وكشف مصدر عسكري عن "مقتل أحد عناصر الشرطة العراقية وجندي عراقي في الجانب الأيمن من مدينة الموصل"، وأوضح أن "المتطرفين قاموا بإطلاق النار من مسدساتهم في عملية هي الأولى من نوعها منذ تحرير المدينة"، مضيفًا : "بعد عجز التنظيم على مواجهة القوات العراقية ميدانيًا عاد ليستخدم نفس أساليبه القديمة في مقاتلة القوات العراقية".
وحسب المصدر، "المدينة لا تزال تحتوي على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات التي لم تكتشف بعد، ويجب ألا تقع بأيدي المتطرفين مرة أخرى حتى لا يتم استخدامها ضد القوات العراقية، خصوصًا وأن المتطرفين منذ ثلاث سنوات وهم يسيطرون على المدينة ويعلمون أماكن وجود الأسلحة التي كان معظمها في سراديب تحت الأرض ويصعب علينا كشفها ما لم يتم الاستعانة بفرق خاصة مزودة بأجهزة حديثة تساعد على كشف الأسلحة والمتفجرات"، كما بيّن أن "القوات العراقية ليس باستطاعتها كشف المسلحين بين المدنيين"، مشيرًا إلى أن هذا الدور يعود لأجهزة الاستخبارات العراقية في معرفتها بإيجاد وتفكيك الخلايا النائمة".
وحسب مصادر أمنية، لا تزال المدينة تشهد توترات أمنية في بعض مناطقها الغربية والتي لم تحسم المعارك فيها لحد الآن، ولا يزال التنظيم يقوم بإرسال الانتحاريين منها إلى القوات العراقية، التي تمكنت من استعادة مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش بعد معارك عنيفة شهدتها المدينة راح ضحيتها الكثير من المدنيين، فضلًا عن آلاف المهجرين.
وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، الثلاثاء أن نحو 250 ألف نازح عادوا إلى مناطقهم في مدينة الموصل، من أصل نحو مليون نازح فروا منها عقب انطلاق العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في أكتوبر/تشرين أول الماضي، وقال الوزير جاسم الجاف، في بيان إن "العدد الإجمالي للعائدين منذ انطلاق عمليات تحرير نينوى (ومركزها الموصل) بلغ 253 ألفا و300 عائد إلى مناطقهم في نينوى"، مبينا أن "شهر تموز (يوليو) المنصرم، شهد عودة 34 ألف و902 نازحا إلى أماكن سكناهم في المحافظة".
وأكد أن "الوزارة سجلت خلال تموز حسب بياناتها نزوح 49 ألفا و502 من محافظة نينوى، ليصبح العدد الكلي للنازحين من نينوى 952 ألفا و621 نازحا، فيما بلغت مجمل أعداد النازحين من قضاء الحويجة 42 ألفا و462 نازحا بينما نزح 24 ألفا و593 نازحا من قضاء الشرقاط".
وأكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، سالم محمد، أن حجم الدمار في الموصل (شمال) سيؤخر عودة النازحين إلى المدينة، متابعًا أن "الجانب الغربي لمدينة الموصل يعاني من دمار شامل في جميع مرافقه، إضافة إلى تواجد المخلفات الحربية والعبوات الناسفة، وهذا يتطلب وقتا أطول لرفع المخلفات وإعادة الخدمات"، وأضاف :"عودة النازحين مرهون بإعادة الخدمات إلى المناطق المحررة، وأمامنا تحد آخر يتعلق بقضاء تلعفر والذي يعد من ناحية المساحة وتعداد السكان لا يقل عن مدينة الموصل، ونتوقع أن يضيف القضاء مشاكل أخرى إلى تعقيدات إعادة الحياة للمناطق المحررة".
ويتواجد حاليًا نازحو الموصل من الجانبين الشرقي والغربي في مخيمات الخازر، وحسن شام، والجدعة (1،2،3،4) والحاج علي، والمدرج وأغلبها تتواجد في شرق وجنوب مدينة الموصل، فيما تعاني مدينة الموصل من دمار بنسبة 80% في بنيتها التحتية والخدمية، إلى جانب تدمير آلاف المنازل جراء المعارك بين القوات الحكومية و"داعش" حسب تصريحات لمسؤولين حكوميين، كما تجدر الإشارة أن الحكومة العراقية أعلنت في 10 تموز المنصرم، تحرير الموصل من "داعش".
في الموازاة، قال مصدران أمنيان عراقيان إن عنصرًا في الشرطة قتل وأصيب آخرون، إثر تفجير عبوة ناسفة في محافظة ديالى (شرق)، وأوضح النقيب حبيب الشمري، الضابط في الشرطة إن "عنصرًا في الشرطة قتل وأصيب 4 إثر تفجير عبوة ناسفة استهدف دوريتهم قرب قرية توكل شمال شرق مدينة بعقوبة (عاصمة ديالى)".
من جانب آخر، أوضح النقيب كامران محمود، الضابط في البيشمركه (قوات الإقليم الكردي شمالي العراق)، أن "3 مسلحين مجهولي الهوية هاجموا مساء الثلاثاء قياديًا في تنظيم الدولة داخل سيارته في ناحية الرياض، جنوب غرب محافظة كركوك"، ولفت إلى أن "الهجوم أدى إلى مقتل القيادي في تنظيم الدولة، فيما لاذ المهاجمون بالفرار إلى جهة مجهولة"، مشيرًا إلى أن "عناصر التنظيم أغلقوا المنطقة وبدأوا حملة تفتيش عن المهاجمين".
ويحكم تنظيم "داعش" قبضته على جيب كبير جنوب غربي محافظة كركوك ويضم قضاء الحويجة وناحيتي الرياض والزاب، بينما تسيطر قوات البيشمركه على بقية أجزاء المحافظة منذ فرار الجيش العراقي أمام تقدم التنظيم قبل نحو ثلاث سنوات.
إلى ذلك، كشفت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، أن أعمال العنف والتفجيرات في البلاد تسببت بمقتل 241 شخصًا، وإصابة 277 آخرين، خلال تموز المنصرم، موضحة أن المدنيين شكلوا غالبية الضحايا؛ حيث قُتل 239 مدنيًا، وأُصيب 273 آخرين.
ووفقًا للإحصائية، فإن محافظة نينوى (شمال غرب) كانت الأكثر تضررًا، حيث قُتل فيها 121 مدنيًا وأُصيب 112 آخرين، تلتها محافظة بغداد (وسط) التي شهدت مقتل 38 مدنيًا و إصابة 85، ثم محافظة الأنبار (غرب)، التي شهدت مقتل 33 مدنيًا وإصابة 49، وتشير هذه الأرقام إلى تراجع في ضحايا أعمال العنف مقارنة بشهر يونيو/حزيران الماضي، حيث قال تقرير مشابه للأمم المتحدة إنه شهد مقتل 415 مدنيًا وإصابة 300 آخرين.
ويشكو العراق من أعمال العنف شبه اليومية منذ سنوات طويلة، لكنها تفاقمت بدرجة كبيرة منذ سيطرة تنظيم "داعش" على مدن ومناطق شمالي وغربي البلاد، قبل نحو عامين، وتحول تلك المناطق لساحات حرب مع القوات الحكومية والتحالف الدولي الداعم لها، وبالمقابل أفاد بلاغ للوكالة الأميركية للتعاون في مجالي الدفاع والأمن بأن وزارة الخارجية تعتزم الموافقة على صفقة عسكرية محتملة بقيمة 150 مليون دولار مع العراق تتعلق بمتابعة الدعم التقني للسفن الأميركية الصنع وإصلاح السفن.
وكان العراق قد طلب بيع "متابعة الدعم التقني" لمختلف السفن الأميركية الصنع ومركز إصلاح السفن في العراق والذي سيضم توفير قطع الغيار، تدريب العاملين على المعدات وخدمات الدعم الهندسي واللوجستيي، بينما يسعى العراق من خلال هذه الصفقة إلى ضمان جاهزية بحريته واستعدادها لتوفير الدفاع والحماية، وسيشمل هذا الدعم زوارق الدورية، سفن الدعم البحري وقوارب التدخل السريع.
وستساهم هذه الصفقة المحتملة في تعزيز قدرة العراق ومعداته البحرية بالإضافة إلى مساهمتها في الحفاظ على الأمن القومي الأميركي من خلال المساهمة في دعم عراق مستقر وديمقراطي قادر على مكافحة الإرهاب وحماية شعبه وسيادته.
أرسل تعليقك