أخلت قوات جهاز مكافحة الإرهاب، اليوم الأربعاء، أكثر من ثلاثة آلاف مدني من حيين في الساحل الأيسر لمدينة الموصل، في حين يواصل مسلحو "داعش" نقل الآلاف من أهالي "حمام العليل" الذين اختطفهم إلى جهات مجهولة. يأتي هذا في وقت تقلصت المسافة بين قطعات الجيش وبين والتنظيم إلى اقل من 1كم في بعض المحاور. ويقدّر مسؤولون محليون المسافة بين ناحية "حمام العليل"، وبين مركز الموصل- التي اقتيد اليها المختطفون لاستخدامهم لاحقا كدروع بشرية- بانها لاتتجاوز النصف ساعة. ويرجّح مسؤولون أن يكون تنظيم "داعش" يحاول استباق وصول فصائل الحشد إلى غرب الموصل، وقام بنقل المختطفين إلى تلعفر. وتعتبر المدينة التركمانية، بلدة ستراتيجية يحاول الحشد الوصول اليها لقطع طريق إمدادات التنظيم عبر سورية.
وقال قائد قوات النخبة الأولى اللواء الركن سامي العارضي في تصريح إلى "العرب اليوم" إنه "تم إخلاء أكثر من ثلاثة آلاف مدني من النساء والرجال والأطفال، من مناطق (كوكجلي و الكرامة) في الساحل الأيسر لمدينة الموصل". لافتا إلى أن "مقاومة تنظيم "داعش" بدأت تشتد مع الاقتراب من دخول الموصل". وكانت القوات الأمنية رفعت يوم أمس الثلاثاء العلم العراقي على مباني كوكجلي والشلالات، علاوة على تحريرها لمبنى التلفزيون في الموصل.
وقالت منظمة بدر، وهي أبرز فصائل الحشد الشعبي، في بيان مقتضب لها أن "قوات بدر ولواء علي الأكبر حررت خمس قرى غرب الموصل"، موضحة أن "القرى، هي فرفرة وإمام حمزة وأم سيجان وخبيرات وأم العظام والصياد وأبو حجيرة". وفي مؤتمر صحافي عقده الإثنين في غرب الموصل، قال هادي العامري، زعيم منظمة بدر، أن "مجيئنا إلى هنا لتحقيق هدفين، الاول هو لتضييق الخناق على "داعش" في الموصل، واذا اضطررنا سنقطع الطرق، والآخر هو أن نكون في نقطة قريبة من التحرك باتجاه تلعفر".
وأضاف العامري "اتفقنا مع رئيس الوزراء على أن لا ندخل مدينة الموصل وبالمقابل فإن البيشمركة لا تدخل أيضا"، لافتا إلى أن "دخولنا المدينة مرهون بحصول متغيرات وبأمر القائد العام للقوات المسلحة". وأعرب زعيم منظمة بدر عن خشيته للمرة الثانية من "أن تتحول الموصل إلى حلب أخرى لكننا نأمل ألا يحدث ذلك".
إلى ذلك دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي "داعش" إلى الاستسلام مع اقتراب الجيش العراقي من الموصل. وفي كلمة بثها التلفزيون الحكومي، يوم الإثنين، ظهر العبادي بالزي العسكري مخاطبا التنظيم "لا خيار أمامهم. إما أن يستسلموا أو أن يموتوا"، مؤكدا "سنحاصر "داعش" من جميع الزوايا وإن شاء الله سنقطع رأس الأفعى. لن يجدوا طريقا للفرار".
من جهته كشف محمد الجبوري، عضو مجلس محافظة نينوى المتواجد في ناحية الشورة، عن "اختطاف المسلحين أكثر من 50 ألف شخص من 26 قرية في جنوب المدينة". وأوضح الجبوري، أن "داعش" كان قد اختطف 10 آلاف عائلة من 24 قرية تابعة لناحية الشورة، وقريتين تابعتين للقيارة قبل ايام"، عازيا اختطاف الاهالي إلى "حدوث انتفاضة ضده في قرى جنوب الموصل". ونقل المسؤول المحلي عن شهادات سكان القرى، الذين نجوا من الاختطاف، قولهم بان "داعش" اخذ المرضى وحتى فاقدي البصر، كما فرّق الأطفال عن امهاتهم واختلطت العوائل". وتحدث عن استخدام مسلحي التنظيم "جرافات وشاحنات وباصات كبيرة لنقلهم تحت تهديد السلاح".
واقتاد مسلحو التنظيم، بحسب شهادات الناجين من الأهالي، المختطفين إلى ناحية حمام العليل، الذي تحاصره القوات الأمنية، ثم تم نقل المختطفين إلى الساحل الأيمن لمدينة الموصل بهدف استخدامهم كدروع بشرية. ويقول محمد الجبوري إنه حصل على معلومات تفيد بوصول بعض العائلات المختطفة إلى تلعفر، مشيرا إلى أن "بعض السيارات الكبيرة، التي نقلت المختطفين، قد استمرت بالسير لاكثر من ساعتين، بينما لاتبعد الموصل عن حمام العليل اكثر من 30 دقيقة". وتحيط قطعات من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، منذ يومين، بناحية "الحمام"، بعد تحرير ناحية الشورة بشكل كامل. ولاتبعد القطعات العسكرية عن الناحية سوى بضعة كليومترات.
وكان تنظيم "داعش" قد وجه تهديدا إلى أهالي "حمام العليل"، عبر مكبرات الصوت، بالقتل فيما لو قاموا بإيواء المختطفين الذين اقتادهم من جنوب الموصل، الأمر الذي اضطر الأهالي إلى إخراجهم، بحسب عضو مجلس محافظة نينوى. وفي غضون ذلك اكدت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان ، امس، أن عناصر "داعش" قتلوا 40 عضوا سابقا بقوات الأمن العراقية قرب الموصل يوم السبت الماضي، وألقوا جثثهم في نهر دجلة".
وفي المحور الشرقي، اكملت القوات تحرير قرية (بزوايا)، وسيطرت على اجزاء واسعة من قرية (كوكجلي)، التي تعتبر منفذ الموصل من الجانب الشرقي. وفي تطور لاحق، حررت قوات مكافحة الإرهاب، امس، مبنى شبكة الإعلام في الساحل الأيسر لمدينة الموصل. وعلى الصعيد ذاته، أكد داود جندي، عضو اللجنة الأمنية في مجلس نينوى، أن "قوات البيشمركة حررت منطقة معامل البلوك في كوكجلي". وتوصف المنطقة بأنها الأخطر في محيط الموصل لوجود أبراج لقناصة التنظيم.
وأضاف جندي، أن "القوات المشتركة بدأت بقصف عنيف على حي الكرامة، إحدى الضواحي الشرقية التي تبعد مسافة 4 كم عن مركز الموصل". ومن المحور الشمالي، وصلت قوات الفرقة 16 التابعة للجيش العراقي إلى منطقة (الشلالات) الشهيرة. وأكد عضو مجلس نينوى أن "منطقة الشلالات لا تبعد أكثر من 1كم عن مركز الموصل"، لافتا إلى أن "القوات المشتركة صارت قريبة من مديرية مرور المحافظة التي تبعد 500 متر فقط عن مركز المدينة".
وقال المصدر، لـ"العرب اليوم" أن "عائلات مسلحي تنظيم "داعش" في الموصل بدأت بمغادرة منازلها القريبة من مناطق تقدم القوات الأمنية العراقية، شرقي المدينة، لاسيما أحياء الكرامة، القدس، عدن، السماح، الانتصار، سومر، دوميز، فلسطين، الوحدة، الميثاق، المنطقة الصناعية، الحدباء، العربي، سادة، بعويزة، القاهرة، الجامعة، الزهور، المصارف والفلاح".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ، أن "الإخِلاَّء بدأ منذ الساعة 11 من صباح أمس الثلاثاء ، وحتى الثالثة بعد الظهر، واتسم بالعشوائية والتوتر"، مشيراً إلى أن ذلك "كان واضحاً من خلال الشتائم والسباب التي وجهتها تلك العائلات المتطرفة إلى الأهالي المرحبين بتقدم القوات الأمنية". وأوضح المصدر الأمني المحلي، أن "التنظيم أبلغ أهالي الموصل بأن فرقه ستقوم بجمع مستمسكاتهم الثبوتية لإتلافها، مهددين من لا يمتثل للأمر بتصفيته مباشرة"، مبيناً أن "مسلحي التنظيم لاسيما المحليين انسحبوا من مناطق المواجهة مع القوات الأمنية تاركين مفارز صغيرة من القناصة والانتحاريين فيها، كما عمد إلى نشر مفارز من شخصين يستقلان دراجة نارية ويحملان رشاشات خفيفة في المناطق البعيدة عن خطوط المواجهة".
أرسل تعليقك