توجّه الكويتيون السبت، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس الأمة الخامس عشر منذ استقلال البلاد عام 1961، لولاية نيابية مدتها أربع سنوات، وسط توقعات بارتفاع المشاركة في الاقتراع بنسبة تتراوح ما بين 60 و65 في المئة، مقارنة مع آخر انتخابات عرفتها البلاد عام 2013، إذ بلغت نسبة المشاركة 51.9 في المئة.
وعزت مصادر كويتية متطابقة لمصادر صحافية توقع ارتفاع نسبة المشاركة إلى انخراط المقاطعين للانتخابات السابقة في العملية الانتخابية الراهنة، وقد بلغ عدد المسجلين في القوائم الانتخابية الرسمية، الذين يحق لهم المشاركة في الاقتراع، 483 ألفا و186 ناخبا وناخبة مقسمين على 230 ألفا و430 من الذكور (47.68 في المئة)، و252 ألفا و756 من الإناث (52.31 في المئة).
ويتنافس على المقاعد الـ50 لمجلس الأمة 293 مرشحا، ضمنهم 15 امرأة، تجدر الإشارة إلى أنه توجد في الكويت خمس دوائر انتخابية، خصص لكل واحدة منها 10 مقاعد. ويشرف على تأمين عملية الاقتراع 15 ألف عنصر من رجال الأمن والمدنيين العاملين في وزارة الداخلية.
قال الدكتور محمد الرميحي، الكاتب والإعلامي ورئيس مركز دراسات الخليج العربي في الكويت، إن انتخابات اليوم، هي انتخابات "لم الشمل"، نظرا لأن معظم التيارات والقوى السياسية في البلاد والأفراد المهتمين تشارك فيها، وذلك بعد تلكؤ عرفته السنوات الثماني الأخيرة، إضافة إلى أن الانتخابات الحالية تعرف مشاركة عدد كبير من الشبان وبروح جديدة.
وذكر الرميحي، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في ندوة نظمتها وزارة الإعلام والشباب الكويتية، بمناسبة الانتخابات أن ما سيشهده اليوم هو أن الشعب سيقول رأيه بوعي مختلف من أجل ما سماه "مرسوم الحل"، المتعلق بحل مجلس الأمة السابق.
وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد أصدر في 16 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مرسوما أميريا يقضي بحل مجلس الأمة، وفقا للمادة 107 من الدستور نظرا للظروف الإقليمية الدقيقة، وما استجد من تطورات، وما تقتضيه التحديات الأمنية وانعكاساتها المختلفة، من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، وهو الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب، مصدر السلطات، لاختيار ممثليه للتعبير عن توجهاته وتطلعاته، والمساهمة في مواجهة تلك التحديات.
ويحق لأمير البلاد أن يحل مجلس الأمة بمرسوم يبين فيه أسباب الحل، في وقت لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا جرى حله وجب إجراء انتخابات جديدة في موعد لا يتجاوز مدة شهرين من تاريخ الحل.
وتعيش الكويت الآمنة وسط محيط متوتر مضطرب، ففي الجوار هناك اقتتال طائفي (العراق)، ولذلك تعمل الحكومة الكويتية للحيلولة دون أن تمتد شرارته إلى أراضيها، وهناك أيضا تحدي الإرهاب، الذي تعمل الكويت أيضا على منع وصوله إلى شبابها.
ويبقى السؤال الملح "كيف نحسن الوضع الاقتصادي؟" مطروحا على لسان كل كويتي، إلى جانب أسئلة أخرى من قبيل "كيف نعمل من أجل تحقيق التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ما دام التناطح بينهما لم يؤد إلى شيء؟". في سياق ذلك، يقول الرميحي "لا نريد أن ينبطح مجلس الأمة أمام السلطة التنفيذية، بل نريد منه أن يتعاون معها لمواجهة التحديات التي تعرفها البلاد".
وكانت محكمة التمييز الكويتية قررت أول من أمس قبول طعن تسعة مرشحين، وبالتالي عودتهم إلى خوض غمار الانتخابات، كما أقرت المحكمة ذاتها شطب أسماء 13 مرشحا، وقبلت تنازل كل من عبدالحميد دشتي وعبدالله زيد العازمي، عن الدعوى وترك الخصومة، وبالتالي عدم ترشحهما للانتخابات.
ويسود اعتقاد في الكويت مفاده أن الدائرة الانتخابية الأولى هي دائرة يتنافس فيها السنة والشيعة، وتوقع مصدر كويتي مطلع على الخريطة الانتخابية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"الشرق الأوسط" أن يحصل الشيعة فيها على أربعة مقاعد، بينما ينظر إلى الدائرتين الانتخابيتين الثانية والثالثة على كونهما "دائرتي فكر"، بمعنى أن البرنامج يشكل سيد الموقف فيهما يوم الاقتراع.
أما الدائرتان الانتخابيتان الرابعة والخامسة، فهما، حسب نفس المصدر "دائرتان قبليتان بمرتبة الشرف"، والنتائج فيهما محسومة لصالح قبائل المطران والرشايدة والعنوز والعجمان.
وبخصوص الدوائر الانتخابية التي يتوقع أن يفوز فيها مرشحون إسلاميون، قال المصدر ذاته إنه يتوقع أن يحصل الإسلاميون في كل الدوائر على مقعد أو أكثر.
أما المرشح الشاب عبد الكريم الكندري (35 عاما)، وهو أستاذ القانون التجاري في جامعة الكويت وخريج جامعة ستراسبورغ الفرنسية فيقول لـ"الشرق الأوسط" إن من بين أولوياته إذا فاز بمقعد نيابي العمل على مراجعة القوانين السابقة التي اعتمدها مجلس الأمة السابق.
ويرى الكندري، وهو أحد النواب السابقين الخمسة الذين استقالوا من مجلس الأمة السابق، بعد تسعة أشهر من ممارستهم العمل النيابي، أن هناك عدة معطيات تقف وراء قراره الترشح مجددا، ضمنها عودة المقاطعين للمشاركة الانتخابية.
ونوه الكندري بالمشاركة الكثيفة للشباب في اقتراع اليوم، ولم يغفل بدوره الحديث عن ضرورة تعديل النظام الانتخابي، وعزا معاناة الكويت من العجز الاقتصادي، والعجز في الموازنة إلى الهدر المستشري، وليس إلى الأزمة الاقتصادية العالمية.
على صعيد ذي صلة، دعا أئمة مساجد الكويت أمس الناخبين إلى اختيار المرشح القوي الأمين، الذي يقدم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية أو الفئوية، والقادر على تحمل المسؤولية لتمثيلهم في مجلس الأمة.
وقال الأئمة في خطبة الجمعة "إن الشعب الكويتي بكل أطيافه مجتمع واحد، ويعيش في سفينة واحدة يجب المحافظة عليها، إن سلمت سلم الجميع، وإن تضررت تضرر الجميع"، محذرين من "تعريض هذه السفينة للأخطار التي قد تغرقنا"، ودعوا الشعب الكويتي إلى التكاتف والوحدة والتآلف باعتبار ذلك من أقوى دواعي حفظ الأمانة وترك النزاع والخيانة، مع الحرص على مراعاة مصالح الأمانة والابتعاد عن أسباب التنازع والفساد والخيانة.
أرسل تعليقك