افتتحت مراكز الاقتراع في إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي، أبوابها الإثنين أمام الناخبين للتصويت في استفتاء على استقلال الإقليم عن العراق، فيما نشرت صحيفة فاينانشال تايمز ومقال لإريكا سولومون من بارزان في كردستان العراق بعنوان "في تحدٍ، الأكراد يُسمعون صوتهم للعالم".
وسيجري الاستفتاء أيضًا في مناطق متنازع عليها بين أربيل وبغداد، بما في ذلك محافظة كركوك الغنية بالنفط والمختلطة عرقياً. وتعارض بغداد بشدة التصويت، ووصفته بأنه غير دستوري ومن جانب واحد. وأثار الاستفتاء انزعاج الدول المجاورة للعراق، تركيا وإيران وسورية، بسبب مخاوف من إمكانية تشجيع الأقليات الكردية في تلك البلدان على الانفصال. وحذرت تركيا من أنها قد تفرض عقوبات على كردستان بسبب الاستفتاء.
وحذرت الأمم المتحدة من "التأثير المحتمل لزعزعة الاستقرار"، بينما قالت الولايات المتحدة إن الاستفتاء يمكن أن يؤجج الاضطرابات الإقليمية ويشتت الانتباه عن الحملات الجارية لدحر تنظيم (داعش) في العراق وسورية.
وذكرت اللجنة الانتخابية ان إجمالي عدد من يحق لهم التصويت في كردستان والمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمالي العراق يبلغ 5,6 مليون شخص. وستفتح مراكز الاقتراع البالغ عددها نحو 2065 مركزاً أبوابها لمدة 10 ساعات تبدأ من الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي (الخامسة بتوقيت غرينتش).
وسيسأل الناخبون: "هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردية خارج المنطقة دولة مستقلة؟". وقالت الخارجية التركية، إن أنقرة لا تعترف باستفتاء الانفصال الذي ينظم اليوم الإثنين في الإقليم الكردي شمالي العراق.
وأضافت الخارجية في بيان: لا نعترف بهذه المحاولة (استفتاء الانفصال) الفاقدة لكافة أنواع الشرعية والأساس القانوني سواء بالنسبة للقانون الدولي أو الدستور العراقي". وأكدت الخارجية على أن الاستفتاء الجاري اليوم في الإقليم الكردي، بحكم الملغي من حيث نتائجه.
وجددت الخارجية تأكيد تركيا على أنها ستتخذ كافة التدابير في ضوء الصلاحيات التي يمنحها القانون الدولي والبرلمان التركي، حال تعرض أمنها القومي للخطر جراء استغلال المتطرفين وعناصر متطرفة للوضع الذي سينجم عقب الاستفتاء في الاقليم، أو أي تهديد لأمنها القومي، في عموم العراق.
وفتحت مراكز الاقتراع صباح اليوم الإثنين أبوابها أمام نحو 5 ملايين ناخب للتصويت في استفتاء انفصال الاقليم الكردي شمالي العراق، وسط تصاعد التوتر مع الحكومة العراقية ومعارضة اقليمية ودولية واسعة. هذا ونشرت صحيفة فاينانشال تايمز ومقال لإريكا سولومون من بارزان في كردستان العراق بعنوان "في تحدٍ، الأكراد يُسمعون صوتهم للعالم".
وتقول سولومون إنه عندما يفتقد أيوب صادق والده الذي فقده في الطفولة، فإنه يسير وسط عدد كبير من المقابر التي لاتحمل أسماء من دُفن فيها رفات مئات الأشخاص عُثر عليهم في قبر جماعي بالقرب من الحدود الجنوبية للعراق، وأٌعيدوا لاحقا إلى موطنهم في بارزن، شمالي كردستان.
وتضيف أيضًا أن بارزان هي مسقط رأس مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، الذي يحشد الناخبين على التصويت بـ "نعم" في الاستفتاء على استقلال الإقليم، على الرغم من الضغوط الدولية الكبيرة لإيقاف التصويت.
وتقول إن صادق هو ثالث جيل من أسرته ينضم إلى قوات البيشمركة الكردية، وكانت القوات العراقية قد ألقت القبض على جده قبل ولادته، ولم يعرف عنه خبر إثر ذلك. في عام 1983، وهو ما زال صبيًا، اضطر صادق للفرار بينما ألقت القوات العراقية القبض على ثمانية آلاف رجل وطفل، من بينهم والده، وقتلتهم، ولم يتم التعرف على الكثير منهم حتى الآن. وقال صادق للصحيفة "لم أتوقع أن يكون مستقبلنا هكذا. لدى أمل بنسبة مئة بالمئة أنني الآن شأعيش لأرى استقلالنا".
وتقول سولومون إن النتيجة المتوقعة للاستفتاء هي "نعم" للاستقلال، على الرغم من أن التشكك في إمكانية إجرائه استمرت حتى سويعات من بدء التصويت. ويرى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أنه يجب قبول عرض الولايات المتحدة والأمم المتحدة للتفاوض.
وتضيف سولومون أن حكومة إقليم كردستان العراق تؤكد أن نتيجة الاستفتاء لن تؤدي إلى انفصال بدون تفاوض مع الحكومة العراقية في بغداد، ولكن جميع الحلفاء في المنطقة يعارضون إجراءه. وترى الولايات المتحدة أن الاستفتاء قد يعرض استقرار المنطقة للخطر وهي توشك على هزيمة تنظيم "داعش".
ويقول معارضو بارزاني إنه يستغل الجذب النفسي والعاطفة لرغبة الأكراد في الحصول على دولة لهم. وقال كمال شوماني من معهد التحرير للساسة الشرق أوسطية للصحيفة إن"الأكراد يقاتلون منذ أمد طويل للحصول على وطن وأصبح الأمر بمثابة عقدة نفسية لهم".
بالمقابل الكرد هم أكبر مجموعة عرقية ظلت بلا دولة عندما قسمت بريطانيا وفرنسا، القوتان الاستعماريتان المنتصرتان في الحرب العالمية الأولى، الإمبراطورية العثمانية. وظل ما يزيد عن 40 مليون كوردي بالمنطقة متناثرين في أربع دول هي العراق وإيران وتركيا وسوريا وعانوا جميعا الاضطهاد وكثيرا ما حرموا من الحق في التحدث بلغتهم. وفي عهد نظام صدام حسين بالعراق عانى الكورد حملات لاقتلاعهم من مناطقهم ولهجوم بالأسلحة الكيماوية.
* لماذا الاستفتاء؟
تقول حكومة إقليم كردستان إن الحكومة المركزية في بغداد والتي يهيمن عليها الشيعة لم تحترم دستور البلاد والاتفاقات التي مهدت لتشكيل الحكومات المتعاقبة بعد الإطاحة بصدام حسين عام 2003 في غزو قادته الولايات المتحدة.
* لماذا الآن؟
تقول حكومة إقليم كوردستان إن الاستفتاء يقر بالمساهمة الحاسمة التي قدمها الكورد في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بعد انهيار الجيش العراقي أمامه عام 2014 وبعدما بسط سيطرته على ثلث العراق.
* ما هي النتيجة المرجحة وما هي الخطوة التالية؟
ستكون نتيجة الاستفتاء تصويت الأغلبية "بنعم" على الأرجح. وتخطط حكومة إقليم كردستان إلى استخدام هذا التصويت كتفويض شرعي من أجل إجراء مفاوضات مع بغداد ودول الجوار للوصول إلى الاستقلال.
* لماذا تعارض الحكومة المركزية الاستفتاء؟
تعتقد بغداد أن التصويت قد يحدث انقسامًا فوضويًا في العراق في الوقت الذي يكافح فيه من أجل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين. وهي تعرض إجراء محادثات لحل النزاعات على الأراضي وموارد الطاقة والمشاركة في السلطة بما في ذلك وضع محافظة كركوك.
* لماذا تعارض تركيا وإيران الاستفتاء؟
يخشى جيران العراق من أن يطالب سكانهم الكرد بحقوق مماثلة. وفي تركيا أكبر أقلية كردية بالمنطقة، وهي تقاتل لإنهاء نزاع مسلح يخوضه مع حزب العمال الكردستاني في جنوبها الشرقي منذ عام 1984. أما الكرد الإيرانيون فقريبون ثقافيا من كرد العراق ويتحدثون في الغالب اللهجة الكردية ذاتها. كما أن طهران قريبة من الأحزاب السياسية الشيعية التي تحكم العراق أو تتولى مواقع أمنية أو حكومية مهمة منذ عام 2003.
* من أيضا يعارض الاستفتاء؟
الاستفتاء يعارضه الجميع تقريبا بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة خشية زعزعة استقرار العراق في وقت لم تضع فيه الحرب على تنظيم "داعش" أوزارها.
* لماذا برزت كركوك كبؤرة للتوتر؟
كركوك مدينة متعددة الأعراق تقع خارج إقليم كردستان ويقطنها غالبية من الكورد فضلا عن التركمان والعرب والمسيحيون والآشوريون. ولدى كركوك احتياطيات نفطية كبيرة وهي تصدر النفط الخام من خلال خط أنابيب عبر البحر المتوسط يمر من إقليم كردستان العراق وتركيا.
* أهمية إقليم كردستان لأسواق النفط:
ينتج إقليم كردستان العراق نحو 650 ألف برميل نفط يوميا من حقولها بما في ذلك حوالي 150 ألف برميل من مناطق كركوك المتنازع عليها. ويمثل إنتاج الإقليم 15 في المئة من إجمالي الإنتاج العراقي ونحو 0.7 في المئة من إنتاج النفط العالمي. وتطمح حكومة إقليم كردستان إلى إنتاج ما يربو على مليون برميل نفط يوميا بحلول عام 2020.
* أهمية إقليم كردستان لشركات النفط:
تهيمن شركات نفط متوسطة الحجم مثل جينيل ودي.إن.أو وجلف كيستون ودانة غاز على إنتاج النفط في كردستان. ولدى شركات النفط الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وروسنفت مشروعات أيضا في كردستان لكن أغلبها في المرحلة الاستكشافية. غير أن شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت أقرضت حكومة إقليم كوردستان ما يزيد على مليار دولار بضمان مبيعات النفط وتلتزم بأربعة مليارات دولار إجمالا لمشاريع مختلفة في كردستان. وأقرضت مؤسسات تجارية دولية، مثل فيتول وبيتراكو وترافيجورا وجلينكور، نحو ملياري دولار إجمالا لكردستان بضمان مبيعات النفط. وقدمت تركيا أيضا 1.5 مليار دولار في المجمل دعما لأربيل في العامين الأخيرين.
* من يحق لهم التصويت وأين؟
يحق التصويت لجميع السكان المسجلين الكرد وغير الكرد في مناطق إقليم كردستان فضلا عن مناطق متنازع عليها سيطر عليها الكرد خلال الحرب ضد الدولة الإسلامية.
وسيسمح للنازحين داخليا من المناطق المتنازع عليها بالتصويت. كما سيسمح للكرد العراقيين المقيمين بالخارج بتقديم بطاقات اقتراع إلكترونية يومي 23 و24 سبتمبر أيلول.
أرسل تعليقك