حذّر نائب قائد العمليات الخاصة الأميركي الجنرال، توماس تاسك، من إخلاء الساحة في العراق لإيران، مشيرًا إلى أن الكثير من المسؤولين الحكوميين العراقيين لا يأتمرون بأمرة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بل بتلقي الأوامر من إيران.
وجاء كلام المسؤول العسكري الأميركي في مقرّ معهد انتربرايز الأميركي بمناسبة إطلاق دراسة للمعهد حول إيران، وشارك فيها الأدميرال المتقاعد، مارك فوكس، وكان نائب قائد المنطقة المركزية. وأشار واضع دراسة إيران في معهد انتربرايز، ماثيو ماك اينيس، وهو عمل من قبل مع القوات المسلحة الأميركية إلى أن إيران تمكنت في الفترة الأخيرة من تمكين نفوذها في العراق وأن الكثير من المسؤولين الحكوميين لا يأتمرون برئيس الوزراء حيدر العبادي، بل يتلقون الأوامر من إيران.
ولفت أيضًا إلى أن العبادي تحدّث عن عدم بقاء أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية بعد انتهاء المعركة والقضاء على داعش، وحذّر الباحث الأميركي من خطورة الأمر، ملمّحًا إلى خطورة إخلاء الساحة العراقية لإيران. مضيفًا أن العراق أصبح خلال فترة الحرب على داعش جزءًا من المنظومة الأمنية الإيرانية أكثر من أي وقت مضى، وأشار أيضاً إلى أن العراقيين باتوا لا يخفون تبرّمهم من الإيرانيين ونفوذهم وإلى أنه من الضروري إيجاد توازن في العراق.
وكرّست صحيفة التايمز مقالا افتتاحيا فيها وتحقيقا في صفحاتها الداخلية لاستعادة مقاتلي الحشد في العراق بعض مناطق الطائفة الإيزيدية من قبضة مسلحي تنظيم "داعش"، وتقول الصحيفة إن قوات الحشد الشعبي تشق طريقها إلى الحدود السورية بعد تحريرها آخر قرية للأقلية الإيزيدية من قبضة مسلحي التنظيم. بيد أنها تقول في تقريرها الذي كتبه مراسلاها في بيروت وبغداد إن الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تهيمن على قوات الحشد الشعبي التي تقاتل إلى جانب قوات الجيش العراقي النظامية.
وتضيف الصحيفة في تقريرها أن الجزء الأقوى من هذه القوات هو من يحظى بدعم إيران ويقوده أشخاص عاشوا سنوات في المنفى، وهم الآن يسيطرون على مساحة من الأرض في العراق ويهدفون إلى مد نفوذهم للوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط. نهنئ اخوتنا الإيزيدين بمناسبة تحرير قراهم... لقد كان هذا مركز قيادة داعش، لقد تقهقروا من القيروان معتقدين أننا سنتوقف هنا بحسب ما ذكر هادي العامري, أمين عام منظمة بدر والقيادي في الحشد الشعبي.
ويأخذ التقرير عنوانه من العبارة الأخيرة "ميليشيات إيران تحرر الإيزيدين في اندفاعها نحو البحر الأبيض المتوسط". ويؤكد التقرير على أن "الانتصار الذي تحقق في الأيام الثلاثة الأخيرة تركز على قرية كوجو" التي سبق أن شهدت واحدة من أسوأ المجازر عند اجتياح مقاتلي تنظيم "داعش" لمناطق الإيزيدين في عام 2014.
وينقل التقرير عن هادي العامري قائد قوات بدر قوله في كوجو "نهنئ اخوتنا الإيزيدين بمناسبة تحرير قراهم... لقد كان هذا مركز قيادة داعش، لقد تقهقروا من القيروان معتقدين أننا سنتوقف هنا". وتضيف الصحيفة أن العامري، الذي تصفه بأنه يعمل عن قرب مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قد اندفع برجاله إلى الحدود السورية القريبة، حيث شوهدوا يلتقطون صورا قرب منطقة أم الجريس وهم يتعانقون مهنئين بعضهم البعض.
وتضع الصحيفة عنوانًا ثانويًا لمقالها الافتتاحي "دعوة للإنقاذ" هو "يجب أن لايترك مصير الإيزيدين لإيران". وتذكر الصحيفة بالفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش عند اجتياحه مناطق الإيزيدين قبل ثلاثة أعوام حيث قتل أكثر من 3000 رجل وصبي خلال أيام معدودة وسبي نحو 7 آلاف امرأة وفتاة ليبعن في سوق النخاسة.
وتشدد على أن ثمة واجبا أخلاقيا على القوات التي تحرر الموصل والمناطق المحيطة بها في جلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة وتوفير كافة الظروف الملائمة لعودة الإيزيدين إلى بيوتهم. وترى افتتاحية الصحيفة أن سيطرة قوات تضم ميليشيات موالية لإيران على هذه المناطق يمثل (حسب تعبيرها) أول موطئ قدم لإيران في هذه الجبهة منذ غزو قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة للعراق في عام 2003.
وتضيف أنه في الجهة الأخرى من الحدود السورية ثمة سباق بين القوات المدعومة من الولايات المتحدة وقوات النظام في سوريا للوصول إلى هذه الحدود، وتتساءل هل سيفوز النظام السوري ويكمل قوس بمساحة نحو 500 ميل من المناطق الخاضعة للشيعة تمتد من إيران إلى لبنان، ليتحقق ما ظلت تحلم به طهران لزمن طويل في السيطرة على ممر أرضي يمتد إلى البحر الابيض المتوسط.
وتقول الصحيفة إن هذا التغيير الجيوستراتيجي هو ما يسعى الرئيس الأمريكي لمنعه إذا كان جادا في تقليم أجنحة إيران بوصفها قوة إقليمية متنامية، مشددة على أن ترامب إذا كان يحتاج إلى تبرير أخلاقي فإن محنة الإيزيدين توفر ذلك. وتضيف أن الحشد الشعبي حض الإيزيدين على العودة إلى قراهم، لكن الجرائم التي ارتكبت ضدهم بحاجة إلى تحقيق دولي من المحكمة الجنائية الدولية.
وترى الصحيفة أن ترامب إذا رمى بثقل أكبر إلى جانب قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة لمساعدتها في الوصول أولا الى كوجو من جهة الغرب فإنه يجازف بصدام مباشر مع القوات الروسية التي تدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإذا لم يفعل ذلك فإنه سيترك مصير الإيزيدين للأسد وإيران، وهذا ما سيبقي المشكلة معلقة للمستقبل ولا يمثل وصفة لتحقيق العدالة، بنظر الصحيفة.
أرسل تعليقك