بيروت – رياض شومان
انطلقت في لبنان عند السابعة من صباح اليوم الاحد الانتخابات البلدية والاختيارية المقسمة على 4 مراحل تمتد حتى 29 أيار/مايو الجاري، والتي ستبدأ بتوجه ناخبي محافظات بيروت، البقاع وبعلبك - الهرمل إلى صناديق الاقتراع لاختيار المجالس البلدية والاختيارية..
ويشكل هذا الاستحقاق الذي لم يجرؤ أي من رموز الطبقة السياسية اللبنانية على المطالبة بتأجيله أسوة بما هو حاصل بالنسبة إلى تجديد البرلمان المدد لاعضائه منذ العام 2013، وانتخاب رئيس للجمهورية الشاغر مركزه منذ سنتين، متنفساً للبنانيين يلهيهم ولو قليلاً عن تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والبيئية الناجم عن تنامي أزمتهم السياسية وترهل مؤسسات الدولة وشلل السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما يشكل فرصة لشرائح متفاوتة الأحجام والأهمية، كي تعبر عبر الانتخابات المحلية عن مواقفها إزاء مكونات السلط اللبنانية التي يغلب عليها التسلط الحزبي والطائفي والمذهبي، ولو لم تفلح في التغيير، وفق كل منطقة من المناطق التي تشهد العملية الانتخابية، التي تختلط فيها العوامل السياسية بالعائلية والتنموية، فضلاً عن الحزازات القروية والوجاهة المحلية والعشائرية.
وقد بلغت درجة سوء الاوضاع في لبنان مستوى عاليًا من التأزم السياسي نتيجة تعميق ربط الحلول لأزماتهم السياسية المتعددة بالحرب الدائرة في سورية وخصوصا موقف "حزب الله" الداعم والمشارك لنظام الرئيس بشار الاسد في القتال الى جانب قواته على عدة جبهات سورية، وهو أمر ينقسم عليه اللبنانيون بشدة، مما يؤخر عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية بانتظار ما ستسفر عنه مساعي حل الازمة في سورية.
ففي بيروت تتنافس لائحتان مكتملتان، الأولى رعى تأليفها زعيم تيار "المستقبل" رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، صاحب النفوذ والشعبية الأكبر في العاصمة، هي "لائحة البيارتة"، والثانية "بيروت مدينتي"، وتتألف من رموز كانت تدور في فلك "المستقبل" وأخرى من المجتمع المدني، ولائحة ثالثة غير مكتملة من شخصيات يسارية معارضة. وتتميز اللائحة المدعومة من الحريري بأنها ائتلافية بين الأحزاب المتخاصمة سياسيا بما فيها "التيار الوطني الحر" وهو تيار قائد الجيش الاسبق ميشال عون المرشح لرئاسة الجمهورية، وللمرة الأولى من دون "حزب الله"، الى جانب العائلات الكبيرة في بيروت والتي ينتمي اليها رئيس اللائحة جمال عيتاني مدير شركة "سوليدير" الخاصة بتطوير الوسط التجاري لمدينة بيروت.
وقد جهد الحريري في جولات على مناصريه خلال الأيام الماضية من أجل حضهم على الاقتراع لرفع النسبة في العاصمة التي تكون عادة الأدنى بين سائر الدوائر الانتخابية (كانت 18 في المئة عام 2010)، ومن أجل انتخاب اللائحة بكاملها (24 عضواً) لضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين تثبيتاً لمبدأ العيش المشترك في بيروت الذي كان درج على الالتزام به والده الراحل رفيق الحريري، خصوصاً أن الناخبين المسلمين، لا سيما السنّة، هم الغالبية الساحقة من المسجلين على اللوائح. كما هدف إلى منع حصول اختراق للائحة التي تتمتع بتأييد واسع، من جانب رموز اللائحة المنافسة.
وشهدت عملية تشكيل اللوائح ظواهر في بعض مناطق المرحلة الأولى، إلى التنافس العائلي الشديد الحضور في انتخابات كهذه، مظاهر تمرد على المراجع الحزبية ورموز الطبقة السياسية نتيجة النقمة على الأوضاع يرصد المراقبون ما إذا كانت ستؤثر في الإحجام عن الاقتراع، أو في تأييد لوائح مناهضة لرموز الطبقة السياسية. وتشهد المرحلة الأولى أول امتحان لمدى فاعلية التحالف بين "التيار الحر" بزعامة العماد ميشال عون وبين "القوات اللبنانية" في اللائحة المشتركة مع حزب "الكتائب" وفعاليات محلية، في مقابل لائحة زعامة الراحل إلياس سكاف العريقة، والتي تتولاها زوجته ميريام وسط التنافس مع لائحة ثالثة يدعمها النائب نقولا فتوش. لكن التحالف العوني والقواتي شكل لوائح مشتركة في عدد من قرى البقاع الغربي أيضاً وأخفق في أخرى.
وإذ نجح التحالف الشيعي الذي يضم "حزب الله" و حركة "أمل" في تشكيل لوائح في عدد من قرى بعلبك- الهرمل، فإن هذا التحالف لقي رفضاً لخياراته في عدد من البلدات، أبرزها في مدينة بعلبك التي ستشهد معركة حامية بين اللائحة المدعومة من التحالف وأخرى تشكلت من قوى سياسية مناهضة للحزب بالتعاون مع عائلات.
واعتبر رئيس الحكومة تمام سلام بعد لقائه الحريري، أن استحقاق البلديات "ديموقراطي كبير، يؤكد تمسكنا بالنظام والدولة والوطن، وهي فرصة ليقول المواطن كلمته ويعطى الحق لأصحابه". وقال: "بيروت أمام امتحان كبير. وأهاليها لم يخذلونا في القيام بواجبهم الوطني. ونحن والرئيس الحريري متضامنون على تحمل مسؤولياتنا على أفضل وجه لنحمي وطننا والبيارتة بالذات".
ورأى أن "بيروت مرآة كل لبنان والوحدة الوطنية مهمة فيها له"، معتبرًا أن "الناخب البيروتي لا يمكن أن يتخلى عن دوره، والمطلوب أن يُقبل البيارتة على الصناديق ويقولوا رأيهم بما يخدم وطنهم ومدينتهم. وأدعو المواطن البيروتي الى أن يقوم بما يحقق ضميره. ونحن نفتش بدءاً من الإثنين كيف نخدم جميعاً بلدنا. وليس صحيحاً أن هذا الموضوع لا علاقة له بالقيادات السياسية".
أرسل تعليقك