بيروت ـ أحمد الحاج
جرح انفجار مرفأ بيروت لم يبرد بعد ولم يندمل بعد مرور عام على الفاجعة، وفجر اليوم الأحد، وقعت فاجعة جديدة في بلدة التليل في عكار شمال لبنان أعادت للأذهان جحيم حادثة المرفأ، بسبب احتكار وتخزين المحروقات في ظل أزمة الوقود التي تعيشها البلاد والانهيار الاقتصادي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم. المشهد في عكار صباح اليوم مأسوياً، مع سقوط 22 ضحية ونحو الـ80 جريحاً في انفجار خزان بنزين ليلاً، وفق آخر حصيلة رسمية لوزارة الصحة العامة. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أنه قرابة الساعة الثانية فجراً، انفجر خزان وقود داخل قطعة أرض تستخدم لتخزين البحص في بلدة التليل- عكار كان قد صادره الجيش لتوزيع ما بداخله على المواطنين، ممّا أدّى إلى سقوط عدد من الإصابات بين مدنيين وعسكريين.
بوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص لمعرفة ملابسات الانفجار.
كما أعلنت قيادة الجيش أيضاً أن مديرية المخابرات قد اوقفت قيد التحقيق المدعو (ر.أ) ابن صاحب قطعة الأرض التي انفجر فيها خزان الوقود بتاريخه في بلدة التليل.
وإزاء الكارثة العكارية، وجّه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن "نداءً لإجلاء الجرحى إلى خارج لبنان"، معلناً عن إحصاء "22 ضحية وأكثر من 79 جريحاً بانفجار خزان البزين في التليل".
واستدعت تدخّلاً عاجلاً من وزارة الصحة، إذ طلب وزير الصحة من "المستشفيات جميعها في عكار والشمال وصولاً إلى بيروت استقبال جرحى التليل على نفقة وزارة الصحة العامة "من دون تردّد".
وناشد أهالي "التليل وعكار المواطنين التبرّع بالدم من الفئات كافة للمستشفيات التي تستقبل مصابي انفجار خزان"، إذ إنّ أرقام الضحايا مرشّحة للارتفاع مع استمرار عمليات البحث عن مفقودين محتملين في محيط الانفجار.
وأضاف حسن: "ستفتح الآن مستودعات وزارة الصحة لتوزيع ما يوجد من أدوية حروق ومضادات حيوية وغيرها من مستلزمات لزوم المصابين"، متمنّياً على "الجمعيات التي تمتلك مخزون القيام بالمبادرة لإسعاف المواطنين".
كما ناشد أهالي التليل وعكار المواطنين التبرّع بالدم من الفئات كافة للمستشفيات التي تستقبل مصابي انفجار خزان البنزين، بعدما ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 20 ضحية و79 جريحاً حسبما أعلن الصليب الأحمر اللبناني مطلع الفجر، فيما الأرقام مرشّحة للارتفاع مع استمرار عمليات البحث عن مفقودين محتملين في محيط الانفجار. وناشد الأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء الركن محمد خير جميع الجمعيات والمنظمات الدولية العاملة في لبنان، تسليم ما توافر لديها من أدوية وأمصال ومستلزمات طبية خاصة بمعالجة الحروق من الدرجة الثانية والثالثة إلى مستشفيات عكار وطرابلس والتنسيق مع الهيئة العليا للإغاثة بهذا الخصوص على رقم الهاتف 70242363.
روى رئيس بلدية التليل العكارية جوزف منصور التفاصيل التي شهدها قبل حصول مجزرة خزان البنزين وبعدها. 20 ضحية وعشرات الجرحى سقطوا اثر انفجار خزان بنزين جرت مصادرته عصر السبت. وقرابة الساعة الثانية والنصف من فجر الأحد، تمجهر عدد كبير من الناس، معظمهم من أهالي البلدة، بالقرب من الخزان للحصول على المادة الحيوية التي فقدت في اليومين الماضيين بعد امتناع معظم محطات الوقود عن تلبية الناس، فعمد الجيش الى دهم المحطات الممتنعة وأماكن التخزين لتسهيل حصول الناس على المحروقات. قال منصور أنه تواجد في مكان الحادثة "على بعد عشرين متراً" خلال الحادثة، نافياً ما يشاع عن إطلاق نار أدى الى الانفجار. وأشار الى أن صاحب الخزان هو من خارج البلدة، وبعد مصادرته عصر السبت من الأهالي، حضر الجيش وبدأت مفاوضات على أن يحصل اتفاق بتفريغ المحروقات وتزويد الأهالي بها. وهنا حصل تجمهر كبير من الأشخاص، وحصل الانفجار بعد إشعال أحدهم ولاعته.
وصف منصور ما حصل بـ"الكارثة" على الأهالي، ووجه نداء لمساعدة الجرحى المصابين بحروق، لاسيما ألاّ مستشفيات متخصصة في المنطقة، "مستشفيات عكار أشبه بمستوصفات، والجرحى يتم تبريد حروقهم بالماء في انتظار نقلهم الى مراكز متخصصة، منهم من يعالج في "السلام"، ونأمل بنقل المزيد منهم الى مستشفى الجعيتاوي"، علماً أنه لا يمكن إحصاء الجرحى بشكل دقيق حتى اللحظة، لكن رئيس البلدية تحدث عن أكثر من 200 جريح.
وتواصل عمليات البحث عن مفقودين في بلدة التليل العكارية. بعدما أُحصي حتى الآن نحو 20 ضحية وعشرات الجرحى خلال المجزرة التي وقعت بسبب انفجار خزان محروقات تجمهر حوله الأهالي للحصول على المادة الحيوية التي باتت نادرة بفعل السياسات الفاسدة.
وأظهرت صور في ساعات الصباح الأولى المشهد من مكان الانفجار، حيث عمليات الإنقاذ مستمرة. الفاجعة أدّت إلى ردّة فعل غاضبة لدى أهالي عكار، إذ تجمّع المئات من الأهالي،منذ ساعات الصباح الأولى في محيط موقع انفجار خزان البنزين في بلدة التليل، حيث ضرب الجيش طوقاً أمنياً حول المكان، ولا تزال عمليات المسح مستمرة من قبل الجيش والصليب الاحمر، بحثاً عن ضحايا ومفقودين محملين. كما أنّ التحقيقات الجارية لمعرفة مسببات هذا الانفجار الكارثي، الذي أحدث موجة من الغضب لدى الاهالي على هول الفاجعة التي حصلت، واصابت بشظاياها بلدات عكارية عدة فقدت العديد من ابنائها بين ضحايا ومصابين.
واقتحم عدد من أبناء عكار الذين تجمّعوا صباحا موقع حصول انفجار خزان البنزين في التليل، وعمدوا إلى رمي عناصر الجيش بالحجارة في فورة غضب.
وليلاً، شارك في عملية إجلاء الضحايا الجيش وقوى الأمن الداخلي والدفاع المدني والأهالي إلى جانب الصليب الأحمر وهناك أكثر من 13 سيارة إسعاف وعشرات المسعفين على الأرض.
كما توجهت فرق الإسعاف في جهاز الطوارئ والإغاثة من طرابلس إلى مكان الانفجار على الفور للمساعدة في عمليات نقل الجرحى والمصابين.
وأشار معلومات إلى أنّ هناك عدداً من المفقودين في محيط موقع الخزان قذفهم عصف الانفجار، لافتاً إلى أن حالاً من التوتر الكبير وسط هول الفاجعة تسود في المستشفيات ووصول أهالي الضحايا بحثاً عن أبنائهم. عون رئيس الجمهورية ميشال عون عن "ألمه الشديد على ضحايا انفجار خزان المحروقات، ليل أمس في بلدة التليل في منطقة عكار، والذي أودى بحياة عشرات الضحايا البريئة"، متمنّياً الشفاء العاجل للجرحى.
واعتبر عون، في بيان، أنّ "هذه المأساة التي حلّت بمنطقة عكار العزيزة أدمت قلوب جميع اللبنانيين الذين يقفون اليوم مع أبناء المنطقة في هذه المحنة التي ألمّت بهم".
وطلب "استنفار القوى والأجهزة الأمنية والصحية في المنطقة لمكافحة الحريق والعمل لنقل المصابين الى المستشفيات والمراكز الصحية وتقديم الاسعافات لهم على حساب وزارة الصحة"، كما طلب من "القضاء المختص إجراء التحقيقات اللازمة لكشف الملابسات التي أدت الى وقوع الانفجار، كما وشدد على تكثيف البحث للتأكد من عدم وجود مفقودين". وتعليقاً على الكارثة، غرّد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل عبر "تويتر" قائلاً: "قلوبنا في هذه الليلة مع أهالي التليل وعكّار، نصلّي لرحمة الشهداء ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين". كما غرّد الرئيس سعد الحريري عبر "تويتر" قائلاً: "مجزرة عكار لا تختلف عن مجزرة المرفأ. رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته. شفى الله الجرحى والمصابين". وأضاف: "ما حصل في الجريمتين لو كانت هناك دولة تحترم الإنسان لاستقال مسؤولوها، بدءاً برئيس الجمهورية إلى آخر مسؤول عن هذا الإهمال. طفح الكيل. حياة اللبنانيين وأمنهم أولوية الأولويات".
تعليقاً على الكارثة التي حلّت في بلدة التليل العكارية، أكد الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أنّ "ليل عكار الحزين أدمى قلوبنا جميعاً على أبرياء سقطوا ضحية طمع من استغلّوا أزمة المحروقات ليحققوا أرباحاً غير مشروعة ويحرموا الناس من أبسط حقوقهم". وأضاف ميقاتي، في بيان، أنّ "ما حصل يستصرخ ضمائر الجميع للتعاون لإنقاذ اللبنانيين مما هم غارقون فيه من ويلات ونكبات واهمال"، مؤكداً "العزم على المضي في العمل الدؤوب كي لا تبقى عكار لقمة سائغة للمحتكرين واصحاب الاطماع". وختم بالقول: "رحم الله الضحايا ودعاؤنا الى الله أن يشفي الجرحى، ويبعد عن لبنان واللبنانيين المصائب والويلات".
قد يهمك ايضا
تدافع وتضارب بين القوى الأمنية والمحتجّين أمام منزل حاكم مصرف لبنان
إعلاميو لبنان القلق خبزهم اليومي وما زالوا صامدين في ظل أزمات متراكمة تجتاح وطنهم
أرسل تعليقك