قال الرئيس التونسي قيس سعيّد، الاثنين، إنه "لن يتدخل في شؤون القضاء أبداً"، وذلك عقب إعلانه، السبت، حلّ مجلس القضاء، في خطوة وصفت بالبعيدة عن "الآلية القانونية أو الدستورية المشروعة".وأوضح سعيّد، في كلمة له خلال لقاء رئيسة الوزراء التونسية نجلاء بودن رمضان، أن "المجلس الأعلى للقضاء تمّ حله، لكنني لن أتدخل في القضاء أبداً، وقد تم اللجوء إلى الحل لأنه بات ضرورياً".
وأضاف: "حان الوقت لوضع حد للمهازل التي تحصل ونستمع إليها"، مشدداً على أن "من يعتبر القضاء "أداة لتحقيق مآربه الشخصية أو السياسية فليعلم أنه لن يتمكن من التسلل لقصور العدالة".ونفى الرئيس التونسي سعيه لـ"جمع السلطات"، مؤكداً أنه يريد أن "يكون هناك دستور نابع من إرادة شعبية"، معتبراً أنه "يجب أن يكون القضاء في مستوى المرحلة التاريخية".
وأضاف: "لا بد من تطهير البلاد الذي لن يتحقق إلا بقضاء عادل"، داعياً إلى "ضرورة التسريع في إعداد مشروع نص يتعلق بالتدقيق في القروض والهبات التي تحصلت عليها تونس منذ سنة 2011"، مضيفاً أنه "من حق الشعب أن يعلم من استفاد من هذه الأموال".من جهتها، أعربت الولايات المتحدة الإثنين عن "قلقها العميق" إزاء قرار الرئيس التونسي حلّ المجلس الأعلى للقضاء وإغلاق مقرّ هذه الهيئة الدستورية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركي نيد برايس إنّ "القضاء المستقلّ عنصر حيوي لديمقراطية فعّالة وشفّافة. من الضروري أن تحافظ الحكومة التونسية على التزاماتها باحترام استقلال القضاء وفقاً للدستور".وأضاف نيد برايس أنّ "الولايات المتحدة تجدّد دعوتها إلى تسريع عملية الإصلاح السياسي في تونس" والتي من شأنها ضمان "استمرار احترام حقوق الإنسان".
ومجلس القضاء الأعلى الذي أنشئ عام 2016، هو هيئة مستقلة مسؤولة عن تعيين القضاة. وهي تتألف من 45 قاضياً ينتخب البرلمان ثلثاهم ويختارون بأنفسهم الثلث المتبقي.وأغلقت الشرطة التونسية الإثنين مقرّ المجلس الأعلى للقضاء في إجراء ندّد به رئيسه باعتباره "غير قانوني".وأعلن الرئيس التونسي، السبت، حلّ مجلس القضاء، وهو هيئة دستورية مستقلة، معتبراً أنه يخدم أطرافاً معينة بعيداً عن الصالح العام، وأنه "يتلاعب بالملفات"، داعياً أنصاره إلى "التظاهر بكل حرية من دون الالتحام مع قوات الأمن".
وفي المقابل، قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس يوسف بوزاخر لوكالة "رويترز"، إن "قوات الشرطة أقفلت أبواب المجلس، الاثنين، بأقفال حديدية، ومنعت الموظفين من دخوله"، وذلك بعد قرار الرئيس قيس سعيد حله.كما قال بوزاخر لإذاعة "شمس إف.إم" التونسية، إن "مجلس القضاء سيواصل عمله سواء في مقر المجلس أو خارجه، بعد منع الموظفين من دخوله"، مشيراً إلى أنه "لا يعرف مصدر التعليمات حتى الآن".
وذكرت إذاعة "موزاييك" التونسية، أن الوحدات الأمنية تلقت تعليمات بمنع دخول أي شخص إلى مقر المجلس، مشيرة إلى أن قرار" المنع" يشمل جميع العاملين بمقر المجلس وأعضائه.ورفض رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الأحد، قرار حلّ المجلس، مشيراً إلى أنه "لا توجد أي آلية قانونية أو دستورية مشروعة تسمح له بذلك".
وأعرب المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الاثنين، عن "بالغ القلق"، إزاء دعوات الرئيس التونسي "لحل مجلس القضاء الأعلى وما تردد عن منع الموظفين من دخول المجلس الأعلى للقضاء".وواجه القرار رفضاً واسعاً من قبل المجلس وجمعية القضاة، وأعضاء البرلمان المعلّق، فيما خرجت تظاهرة الأحد، لتأييد القرار تزامناً مع وقفات في ذكرى اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد.
وفي السياق ذاته، وصفت جمعية القضاة، قرار سعيّد بحل المجلس الأعلى بأنه تراجع خطير وغير مسبوق عن المكتسبات الدستورية، وسعي لإخضاع القضاء للسلطة التنفيذية، مؤكدة أنها ستتصدي للقرار.وفي 25 يوليو الماضي، أعلن سعيّد في خضم أزمة اجتماعية واقتصادية وبعد أشهر من الجمود السياسي، اللجوء إلى الفصل الـ80 من الدستور الذي يخوله اتخاذ "تدابير استثنائية" في حال وجود "خطر داهم" على البلاد، وأعلن بمقتضاه إعفاء رئيس الحكومة، وتجميد عمل البرلمان.
وتضمّنت القرارات "إبقاء المجلس النيابي معلقاً أو مجمداً لحين إجراء انتخابات جديدة"، و"تنظيم انتخابات تشريعية وفقاً للقانون الانتخابي الجديد، في 17 ديسمبر 2022، بعد الاستشارات والتنقيحات التي سيتم إدخالها على القانون الانتخابي، وعلى عدد من النصوص الأخرى".
ونفى الرئيس التونسي قيس سعيد أي نوايا لديه لجمع السُلطات غداة إعلانه حل المجلس الأعلى للقضاء في خطوة واجهت انتقادات من خصومه.وقال سعيد في كلمة له خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالقصر الرئاسي أمس الاثنين، إنه لا يريد جمع السلطات ولكنه يرفض «دستورا كاللباس أو الحذاء على مقاس من وضعوه»، حسب وكالة الأنباء الألمانية.وطرح الرئيس التونسي بعد إعلانه التدابير الاستثنائية وتعليق العمل بدستور 2014، خارطة طريق سياسية تبدأ باستشارة وطنية إلكترونياً حتى مارس (آذار) ثم استفتاء شعبي في يوليو (تموز) حول الإصلاحات السياسية تعقبه انتخابات برلمانية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
قد يهمك ايضا
قيس سعيد يبحث مع أمين عام اتحاد الشغل الأوضاع في تونس
دَعَوَات للتظاهر ضِدّ الإجراءات التي أَقَرَّهَا قيس سعيد في تونس
أرسل تعليقك