روما - كميل سليمان
لم يخرج البيان الختامي لـ"المؤتمر الوزاري الموسع بشأن سوريا" الذي عقد بالعاصمة الإيطالية روما على هامش اجتماع "مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش"، عن العموميات التقليدية التي تتبناها الدولة المُجتمعة، وعلى رأسها الولايات المُتحدة، بشأن سوريا، من الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار وإيصال المساعدات دون عوائق والاستمرار في العمل في اللجنة الدستورية السورية للتوصل إلى تسوية سياسية وفق قرار مجلس الأمن 2254.وهذا يدل على أن المسار الإقليمي والدولي بشأن سوريا ما زال على حاله، رغم التوقعات المتفائلة السابقة بشأنها. وكان الاجتماع الأخير الذي عقده الرئيسان الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتن في مدينة السويسرية قد تطرق "هامشياً" إلى المسألة السورية، إذ أظهر الطرفإن حرصهما للتوصل إلى توافقات بينية بشأنها، وأحالا التفاصيل إلى لجان سياسية وفنية مشتركة بينهما لتدارس الأمر. التوجه الذي أوحى بأن مرحلة القطيعة السياسية بشأن سوريا بين البلدين ربما تكون قد انتهت.
تصريحات وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف غداة الاجتماع، والتي أعلن فيها رفض بلاه تجديد التصريح الممنوح للأمم المتحدة بشأن إدخال المساعدات إلى سوريا، والذي ينتهي في العاشر من شهر يوليو القادم، شكل أعلاناً أولياً دالاً على عدم حدوث أي توافق ثنائي أميركي روسي، بالرغم من كل اشكال التمهيد التي قدمتها الولايات المتحدة بشأن ذلك، مثل إيقاف شركة "كريست أويل" الأميركية عن العمل في القطاع النفطي في شمال شرقي سوريا، وعدم فرض عقوبات جديدة على النظام السوري والمتعاونين معه، وعدم الدخول في حملة مناهضة للانتخابات الرئاسية التي جرت في سوريا، على الرغم من اعتبارها مخالفة لبنود قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وكانت التوسعة التي فرضتها الولايات المتحدة على الاجتماع الوزاري المُصغر بشأن سوريا قد دلت على أن التوجه الأميركي الرئيسي يذهب لإعادة هيكلة تحالف دولي/إقليمي للضغط على روسيا وإيران والنظام السوري للدخول في عملية سياسية حقيقية تنهي "المأساة السورية". إذ دعت الولايات المتحدة للاجتماع الأخير، وإلى جانب وزراء خارجية دولة "مجموعة السبعة الكبار"، أثني عشر دولة إقليمية ومؤسسة دولية، بغية تحجيم خلافات هذه الدول الإقليمية وتعارض مصالحها بشأن سوريا، بغية خلق تلك الجبهة.
روسيا متأكدة من التأثير العميق لأي اتفاق سياسي بشأن سوريا على نفوذها شبه المطلق هناك، ولأجل ذلك تماطل في التفاهمات مع الولايات المتحدة، هكذا شرح الكاتب والباحث سليم الشغري في حديث مع سكاي نيوز عربية. وقال الشغري: "تعرف روسيا ثنائيتين رئيسيتين في علاقتها المتجددة مع الولايات المُتحدة، فمن جهة هي متأكدة بأن الولايات المتحدة حريصة على إبقاء أواصر التواصل معها مفتوحة وهادئة خلال الأفق المنظور، وذلك في ظلال المواجهة الأميركية الأوربية مع الصين. ومن جهة أخرى فإن سوريا لا تشغل مساحة استراتيجية للولايات المتحدة وانشغالاتها العالمية الأخرى. لذا فإن روسيا لا تخوض في أية مساومة سياسية جدية بشأن سوريا مع الولايات المتحدة".
يضيف الشغري في حديثه "تفضل روسيا عوضاً عن ذلك تفاهمات بينية مع القوى الإقليمية بشأن سوريا، بالذات تركيا وإيران، وعبر مسار الأستانة، الذي هو بالأساس مجرد منصة للتنسيق الأمني بين هذه البلدان، ومحاولة لموائمة المصالح فيما بينهما، ولا يحمل أية سمات وتطلعات سياسية، مثلما تحاول الولايات المتحدة فرضها عبر قرار مجلس الأمن 2254، والذي يمس النواة الصلبة للنظام السوري ومستقبله السياسي".
قد يهمك ايضا
البيت الأبيض يعلن أنه أبلغ بعض أعضاء الكونغرس قبل تنفيذ ضربات جوية في سوريا والعراق
إيران تعزز قاعدتها في ريف حلب مقابل مواقع " قوات سوريا الديمقراطية " المدعومة من أميركا
أرسل تعليقك