أعلنت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، مقتل جندي تركي وإصابة 3 آخرين، في اشتباكات مع قوات سورية الديمقراطية في منطقة شرق الفرات، شمالي سورية .
وشنّت تركيا وفصائل سورية موالية لها، الأربعاء، هجومًا عسكريًا ضد مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، في وقت حذرت الأخيرة من أن يُسهم ذلك في إنعاش تنظيم "داعش"، الذي تحتجز قوات سورية الديمقراطية الآلاف من مقاتليه وأفراد عائلاتهم في سجون ومخيمات.
وحذر الأكراد أن "الاعتداءات على السجون التي تحوي عناصر داعش المتطرفين ستؤدي إلى كارثة قد لا يستطيع العالم تحمل تبعاتها في وقت لاحق".
ومنذ إعلان تركيا قبل أيام عن عملية عسكرية وشيكة، حذر الأكراد من أنها قد تقوّض الجهود الناجحة التي بذلوها لدحر التنظيم، وتسمح بعودة قادته المتوارين عن الأنظار.
وتحتجز قوات سورية الديمقراطية، التي أعلنت القضاء على "الخلافة" في مارس، الآلاف من مقاتلي تنظيم داعش وأفراد عائلاتهم، وبينهم عدد كبير من الأجانب.
وأبدت دول أوروبية عدة أيضًا قلقها البالغ من تداعيات أي هجوم تركي محتمل على المعركة ضد خلايا تنظيم داعش مع انصراف المقاتلين الأكراد إلى مواجهة تركيا.
وبرغم هزيمته الميدانية، لا يزال التنظيم قادرًا على التحرّك عبر خلايا نائمة ويشن هجمات عدة في مناطق سيطرة الأكراد.
نفذت القوات التركية والجيش الوطني السوري الموالي لها، توغلًا بريًا في عمق شرق نهر الفرات أمس (الخميس) في اليوم الثاني للعملية العسكرية التركية المسماة "نبع السلام" التي أعلنت الدول العربية والغربية رفضها لها مطالبة تركيا بالانسحاب. وفي الوقت ذاته، هدد الرئيس رجب طيب إردوغان الدول الأوروبية بـ"فتح أبواب تركيا أمام اللاجئين السوريين للتدفق عليها إذا لم تتوقف عن وصف العملية التركية في شرق الفرات بالغزو والاحتلال".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن عملية "نبع السلام" استمرت بنجاح برًا وجوًا وأنها أسفرت عن السيطرة على الأهداف المحددة. وقالت في تغريدة على "تويتر" إن العملية مستمرة بنجاح كما هو مخطط لها. وأضافت: "عملية (نبع السلام) استمرت بنجاح طيلة الليلة (قبل) الماضية برًا وجوًا، وتمت السيطرة على الأهداف المحددة... أبطالنا من القوات الخاصة الذين يشاركون في عملية (نبع السلام) يواصلون التقدم شرق الفرات".
وكانت الوزارة أعلنت عن أن القوات التركية والجيش الوطني السوري بدآ عملية برية شرق الفرات في إطار عملية "نبع السلام" مساء أول من أمس. وذكرت تقارير إعلامية تركية أن القوات دخلت سورية من 4 نقاط؛ اثنتان منها قريبتان من تل أبيض، والأخريان قرب رأس العين التي تقع أبعد نحو الشرق. وقالت الوزارة إن الجيش التركي أصاب 181 هدفًا للمقاتلين الأكراد في ضربات جوية وبنيران المدفعية منذ بداية العملية في شمال شرقي سورية.
ونفذ الجيش التركي قصفًا مدفعيًّا عنيفًا، أمس، ضد مواقع تحالف "قوات سورية الديمقراطية (قسد)" التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية أكبر مكوناتها، في مدينة تل أبيض قبالة بلدة أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا الحدودية جنوب تركيا. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المنطقة المستهدفة بالقصف الذي يتواصل على فترات متقطعة. وتصاعدت أعمدة الدخان من مدينة رأس العين عقب قصف المدفعية التركية أهدافًا فيها في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، وفجر أمس.
وأعلن الجيش الوطني الموالي لتركيا السيطرة على قريتين في محيط مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي. وذكر، في بيان، أن مقاتليه سيطروا على مزارع قرية اليابسة وقرية تل فندر غرب مدينة تل أبيض، بعد اشتباكات مع "الوحدات" الكردية. ولم تعلق "قسد" على إعلان الفصائل الموالية لأنقرة.
وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن قوات خاصة تركية دخلت قرية بئر عاشق الواقعة شرق مدينة تل أبيض عند الشريط الحدودي مع تركيا، بمساعدة خلايا نائمة في القرية، وأن هناك اشتباكات تدور حاليًا بين "قسد" والقوات التركية والفصائل الموالية لها على محور قرية اليابسة غرب تل أبيض، في محاولة من الأخيرة لاحتلال هذه القرية أيضًا. وتترافق هذه الاشتباكات مع ضربات جوية من قبل الطيران التركي، بالإضافة لقصف صاروخي مكثف.
ورصد "المرصد" تنفيذ طائرات حربية تركية غارتين اثنتين على "اللواء 93" في منطقة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، دون معلومات عن خسائر بشرية. كما وردت معلومات عن مقتل 9 عناصر من الفصائل السورية الموالية لأنقرة خلال قصف واشتباكات مع "قسد".
وردت "قسد" على القصف التركي بإطلاق قذائف "هاون" أسفرت عن إصابة 17 شخصًا في بلدة أكتشا قلعة التركية المقابلة لبلدة تل أبيض. وأصيب 9 مدنيين بجروح في مناطق تركية مختلفة بمحاذاة الحدود السورية، إثر إطلاق "قسد" قذائف على الجانب الآخر من الحدود.
وأدى القصف إلى إصابة 5 أشخاص في قضاء نصيبين بولاية ماردين، واثنين بقضاء جيلان بينار، وآخرين في بيرجيك بولاية شانلي أورفا.
كما وقعت أضرار مادية في عدد من المنازل، فيما سقط كثير من هذه القذائف في حقول زراعية. وقررت السلطات التركية تعطيل المدارس ليومين في المناطق القريبة من الحدود السورية المتاخمة لمنطقة عمليات "نبع السلام"، لدواع أمنية ولتجنيب الطلاب الأذى.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن "الجيش يؤدي مهامه بكل بسالة، ومعنويات عالية جدًا، أثناء تنفيذ عملية (نبع السلام)" شمال شرقي سورية. وأشار في تصريحات للصحافيين في أنقرة، أمس، إلى أن وزارة الدفاع تنشر المعلومات حول عملية "نبع السلام" على موقعها الرسمي.
وزود أكار نظيرَه القطري خالد بن محمد العطية، بمعلومات عن العملية العسكرية، في اتصال هاتفي بينهما أمس، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية، وأعلن الوزير القطري عن دعم بلاده العملية العسكرية.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أجرى اتصالًا هاتفيًا بإردوغان الليلة قبل الماضية، استعرضا خلاله العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية، لا سيما مستجدات الأحداث في سورية. ووصف تميم خلال اتصاله الهاتفي إردوغان بأنه الصديق المقرب، وقال إن تركيا الدولة الشقيقة ومرحب بها.
وهدد إردوغان، في كلمة أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم، في أنقرة أمس، الاتحاد الأوروبي بإرسال ملايين اللاجئين السوريين إلى أوروبا في حال استمر الاتحاد في وصف عمليات تركيا العسكرية بـ"الغزو والاحتلال".
وأشار إردوغان إلى أن قوات الجيش التركي دمرت عددًا من المواقع العسكرية التابعة لـ"الوحدات" الكردية، وقتلت 190 منهم، فضلًا عن وقوع إصابات في صفوفهم، قائلًا: "الجيش التركي سيقضي على كل (المتطرفين) من خلال عملية (نبع السلام) في شمال سورية... لا نريد لـ(داعش) أن يكون قويًا مرة أخرى في سورية؛ بل نريد من أوروبا دعمًا قويًا لإلحاق الهزيمة به".
من جانبه، جدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي أجرى اتصالات هاتفية مع عدد من نظرائه منهم وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وألمانيا، التأكيد على أن الهدف من عملية "نبع السلام"، هو القضاء على الإرهاب، وليس أكثر من ذلك.
وأعرب عن استنكاره الشديد الانتقادات الموجهة لهذه العملية بدعوى أنها ستعرقل عملية مكافحة تنظيم "داعش" المتطرف، وأنها ستؤدي إلى حدوث أزمات إنسانية، مضيفًا: "لقد تعبنا من ضرب المنافقين في وجوههم، فهؤلاء لم يتعبوا أو يملوا من النفاق مع الأسف، لكننا سنواصل ضربهم في وجوههم". وعبّر عن رفضه التصريحات التي أدلت بها فرنسا، وبعض الدول الأخرى، بخصوص عدم تقديمهم أي دعم مادي لإنشاء المنطقة الآمنة المخطط لها في الشمال السوري، مضيفًا: "سنعتمد على أنفسنا في هذا الأمر، وبنجاح كبير سننهي هذه العملية الحيوية بالنسبة لنا".
في السياق ذاته، تتعقب أجهزة الأمن التركية محتوى وسائل التواصل الاجتماعي الذي تعدّه مناهضًا للعملية العسكرية، واتخذت إجراءات قانونية ضد نحو 100 شخص واعتقلت صحافيًا بسبب معارضتهم لها.
قد يهمك ايضا
القوات التركية تُسيطر على عدة قرى وهروب آلاف السوريين مع استمرار الغارات
أرسل تعليقك