كشف مسؤولون عراقيون عن ارتفاع عدد معتقلي تنظيم "داعش" من الجنسية السعودية لأكثر من 50 شخصاً، جرى اعتقالهم خلال معارك تحرير المدن والمناطق العراقية من سيطرة التنظيم، فيما ذلك يقول السفير الأميركي في العراق إن الولايات المتحدة تسعى للوقوف بوجه نفوذ إيران ومساعدة الحكومة الاتحادية على حل خلافاتها مع إقليم كردستان.
وأكد عضو بارز في البرلمان العراقي ومقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي، طلب عدم ذكر اسمه، أن "ملفهم قضائي غير قابل لأي تفاوض، لأنهم متورطون بجرائم ضد العراقيين"، بحسب الخليج الجديد. ويأتي ذلك مع بدء محكمة متخصصة بقضايا الإرهاب في بغداد بتسلم ملفات المعتقلين بعد انتهاء التحقيقات معهم بغية النطق بالأحكام القضائية.
وذكر مسؤول رفيع في وزارة الداخلية العراقية أن "عدد المعتقلين الأجانب والعرب من عناصر "داعش" ارتفع لأكثر من 400 مسلح، جرى اعتقالهم خلال معارك تحرير المدن العراقية شمال وغرب البلاد من جنسيات آسيوية وأوروبية وعربية، واحتلت السعودية الصدارة في عدد المعتقلين بواقع 51 عنصراً".
وبين المسؤول أن "غالبيتهم دخلوا العراق عبر الحدود مع سورية، وليس على نحو مباشر من الحدود السعودية العراقية"، مضيفا أن "مقاتلين من دول المغرب ومصر والأردن ولبنان تم اعتقالهم، فضلا عن سوريين، كما توجد جنسيات شيشانية وطاجيكية وتركية وباكستانية".
وبحسب المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن العراق سيقوم بإبلاغ الدول عن اعتقال مواطنيها وفقاً للقوانين الدولية، لكنه لن تكون هناك إمكانية للحديث عن أي تسليم لهم كون ملفهم قضائيا بالدرجة الأولى. وبات الحديث يتعالى بشأن ظهور تنظيمات متطرف بمسميات جديدة، رغم أن أصلها لايبتعد كثيراً عن تنظيم "داعش"، الذي خسر كل الأراضي التي سيطر عليها بعد حزيران/يونيو 2014، فيما يقول السفير الأميركي في العراق إن الولايات المتحدة تسعى للوقوف بوجه نفوذ إيران ومساعدة الحكومة الاتحادية على حل خلافاتها مع إقليم كردستان. وبعد شهرين من تحريرها، شهدت المناطق المحيطة بقضاءي الطوز وداقوق هجمات استهدفت مواقع وأهدافاً تابعة للجيش والحشد التركماني. ويعتقد أن منفذي تلك العمليات عناصر هاربون من "داعش"، استقروا في أماكن وعرة تقع في أطراف المحافظة.
وتأتي تلك التوترات الأمنية بعد يومين من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، النصر النهائي على "داعش".
ويقول أبو رضا النجار، المشرف على الحشد التركماني، إن"عناصر "داعش" الإرهابي الذين هربوا من قضاء الحويجة بعد تحريره استقروا في مناطق ممتدة من غرب قضاء داقوق بامتداد مناطق جمبور وصولاً لمناطق محيطة بكلر وكفري وقادر كرم غرب الطوز وصولاً لمناطق محيطة بجبال حمرين وقره تبة".
وتتميز تلك المساحات الجغرافية، التي لجأ اليها المسلحون، بأنها مناطق متشعبة وصعبة ووعرة، ولايمكن استخدام مركبات فيها. ويؤكد النجار في تصريح لـ(المدى)، أن"هؤلاء الإرهابيين هم دواعش هربوا من قضاء الحويجة واستقروا في المنطقة، ولدينا خطط لمواجهتهم وإنهاء وجودهم".
وتشهد مدن وقرى الحويجة، منذ أسابيع، حوادث أمنية مختلفة، تمتد بعض الاحيان إلى داخل مدينة كركوك. ويعجز مقاتلو العشائر عن ملاحقة المسلحين بسبب ضعف الإمكانات. وتنشغل بعض القطعات العسكرية بمهام جديدة، بعدما حلت محل قوات البيشمركة، التي انسحبت قبل نحو شهرين من كركوك. بدوره قال ضابط في الجيش العراقي ورفض الكشف عن هويته، إن"هؤلاء مجموعة من مقاتلي "داعش" والانفصاليين والمهربين الذين يتقنون فن التنقل والقتال في منطقة صعبة جغرافياً"، مشيراً إلى أن المسلحين"نفذوا ثلاث هجمات الأسبوع الماضي وقدمنا أكثر من ثلاثة شهداء وعشرات الجرحى".
ويؤكد الضابط العراقي أن"تلك المجاميع تستقر بمناطق تمثل الحد الفاصل بين مناطق التماس بين القوات العراقية والكردية". ويطلق على هذه المجاميع (الرايات البيضاء)، أو (جيش أحرار السُّنة). وتضم عناصر من الكرد والعرب والتركمان، بحسب أحد قياديي الحشد الشعبي في كركوك. ويقول أبو حسن طوزلو "إنهم مجاميع إرهابية يرتدي بعضهم ملابس بيضاء، ونحن نرصدهم وكان لهم ثلاث مركبات، والآن أصبح لديهم 12 مركبة وفيهم مقاتلون غالبيتهم من الكرد والتركمان والعرب".
ويستدرك طوزلو بالقول إن "الدواعش الذين هربوا من الحويجة غالبيتهم من الكرد استخدموا طرقا مشوا فيها لأربعة أو خمسة أيام تسمى بطريق الشاي عبر نهر الخاصة بمحوري قضاءي داقوق والطوز".
على الصعيد ذاته، يؤكد ضابط رفيع في جهاز الاستخبارات أن"هؤلاء مجموعة إرهابية تابعة لـ"داعش" والتحق بها بعض الذين تضرروا من دخول القوات الاتحادية إلى المنطقة". ولفت المصدر الاستخباري، مشترطاً عدم كشف اسمه، أن"ما أثير عن أحرار السنة أو الرايات البيض هي تسميات لا أساس لها على الواقع،لأنها أثيرت بهدف خلق بؤر للتوتر بين المكونات".
من جهته، ثمن النائب التركماني عن كركوك حسن توران"الجهود المبذولة لتحرير المدن من فلول عصابات "داعش" الإرهابية". وأكد توران، في بيان صحافي ،"بدء مرحلة جديدة من بسط الأمن وتعزيز الجهود لبدء الإعمار وتأهيل المناطق المحررة. داعيًا إلى تعويض عوائل الشهداء والجرحى والمتضررين من العمليات العسكرية". وطالب توران"القائد العام للقوات المسلحة بالاستمرار في استكمال مراحل فرض الأمن في المدن المحررة وضرورة ملاحقة الخارجين على القانون والذين يرتكبون خروقاً أمنية في مناطق عمليات فرض الأمن وتحديدًا في محافظة كركوك وقضاء طوزخورماتو".
وأشار النائب التركماني إلى أن"قضاء الطوز شهد ليل إعلان بيان النصر السبت الماضي، قصفاً عشوائياً بقنابر الهاون من جهة المنطقة الجبلية المحيطة بالقضاء، وهو ما أسفر عن وقوع ضحايا في صفوف المدنيين والاطفال والنساء والعزّل". وفي غضون ذلك يقول السفير الأميركي في العراق إن الولايات المتحدة تسعى للوقوف بوجه نفوذ إيران ومساعدة الحكومة الاتحادية على حل خلافاتها مع إقليم كردستان. وكان السفير الأميركي لدى العراق دوغلاس سيليمان قد تسلم منصبه في بغداد في أيلول عام 2016، أي قبل أسابيع قليلة فقط من بدء العمليات العسكرية لتحرير مدينة الموصل.
ومع طرد تنظيم "داعش" من جميع الأراضي، التي كان يحتلها وإعلان العراق خالياً من "داعش"، فإن السفير الأميركي يقول إن واشنطن تركز جهودها الآن في الحفاظ على السلم ومواصلة الإعمار وإنها تعتبر نفوذ إيران في العراق مشكلة. وأضاف "ببساطة إن إيران لا تحترم سيادة البلدان المجاورة لها".
واستدرك السفير الأميركي أن "الإيرانيين قاموا بمساعدة الحكومة العراقية في حربها ضد "داعش" وإلحاق الهزيمة به إلى حد ما، لكنني بصراحة لم أجد الإيرانيين يتبرعون بأموال للمساعدات الإنسانية، ولم أجدهم يساهمون ببرامج الأمم المتحدة لدعم الاستقرار في العراق".
وعندما اجتاح تنظيم "داعش" أراضي واسعة في شمال ووسط العراق صيف عام 2014، حشدت الفصائل الشيعية المدعومة من إيران صفوفها للدفاع عن البلد موفرة جهداً دفاعياً في مناطق عديدة، بينما كانت القوات المسلحة تعيد بناء صفوفها. والآن يضم الحشد الشعبي، الذي تدعمه الدولة عشرات الآلاف من المقاتلين المنتشرين عبر البلاد. وإن الانتصارات المتحققة ضد "داعش" جعلت من قادة هذه الفصائل المسلحة متنفذين على نحو كبير.
وكانت إدارة ترامب قد دعت لحل قوات الحشد بعد الانتهاء من الحرب على "داعش". وحذرت أيضا من أنها ستتخذ موقفاً أكثر صلابة مع إيران بتهديدها في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع معها عام 2015 وفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني المتنفذ. وفي هذه الاثناء يبحث العراق عن مساعدات خارجية لإعادة الإعمار بعد الحرب التي تقول الحكومة بأنها تسببت بخراب وأضرار في المدن المحررة تقدر بـ100 مليار دولار. وبعد مرور أشهر على انتهاء العمليات العسكرية ما يزال هناك ما يقارب من ثلاثة ملايين عراقي نازح . وأوضحت إدارة ترامب بأن الحملة العسكرية التي كلفتها 14.3 مليار دولار ضد "داعش" لا يمكن ان تستبدل بمبلغ مشابه لتمويل جهود إعادة الإعمار في العراق، حيث وجهت منظمات الإغاثة الدولية الآن أنظارها إلى بلدان الخليج الثرية بدلا من الولايات المتحدة.
وتابع السفير سيليمان بالقول إن "العراق يخرج الآن من مرحلة صعبة حصل فيها الكثير من الأضرار الاقتصادية والكثير من التمزق الاجتماعي، ونحن نعتقد انه من المهم بالنسبة للعراق أن تكون لديه علاقات إيجابية مع جميع الدول المجاورة له، وأن إيران مشمولة في ذلك ايضا."
وأكد السفير الأميركي أن "الولايات المتحدة متفائلة بجهود العراق الاخيرة في تحقيق التواصل مع السعودية والأردن، فهم حلفاء تتأمل منهم واشنطن أن يلعبوا دورا أكبر في البلد الذي يسعى للمضي قدماً نحو الأمام". وتأمل الولايات المتحدة أيضا ان تساعد من جانبها في تهدئة التوترات الحاصلة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان عقب استفتاء الاستقلال الذي جرى في أيلول ورفضته بغداد. ويقول سيليمان إن "الدور المتواضع نسبيا الذي نلعبه هو في مساعدة الطرفين على إيجاد سبل للمضي عبر باب الحوار والمفاوضات". وأشار السفير الأميركي إلى انه "في الوقت الذي يؤيد فيه الطرفان فكرة المناقشات والحوار، فإن أي مفوضات لإنهاء هذه الازمة لم تبدأ بعد بينهما".
أرسل تعليقك