توجّه الدبلوماسية الغربية النشط مؤخرا نحو ضرورة وقف الحرب في اليمن ووضع حد للأزمة اليمنية وضع الطرفين الرئيسيين في هذا الصراع، وهما الحكومة اليمنية والانقلابيون الحوثيون، في مأزق حقيقي، حيث يرغب كل طرف من هذه الأطراف في الاستمرار في الحرب حتى يحقق هدفه الكامل بالاستيلاء السلطة في البلاد.
وأوضح مصدر سياسي لصحيفة عربية أن الانقلابيين الحوثيين وكذلك الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي يعتقدون بأن أي حل سياسي للأزمة اليمنية يعني تقديم تنازل عن الكثير من القضايا المصيرية، وهو ما يرفضه الطرفان جملة وتفصيلا، حيث يرفض الانقلابيون الحوثيون التنازل عن أي مكسب عسكري حققوه خلال فترة الحرب، كما ترفض الحكومة التنازل عن أي سلطة من سلطاتها لصالح الانقلابيين الحوثيين.
وقال إن "الدول الأوروبية تدفع بقوة حاليا نحو التسريع بحل سياسي للأزمة في اليمن، وفي مقدمتها وقف الحرب، ويوافقها في ذلك موقف الأمم المتحدة التي يسعى مبعوثها الخاص الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث إلى تدشين عمله بجولة جديدة من المفاوضات اليمنية لإنهاء الصراع في اليمن، والتي يبدو أنها ستكون عبر حلول وسط، يدفع بالطرفين إلى نقطة التقاء يمكن التفاهم حولها، يحافظ فيها كل طرف على مستوى معين من المكتسبات التي حققها خلال فترة الحرب وما قبلها".
وأكد أن هذا التوجه الغربي وضع طرفي الحرب في اليمن، وهما الحكومة والانقلابيون في (مأزق) لما يترتب على أي حلول سياسية من تبعات تفقدهما الكثير من المصالح التي يمتلكونها في الوقت الراهن، رغم الضعف الذي يعاني منه كل طرف في الحفاظ على ذلك أو الاستمرار على هذا الحال لفترة طويلة.
وأضاف "الحوثيون يخشون من أي تسوية سياسية لأنها ستفقدهم الكثير مما في أيديهم من مكاسب ونفوذ، خاصة مع سيطرتهم حاليا على كل مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء والتي يستخدمونها كلها لصالحهم وخدمة مشروعهم السلطوي، في الوقت الذي تخشى فيه الحكومة من تبعات التسوية السياسية التي ستدفعها نحو التنازل عن بعض سلطات الدولة للانقلابيين الحوثيين وهو ما يعتبرونه شرعنة للانقلاب".
ومع طول أمد الحرب اليمنية التي تكمل عامها الثالث اليوم الأحد، منذ أن دخل التحالف العربي بقيادة السعودية على خط الأزمة اليمنية، أصبح كل طرف في الحرب في حالة ضعف لا يحسد عليه، بما فيه التحالف العربي، والذي أوصل الجميع إلى قناعة بأنه لا حل للأزمة اليمنية إلا عبر الحوار السياسي والمفاوضات العاجلة لوقف الحرب، التي ألقت بانعكاساتها السلبية على الوضع الإنساني في اليمن بشكل مخيف أحرجت دول التحالف والحكومة اليمنية والانقلابيين كما أحرجت المجتمع الدولي الذي ظل يرقب الوضع في دور المتفرج لما يحدث في اليمن من مأساة إنسانية.
وكان مارتن غرفيث قال الثلاثاء الماضي عند مباشرته عمله الجديد كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن "بدعم من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي، فإنني أعد الشعب اليمني بأنني سوف أعمل بجد لتيسير عملية سياسية شاملة على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ومؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2166 (2015)".
وأوضح "سأرتكز على التقدم الذي تم إحرازه خلال جولات المفاوضات السابقة من أجل خدمة مصالح الشعب اليمني. إنّ أي عملية سياسية ذات مصداقية تتطلب أن يتمتع جميع الأطراف بالمرونة اللازمة، وتقدم تنازلات صعبة، وأن تضع المصلحة الوطنية في الصدارة من أجل الشعب اليمني".
وقال مصدر مقرب من الحكومة اليمنية إن (العملية السياسية الشاملة) التي يطمح غريفيث إلى الشروع في التيسير لها وطلبه من مختلف الأطراف (تقديم التنازلات) التي وصفها بـ(الصعبة) توحي بأن "هناك صيغة جاهزة أو مشروع حل تم تجهيزه على ضوء المباحثات السياسية السابقة، بدأ مبعوث الأمم المتحدة التسويق له منذ الأيام الأولى للقاءاته التي عقدها مع الطرف الحكومي اليمني في الرياض ومع بعض الأطراف السياسية اليمنية المقيمة هناك".
وذكر أن غريفيث بدأ مهمته بطموح و(توقع عالي)، خصوصا أنه يحاول الاستقواء بالدولة التي ينتمي اليها وهي بريطانيا، "غير أن هذا الطموح قد يصطدم بـ(صخرة) الانقلابيين الحوثيين الذين لا يرغبون في الواقع بإنهاء الحرب لأنه يحقق مصالحهم التي يطمحون إليها، لأنهم جماعة مسلحة قائمة على العمل المسلح وتقتات من فوهات البنادق".
وأشار إلى أن أي تسوية سياسية في اليمن سيشكل (أزمة حقيقية) لانقلابيي جماعة الحوثي على أرض الواقع، والتي ستسعى إلى عرقلة أي تقدم في هذا الجانب، كما حصل في كل جولات المباحثات اليمنية السابقة التي نسفتها بالكامل، إلا إذا مورست عليها ضغوطا من قبل الدول الداعمة لها وفي مقدمتها إيران، على اعتبار أن (مفتاح الحل) في طهران، وهو ما يعتقد البعض بأن هناك تحركات في هذا الاتجاه من قبل الدول المهتمة بالملف اليمني.
أرسل تعليقك