أعلنت القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية أن أكثر من 800 مدني قتلوا؛ جراء غارات التحالف الدولي تحت قيادة الولايات المتحدة، منذ بدء عملياته في سورية والعراق، فيما دانت وزارة الخارجية العراقية، الاعتداءات المتطرفة التي وقعت في كل من مدينة كابول في أفغانستان ومدينة سان بطرسبرغ الروسية وشمال سيناء في مصر.
وذكرت القيادة، في بيان "وفقًا للمعلومات المتاحة حاليًا، تعتقد القيادة المركزية أن 817 مدنيًا قتلوا من دون قصد بضربات التحالف منذ بدء العملية. ولا يزال التحقيق مستمرًا بشأن 603 حوادث أخرى، وفي غضون ذلك قال تقرير أميركي إن استمرار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في سياساته المعادية للكورد سيكون مبررًا لمطالبة الكورد بالاستقلال، مطالبًا بـ"إنهاء" هذا الأمر .
وشنت مليشيات الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية الأخرى هجومًا على مدينة كركوك ومناطق كوردستانية أخرى خارج إدارة إقليم كردستان في 16 تشرين الأول الماضي، انتهت بالاستيلاء على المدينة ومساحات واسعة من تلك المناطق قبل أن توقف قوات البيشمركة تقدم هذه القوات، كما فرضت بغداد حظرًا على الرحلات الدولية إلى مطارات إقليم كردستان، بالإضافة لخفض حصة الاقليم من الموازنة الفيدرالية من 17 بالمائة إلى 12 .
وقالت صحيفة واشنطن تايمز الواسعة الانتشار، في تقرير لها إن العبادي بات يسيء معاملة المواطنين الكرد في بلاده، ولا بد من إنهاء هذا الأمر، وتطرق التقرير إلى ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون من أن بلاده ستقف مع الكرد في تنفيذ بنود الدستور العراقي بصورة كاملة بعدما تم انتهاكه عشرات المرات طيلة السنوات الماضية الأمر الذي يدفع الكرد إلى التفكير في إعلان الاستقلال.
وتقول واشنطن تايمز إن الدول التي وقفت ضد الاستفتاء بما فيها الولايات المتحدة باتت تدعو الآن العبادي إلى احترام بنود الدستور، كما ذكّر التقرير الأميركي بتصريح لرئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ربط فيه استقرار العراق بالالتزام التام بتنفيذ الدستور، ولم يعامل العبادي، كما يقول تقرير واشنطن تايمز، الكرد على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق بخلاف المادة 131 من الدستور التي تعطيهم الحق في الحصول على حصة عادلة من إيرادات العراق.
ويلزم الدستور كذلك الحكومة العراقية بتسليح وتمويل قوات البيشمركة التي تتولى تأمين مناطق إقليم كردستان، وفق تقرير الصحيفة الأميركية، ومع ذلك، فإن الحكومة المركزية العراقية لم تقم بإرسال الأموال والأسلحة اللازمة إلى قوات البيشمركة لمواجهة تنظيم "داعش" كما رفضت إرسال رواتب الموظفين ما أجبر الكرد على الاعتماد على عائدات النفط لتغطية نفقاتهم، طيلة السنوات الثلاث الماضية.
وأشارت الصحيفة إلى المادة 140 الدستورية الخاصة بتسوية الأوضاع في المناطق الكردستانية الخارجة عن إدارة إقليم كوردستان أو ماتسمى بـ "المتنازع عليها"، ومن ضمنها كركوك وهذه المناطق تعتبر بؤرة الخلاف بين أربيل وبغداد.
وطبقًا للمادة 140 في الدستور الذي أقر عام 2005، كان يفترض البت في مستقبل كركوك، والمناطق المتنازع عليها الأخرى، على ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع ثم الإحصاء على أن يتبع ذلك استفتاء محلي بشأن عائديتها، إلا أن ذلك لم ينفذ بسبب تعمد بغداد المماطلة .
وتضيف واشنطن تايمز أن كركوك بالنسبة للكورد هي "قلب كردستان" وسبق أن شهدت تطهيرًا عرقيًا ضدهم إبان حكم صدام حسين، ولم تعد مدينة متنوعة عرقيًا إلا بعدما سيطرت قوات البيشمركة عليها، وأبعدتها عن خطر الهجوم الخاطف لتنظين "داعش" عام 2014، وبعد سيطرة القوات العراقية والحشد الشعبي على كركوك في 16 تشرين الأول، توترت الأوضاع في المدينة على نحو غير مسبوق، كما بدأت مجددًا محاولات لتغيير ديموغرافية المدينة وسياسات التعريب، إذ بدأ العرب الذين كان نظام صدام قد جلبهم للمدينة ورجعوا إلى مناطق سكناهم الأصلية بعد سقوط النظام إثر استلامهم تعويضات من الحكومة، بدأوا بالعودة إلى كركوك وضواحيها والضغط على سكان المنطقة من الكرد لتركها تحت التهديد.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بعد أحداث تشرين الأول، تعرض الكرد إلى التنكيل والقتل والاغتصاب والتهجير مجددًا ليعيد إلى أذهانهم ما كان يحصل لهم سابقًا في كركوك زمن النظام السابق، ووفق المادة 114 من الدستور العراقي فإن المنافذ البرية الدولية لا تخضع حصرًا للسلطة الاتحادية بل يتعين أن تدار بشكل مشترك مع حكومة إقليم كردستان، مما يعني أيضًا أن الكرد ينبغي أن يكونوا قادرين على إدارة مطاري أربيل والسليمانية بأنفسهم.
ومع هذا، تؤكد الصحيفة عدم سماح الحكومة المركزية بالرحلات الدولية المتجهة من وإلى مطارات إقليم كردستان، كما تطالب الكرد بتسليم جميع المنافذ الحدودية لهم، وترى الصحيفة الأميركية أن العبادي وحكومته بهذه المطالب لا يلتزمان بالدستور العراقي، ويقول التقرير إن الكرد يشعرون بأن عدم المساواة بينهم وبين العرب في "العراق الجديد" لا يقتصر على الانتهاكات في الدستور العراقي، بل يتعدى ذلك حتى أن العبادي حينما القى خطاب النصر ضد تنظيم "داعش" لم يذكر دور البيشمركة في الحرب على التطرف.
وشبه العبادي ما سماه منع تقسيم العراق بأنه "نصر" لا يقل عن الانتصار الذي تحقق على "داعش"، الأمر الذي أغضب المسؤولين الكرد، وخلص التقرير إلى أن على حيدر العبادي معاملة الكرد بالكرامة التي يستحقونها وآن الأوان كي يدخل رئيس الوزراء العراقي في حوار هادف مع إقليم كردستان.
وختمت واشنطن تايمز تقريرها بالقول "إذا استمر السيد العبادي في عدم التحدث مع حكومة إقليم كردستان ورفض الامتثال للدستور العراقي، فإن أي مطالب لتنفيذ استفتاء استقلال كردستان تعتبر أكثر من مبرر" بالنسبة للكرد.
وفي المقابل دانت وزارة الخارجية العراقية، الاعتداءات المتطرفة التي وقعت في كل من مدينة كابول في أفغانستان ومدينة سان بطرسبرغ الروسية وشمال سيناء في مصر، وقال المتحدث باسم الخارجية أحمد محجوب، في بيان "نعرب عن خالص التعازي والمواساة لأهالي وذوي الضحايا، متمنيًا الشفاء العاجل لجميع المصابين جراءهذه الأعمال التي تتنافى مع جميع المبادئ الدينية والإنسانية والأخلاقية".
وأكد محجوب، "تضامن العراق مع جمهورية أفغانستان وروسيا الاتحادية وجمهورية مصر العربية في حربها ضد التطرف الذي يستهدف كثير من مدن العالم بالتزامن مع أعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية".
وجدد محجوب، "موقف العراق الثابت الذي حارب التطرف وانتصر عليه بنبذ العنف والتطرف بكل صوره"، مؤكدًا على ضرورة "تكثيف الجهود لتجفيف منابعه والقضاء على مدارس الفكر المتطرف الذي أنتج هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين".
أرسل تعليقك