ضيّقت قوات الجيش اليمني المسنودة من تحالف دعم الشرعية في الأسابيع الأخيرة، الخناق على الميليشيات الحوثية في جبهات الساحل الغربي والجوف ونهم وصعدة والبيضاء، في ظل نزيف غير مسبوق للقدرات البشرية للجماعة وإمكاناتها العسكرية وقادتها الميدانيين، كما تسارعت الانهيارات في صفوف الميليشيا شمال مدينة "الخوخة" المحررة، وازداد تآكل المساحات التي تسيطر عليها بامتداد الساحل الغربي في ظل تواتر الأنباء التي أكدت مقتل القائد الميداني الأبرز للجماعة والمقرب من زعيمها، يوسف المداني، وعدم ظهور أي دليل يثبت أنه على قيد الحياة.
وفي هذا السياق أرسلت الجماعة قبل يومين قائدها البارز أبو علي الحاكم إلى محافظة الحديدة (غرب صنعاء) لتدارك خسائرها المستمرة في هذه الجبهة، ومحاولة البحث عن إمدادات بشرية من أبناء المحافظة للزج بهم في المواجهة ضد القوات الحكومية التي تتقدم بثبات نحو مركز مديرية "حيس"، شمال مديرية "الخوخة"، فيما كشفت مصادر أمنية مناهضة للجماعة، وأعضاء في حزب "المؤتمر الشعبي"، أن أبو علي الحاكم استدعى زعماء وأعيان محافظة الحديدة إلى اجتماع خاص بحضور مسؤولين موالين للجماعة وطلب منهم الدفع بالمزيد من أتباعهم إلى جبهة الساحل، وحذّرهم من مغبّة التقاعس عن حشد المقاتلين، باعتبار ذلك "خيانة" تستدعي إنزال العقوبة.
واعتبرت المصادر غياب يوسف المداني عن هذا الاجتماع الذي بثت منه قناة "المسيرة" الحوثية، فقرات مصورة، دليلًا آخر على مقتله لأنه المعيَّن من قبل الميليشيا قائدًا للمنطقة العسكرية الخامسة ومقرها الحديدة والمسؤول المباشر أمام عبد الملك الحوثي عن سير المعارك في جبهة الساحل الغربي.
كانت الميليشيا قد عينت أبو علي الحاكم رئيسًا لاستخباراتها العسكرية وكلّفته بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح بقيادة قوات الحرس الجمهوري، في حين أفادت تسريبات في أوساط الميليشيا بأنه بات هو المسؤول عن جبهة الساحل خلفًا للمداني، بينما قد دعت في وقت سابق أعيان مديريات محافظة حجة (شمال غرب) إلى اجتماع مماثل لحضهم على حشد المقاتلين، إلا أن كثيرًا من الزعماء القبليين تخلفوا عن الاجتماع لقناعتهم بعبثية الحرب التي تقودها الجماعة والتي استنزفت المئات من أتباعهم خلال السنوات الثلاث في جبهتي "حرض وميدي" شمال غربي محافظة حجة، وجبهة الساحل الغربي، شمال المخا، حسب ما أفادت مصادر موالية لحزب "المؤتمر الشعبي".
وفي سياق عمليات التحشيد الحوثية التي شملت محافظات حجة والمحويت وريمة وإب، أفادت مصادر الجماعة الرسمية بأن قياداتها في مديرية "حبيش" التابعة لمحافظة إب، عقدوا الخميس، اجتماعًا موسعًا مع أعيان المديرية للغرض نفسه، بينما ذكرت النسخة الحوثية من وكالة (سبأ)، أن وكيل محافظة إب المعيّن من قبلها ويدعى المتوكل شدد في الاجتماع على "ضرورة رفد الجبهات بالمال والرجال"، وأضافت أن مدير مديرية حبيش، الموالي لها ويدعى محمد الشبيبي، دعا هو الآخر إلى "ضرورة تجهيز قافلة باسم أبناء حبيش للمرابطين في الجبهات". وتعبيرًا عن حجم الخسائر التي منيت بها الميليشيات في جبهة الساحل أطلقت أمس، صاروخًا باليستيًا على الأحياء السكنية في مدينة الخوخة من مواقعها في مديرية الحسينية الواقعة جنوب الحديدة، وقال شهود في المدينة إن الصاروخ سقط في مكان خالٍ من المنازل وسبّب رعبًا بين الأهالي دون سقوط ضحايا.
كانت القوات الحكومية المدعومة من التحالف قد أطلقت الشهر الماضي عملية لاستعادة محافظة الحديدة، أسفرت حتى الآن عن استعادة مدينة الخوخة ومينائها ومعسكر أبي موسى الأشعري، والتوغل في مديرية "حيس" المجاورة التي باتت على مقربة من مركزها بالتزامن مع انهيارات مستمرة في صفوف الميليشيا الانقلابية، في حين تعمد الميليشيات الحوثية إلى حشد القُصّر والعاطلين عن العمل والمهمشين اجتماعيًا مقابل مبالغ مالية تعدهم بها، وفي تغريدة للقيادي الحوثي ورئيس ما يسمى "اللجنة الثورية العليا" محمد علي الحوثي، نشرها الجمعة، على "تويتر" امتدح مَن وصفهم بـ"أحفاد بلال" لاستبسالهم في معارك محافظة الجوف، على حد زعمه.
و"أحفاد بلال" تسمية أطلقتها الجماعة على فئة المهمشين من ذوي البشرة السوداء من أصول أفريقية، نسبة إلى الصحابي "بلال بن رباح"، ومنذ اقتحامها صنعاء أقدمت على تجنيد المئات منهم في صفوفها بالترغيب والترهيب.
نجا رئيس الأركان اليمني اللواء الركن طاهر العقيلي من حادثة انفجار لغم أرضي في الجوف (شمال شرقي صنعاء) الجمعة، في الوقت الذي تمكنت فيه قوات الجيش الوطني في المحافظة من تحرير جبل القعيطة الاستراتيجي، أحد الجبال بسلسلة جبال حام بمديرية المتون، بعد معارك مع ميليشيا الحوثي الانقلابية، بينما شنت مقاتلات التحالف، عدة غارات جوية على مواقع ميليشيا الحوثي الانقلابية في صرواح بمحافظة مأرب، ونقل موقع الجيش اليمني "سبتمبر نت" أن غارة جوية استهدفت مخزنًا للسلاح تابعًا للميليشيا في آل جحلان بصرواح، وسُمع دوي انفجارات متتالية من المخزن المستهدف أعقبت الغارة مع تصاعد كثيف للنيران، كما استهدف التحالف تبة الشط غرب صرواح، بالإضافة إلى تجمع لمسلحي الانقلابيين في تبة العجرمة جنوب مدينة صرواح أدت إلى سقوط قتلى وجرحى.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية، عن قائد اللواء 127 مشاة، العميد عبد الله الضاوي، تأكيده أن "طيران التحالف شارك الجيش الوطني في تحرير جبل القعيطة، واستهدف آليات وأطقمًا عسكرية تابعة للميليشيا الحوثية الانقلابية"، وأوضح أن "جبل القعيطة يعد موقعًا استراتيجيًا مهمًا لكونه يعتلي السلسلة الجبلية في جبهة حام، وتحريره سيسهم في عملية تحرير ما تبقى من سلسلة جبال جبهة حام".
وأكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، اهتمام الحكومة وحرصها الكبير على تقديم كل أوجه الدعم للجيش الوطني ومحافظة الجوف، لما من شأنه استتباب الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة واستئناف العمل في كل المرافق الحكومية وتقديم الخدمات للمواطنين، حيث جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه بمحافظ الجوف اللواء أمين علي العكيمي، للاطلاع على سير العمليات العسكرية والانتصارات التي حققها أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في المحافظة، طبقًا لما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية.
وخلال الاتصال، أشاد هادي بالانتصارات التي حققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وتطهير المحافظة من الميليشيات الانقلابية، التي قال عنها إنها "مدعومة من إيران، وعاثت في الأرض فسادًا، وقتلت النساء والأطفال، ودمرت البنى التحتية بطريقة عبثية، خدمةً منها لأطراف لا تريد لليمن وشعبه والمنطقة الأمن والاستقرار".
من جانبه، أكد المحافظ العكيمي أن "العمليات العسكرية لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة الجوف مستمرة حتى تطهير المحافظة بشكل خاص واليمن بشكل عام من العناصر الانقلابية، وتخليص الوطن من شرورهم وأعمالهم الانتقامية ضد الأرض والإنسان"، وكشف مصدر مسؤول في رئاسة هيئة الأركان العامة، عن إصابة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن الدكتور طاهر بن علي العقيلي، ظهر أمس (الجمعة)، في منطقة المهاشمة بمديرية خب والشعف بالجوف.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن المصدر قوله، إن "لغمًا أرضيًا استهدف سيارة كانت تقل رئيس هيئة الأركان العامة وبرفقته كل من محافظ محافظة الجوف اللواء أمين بن علي العكيمي، قائد لواء النصر، ورئيس هيئة الإسناد اللوجيستي اللواء الركن أحمد محمد الولي، والعميد علي محسن الهدي قائد اللواء 101 مشاة، والعميد الركن طيار فيصل الجماعي مدير مكتب رئيس هيئة الأركان العامة، قبل ظهر اليوم (أمس) الجمعة"، وأكد المصدر "سلامة المذكورين جميعًا، باستثناء إصابة رئيس هيئة الأركان بكسر بسيط في إحدى ساقيه ورضوض"، موضحًا أنه تم نقل القادة إلى المستشفى واتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة".
إلى ذلك، تجددت المعارك العنيفة في جبهة مقبنة، غرب تعز، وسط مقتل العشرات من الانقلابين وتدمير عدد من الآليات العسكرية وسقوط قتلى وجرحى من صفوف الميليشيات الانقلابية، في الوقت الذي تواصل قوات الجيش الوطني تقدمها باتجاه مديرية حيس بعدما أحكمت حصارها على المديرية والخط الرابط بينها وبين تعز من الخط الساحلي، فيما تواصل الميليشيات قصفها على الأحياء السكنية في تعز وريف المحافظة، في الوقت الذي ردت قوات الجيش على مصادر النيران، وكثفت من قصفها على مواقع ميليشيات الحوثي في منطقة الحود بمديرية الصلو الريفية، جنوبًا، والذي سقط على أثره 5 قتلى من الانقلابيين وعدد من الجرحى، كما شهدت البيضاء مواجهات أعقبت تصدي الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لمحاولة الانقلابيين التقدم باتجاه منطقة المشواف في مديرية ناطع، سقط على أثرها قتلى وجرحى من الانقلابيين، إضافة إلى أسر قوات الجيش الوطني قائد عملية الهجوم، حسب ما أفادت به مصادر عسكرية.
أرسل تعليقك