عقب حوالي أسبوع على وقوع الزلزال الذي دمر مناطق في جنوبي تركيا وشمال غرب سوريا ارتفعت حصيلة قتلى الزلزال لتصل إلى 37 ألف شخص.وتمكنت فرق الإنقاذ من انتشال طفل رضيع يبلغ من العمر سبعة أشهر وفتاة في عمر المراهقة من تحت الانقاض، وفي محافظة هاتاي بجنوبي تركيا، تمكن فريق إنقاذ روماني من انتشال رجل يبلغ من العمر 35 عاماً يدعى مصطفى وهو على قيد الحياة من تحت أنقاض مبنى بعد حوالي 149 ساعة على وقوع الزلزال.
وقال أحد المنقذين: "صحته جيدة وكان يتحدث معنا ويقول: أخرجوني من هنا بسرعة أنا أعاني من الخوف من الأماكن المغلقة."
ورغم هذه القصص المفرحة والمعجزة في العثور على ناجين مع استمرار جهود البحث، فإن الآمال تتضاءل مع مرور الوقت في العثور على ناجين آخرين تحت ركام المباني التي دمرها الزلزال.
وتوقع منسق مساعدات الأمم المتحدة مارتن غريفيث أن حصيلة ضحايا الزلزال ربما تصل إلى أكثر من الضعف.
جاء توقعه هذا بعد أن جال في ولاية كهرمان مراش التركية السبت بهدف تقييم الدمار الحاصل بفعل الزلزال.
وقال غريفيث في مقطع فيديو نشر على تويتر: "قريباً، سيفسح رجال البحث والإنقاذ المجال للوكالات الإنسانية التي يتمثل عملها في الاعتناء بالعدد الاستثنائي من الأشخاص المتضررين خلال الأشهر القادمة."
وحذرت الأمم المتحدة من أن 870 ألف شخص على الأقل بحاجة ماسة للوجبات الساخنة في المناطق المتضررة في تركيا وسوريا. ففي سوريا وحدها هناك 5.3 مليون شخص ربما أصبحوا نازحين بفعل الزلزال والحرب الأهلية المحتدمة هناك منذ أكثر من عقد.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إن قرابة 26 مليون شخص تأثروا بالزلزال وأصدرت نداء عاجلاً السبت لجمع 42.8 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الصحية العاجلة.
في هذه الأثناء، يواصل عشرات الآلاف من العاملين في فرق الإنقاذ جهود البحث عن ناجين في أحياء سويت بالأرض على الرغم من الطقس المتجمد الذي فاقم من مأساة الملايين الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة.
وتسابق العائلات الزمن من أجل العثور على جثث أقاربها المفقودين في جنوبي تركيا.
وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن مواطنة تدعى توبة يولجو من كهرمان مراش قولها: "نسمع بأن السلطات لن تحتفظ بالجثث بعد الآن في الانتظار بعد فترة زمنية معينة، وهم يقولون إنهم سيأخذون الجثث ويدفنونها".
وبحسب الوكالة، فإن عائلة أخرى كان يمسك أفرادها بأيدي بعضهم البعض في أحد حقول القطن الذي تحول إلى مقبرة وآثار الحزن بادية عليهم، بينما كان يصل إلى المكان موكب لا ينقطع من الجثث المعدة للدفن السريع.
وقد وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مواجهة أسئلة حول معالجته لكارثة أكبر زلزال مدمر يضرب تركيا منذ 1939، بالبدء بعمليات إعادة الإعمار في غضون أسابيع، قائلاً إن مئات الآلاف من المباني تدمرت.
وفي سوريا، كان تأثير الكارثة أسوأ في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية في شمال غرب سوريا، حيث شرد الزلزال الكثيرين للمرة الثانية بعد أن نزحوا عن ديارهم قبل ذلك بفعل الحرب الأهلية، ومع ذلك فإن المنطقة تلقت مساعدات أقل مقارنة بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.
وقد حث مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، دان ستونيسكو، دمشق على عدم تسييس قضية المساعدات الإنسانية، رافضاً الاتهامات بأن الاتحاد الأوروبي أخفق في تقديم المساعدة الكافية للسوريين عقب وقوع الزلزال والهزات الإرتدادية.
وقال في حديث لوكالة رويترز: "من الظلم قطعاً أن نتهم بعدم تقديم المساعدات في الوقت الذي نقوم نحن بذلك بشكل مستمر منذ أكثر من عقد من الزمن ونفعل أكثر من ذلك حتى خلال أزمة الزلزال".
وفي مدينة حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وصف مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييوسوس الكارثة بأنها تمزق القلب بينما كان يشرف على عملية توزيع بعض المساعدات واعداً بتقديم المزيد.
يُذكر أن الحكومات الغربية نبذت الرئيس السوري بشار الأسد وفرضت عقوبات على بلاده خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في 2011.
في جنوب تركيا، عطلت اضطرابات أمنية جهود فرق الإنقاذ العاملة في المنطقة. فقد أوقف رجال الإنقاذ الألمان والجيش النمساوي عمليات البحث يوم السبت، بسبب وقوع اشتباكات بين مجموعات لم تُحدد.
وقال أحد المنقذين إنه من المتوقع أن يزداد الوضع الأمني سوءاً مع تضاؤل الإمدادات الغذائية. وذكرت وسائل إعلام محلية أنه قُبض على ما يقرب من 50 شخصاً بتهمة النهب، مع مصادرة عدد من البنادق.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه سيستخدم سلطات الطوارئ لمعاقبة أي شخص يخالف القانون. ووعد بإتمام إعادة إعمار المناطق المنكوبة بالزلزال خلال عام.
وقال متحدث باسم الجيش النمساوي إن الاشتباكات بين مجموعات مجهولة الهوية في ولاية هاتاي جعلت عشرات الأفراد من وحدة الإغاثة من الكوارث التابعة للقوات النمساوية يبحثون عن ملاذ آمن في معسكر بقاعدة عسكرية مع منظمات دولية أخرى.
وقال المقدم بيير كوجلويس في بيان السبت إن "هناك عدوانا متزايدا بين الفصائل في تركيا"، مشيراً الى المخاطر المتعلقة بالسلامة.
وبعد ساعات من توقف النمسا عن تقديم جهود الإنقاذ، قالت وزارة الدفاع النمساوية إن الجيش التركي قد تدخل لتقديم الحماية مما سمح باستئناف عمليات الإنقاذ.
كما علق الفرع الألماني لمجموعة البحث والإنقاذ الدولية (ISAR (والوكالة الفيدرالية الألمانية للإغاثة الفنية (TSW) عملياتهما بسبب المخاوف الأمنية.
وقال المتحدث باسم مجموعة البحث والإنقاذ الدولية، ستيفان هاين: "هناك المزيد والمزيد من التقارير عن اندلاع اشتباكات بين الفصائل المختلفة، كما أنه أُطلقت أعيرة نارية".
ونقلت وكالة أنباء فرانس برس عن وسائل إعلام رسمية تأكيدها اعتقال 48 شخصاً بتهمة النهب. وتحدثت تقارير عن مصادرة عدة بنادق ونقود ومجوهرات وبطاقات مصرفية.
وفي مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء، قال محمد بوك (26 عاماً) الذي كان يبحث عن زميل له في العمل في مبنى منهار في أنطاكيا: "كان أشخاص يحطمون نوافذ وأسيجة المتاجر والسيارات".
كما ورد أن الشرطة التركية اعتقلت 12 شخصاً إثر انهيار المباني في ولايتي غازي عنتاب وسانليورفا.
وذكرت وكالة أنباء دوغان المحلية التركية أن من بينهم متعاقدين.
وانهار ما لا يقل عن 6000 مبنى في تركيا، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن تجنب المأساة الواسعة النطاق، وما إذا كان بإمكان حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان فعل المزيد لإنقاذ الأرواح.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، أصبح مستقبل إردوغان على المحك بعد أن أمضى 20 عاماً في السلطة ويبدو أن نداءاته من أجل الوحدة الوطنية تذهب سدى.
واعترف إردوغان بأوجه القصور في التعامل مع الكارثة، لكنه أشار إلى القدر خلال زيارته للمناطق المتضررة قائلا: "دائماً ما كانت تحدث مثل هذه الأشياء. إنها جزء من المصير".
ومن بين الذين تم إنقاذهم السبت، أسرة مكونة من خمسة أفراد انتشلت من تحت الأنقاض في ولاية غازي عنتاب.
وتحدثت تقارير عن انتشال أب وأم وابنتيهما وابنهما من منزلهم المنهار وهم على قيد الحياة بعد خمسة أيام، وسط صرخات "الله أكبر".
وأفادت التقارير بانتشال فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات حية أيضاً في ولاية هاتاي بعد أن أمضت قرابة 132 ساعة تحت الأنقاض.
كما نشرت بي بي سي لقطات لعملية إنقاذ رائعة لشقيقتين في أنطاكيا، جنوبي تركيا، يوم الأربعاء.
ووصف منسق مساعدات الأمم المتحدة، الذي كان يزور ولاية كهرمان مراش التركي السبت، الزلزال بأنه "أسوأ حدث منذ 100 عام في هذه المنطقة".
وقال مارتن غريفيث لمراسلة بي بي سي في تركيا، ليز دوسيت: "أعتقد أنها أسوأ كارثة طبيعية رأيتها في حياتي، كما أنها أكثر استجابة دولية استثنائية".
وأضاف: "أكثر من مئة دولة أرسلت أشخاصاً إلى هنا (للمساعدة)، لذا فإن الاستجابة لا تصدق ولكن هناك حاجة فعلاً لذلك".
ودعا غريفيث إلى تنحية السياسات الإقليمية جانباً في مواجهة الكارثة ويبدو أنه هناك بعض الدلائل على حدوث ذلك. إذ أعيد فتح المعبر الحدودي بين أرمينيا وتركيا يوم السبت للمرة الأولى منذ 35 عاماً للسماح بمرور المساعدات.
وأفادت تقارير بأن الحكومة السورية وافقت على السماح بدخول مساعدات الأمم المتحدة إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعات المعارضة، التي تخوض معها حربا أهلية مريرة منذ العام 2011.
وكانت هناك انتقادات بأن الجهود الدولية لإرسال المساعدات إلى سوريا لم تكن بالسرعة الكافية.
وقال إسماعيل العبدالله، من قوات الدفاع المدني السوري، أو الخوذ البيضاء، التي تعمل في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون، لمراسل بي بي سي كوينتين سومرفيل، إن المنظمة توقفت عن البحث عن ناجين.
واعتبر أن يدي المجتمع الدولي "ملطخة بالدماء". مضيفاً: "كنا بحاجة إلى معدات إنقاذ لم تأت قط".
ومن جهتها، قالت سيفانكا دانابالا، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، لقناة الجزيرة الإخبارية، إن ما يصل إلى 5.3 مليون سوري قد يكونون بلا مأوى بعد الزلزال.
وأضافت: "هذا رقم ضخم وهو لناس يعانون أصلاً من نزوح جماعي".
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أمير قطر يُؤكد مواصلة تقديم بلاده كامل أوجه الدعم لتجاوز تداعيات الزلزال
تركيا تفتح تحقيقًا مع أكثر من 100 مقاول ومهندس عقاري عقب انهيار الآف المباني
أرسل تعليقك