حضّت قطر الغرب على تكثيف انخراطه مع حركة "طالبان"، محذرة من أن الامتناع عن فعل ذلك يثير أخطاراً بسقوط أفغانستان في فوضى أكثر عمقاً وتصاعد التطرف.واعتبر وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن الحفاظ على الوضع الراهن "حيث يقاطع الغرب أفغانستان، والتركيز فقط على جزء من النشاطات الإنسانية من خلال الوكالات الدولية"، لن يُبقي "أفغانستان سليمة".
وقال لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية: "ربما نشهد تصاعداً في التطرف. سنبدأ برؤية أزمة اقتصادية، بدأت بالفعل، وهذا سيدفع الناس إلى مزيد من التطرف والصراع. هذا ما نحاول تجنّبه".
قطر هي واحدة من دول محدودة لديها علاقات مع "طالبان"، وكانت أبرز مسهّل للمحادثات التي أجرتها الحركة مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.وتستضيف الدوحة مكتباً لـ"طالبان" منذ عام 2013، وأدت دوراً حيوياً في إجلاء غربيين وأفغان من البلاد، بعدما أمر الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالانسحاب من أفغانستان في أغسطس الماضي. ونقلت دول غربية كثيرة سفاراتها من أفغانستان إلى الدوحة، بعدما أطاحت الحركة بحكومة الرئيس أشرف غني واستعادت سيطرتها على البلاد.
في الأشهر التسعة منذ انسحاب القوات الأميركية، انزلقت أفغانستان إلى أزمة إنسانية واقتصادية مستفحلة، فيما لا يزال النظام المالي مجمّداً، نتيجة العقوبات الدولية، علماً أن ثمة تفشياً لجوع حاد وبطالة مستشرية في البلاد.
كذلك تواجه "طالبان" عزلة دولية متزايدة، بعد مؤشرات على أنها تحيي تدابير متشددة اتسم بها حكمها بين عامَي 1996 و2001. وفرضت الحركة في الأسابيع الأخيرة سياسات تقوّض بشكل منهجي حريات المرأة، وتشمل تراجعاً عن وعود سابقة بالسماح للفتيات بالعودة إلى المدارس، واشتراط ارتداء البرقع على النساء في الأماكن العامة.
الوزير القطري انتقد خطوات "طالبان"، مستدركاً أن انخراط المجتمع الدولي مع نظام "طالبان" بشكل أكثر قوة، بعد الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان العام الماضي، كان يمكن أن يمنع الحركة من اتخاذ بعض إجراءاتها الأكثر تطرفاً.
وقال: "نعتقد أننا لو انخرطنا في وقت سابق (مع طالبان)، لما كنا سمحنا بحدوث مثل هذه الأمور. من المهم جداً الآن عدم ترك الوضع يزداد سوءاً، وربما ينتهي بنا الأمر بحالة فوضوية جداً في أفغانستان".
لكن مسؤولين دوليين آخرين يرون وجوب تحميل "طالبان" مسؤولية تدهور الوضع. وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ريتشارد بينيت، إن الحركة مُطالَبة بشكل ملحّ، بتلبية "معايير" مثل السماح للفتيات بالعودة إلى المدرسة، أو مواجهة "مزيد من عدم الاستقرار والمعاناة".
في المقابل، يعتبر منتقدون للسياسة الغربية أنها ترقى إلى معاقبة الشعب الأفغاني. وأثار بايدن غضباً في أفغانستان والعالم هذا العام، بعدما أمر بمنح نصف احتياطيات النقد الأجنبي لكابول، المجمّدة في الولايات المتحدة، لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001. وثمة طعن بهذا الأمر في المحاكم الأميركية، وفق "فاينانشال تايمز".
ونقلت عن الوزير القطري قوله إن ثمة اتصالات بين "طالبان" والغرب في الدوحة، مستدركاً: "لا يزال هناك عدم وضوح. ما هي رؤيتهم بشأن أفغانستان؟".
وأضاف: "هذا ما ينقصنا. إذا كانت لدينا خريطة طريق واضحة، فإن كل طرف على الأقلّ سيدرك مسؤوليته. سيكون هذا الأمر السبيل الوحيد للمضيّ قدماً، وإذا عالجنا الملفات تكتيكياً، فلن تُسوّى المشكلة، بل قد تؤجّل العواقب".
واعتبر وزير الخارجية القطري أنه على المجتمع الدولي الانخراط على "الجبهة الاقتصادية" وبناء قدرات داخل الحكومة، للمساعدة في تعزيز التوظيف والنموّ، مع ضمان انخراط "طالبان" مع "كل الأطراف" في أفغانستان لإيجاد سلام مستدام.
وسُئل الشيخ محمد بن عبد الرحمن عمّا إذا وجب على الغرب تقديم دعم مالي لحكومة الحركة، فأشار إلى وجوب أن تكون هناك "إجراءات متبادلة" و"آلية مراقبة صارمة جداً، كلما دعمنا تمويل الحكومة هناك، للتأكد من حصول الأشخاص المناسبين على أموال".
وأضاف: "ثمة وسائل كثيرة يمكننا من خلالها استكشاف مزيد، هناك حاجة لمجرد استعداد للانخراط بشكل أكبر بهذه الطريقة الشاملة. الأمر لا يتعلّق فقط بأن تصبح طالبان أكثر راديكالية، بل بالناس الذين يفقدون الأمل في أفغانستان. ما الذي سيلجأون إليه؟ أعتقد أن هذه ستكون أكبر مشكلاتنا، فهم إما سيلجأون إلى العنف وإما إلى الهجرة الجماعية".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
طالبان لم نفرض البرقع على المذيعات وطالبنا بتغطية الفم والأنف
انفجار يستهدف مراسم تأبين المؤسس الثاني لطالبان في كابول يسفر عن إصابة شخص
أرسل تعليقك