أعطت نتائج اللقاء الذي جمع بين رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر قبل يومين، نظرة تفاؤل داخل ليبيا تجاه مستقبل البلاد بقرب الوصول إلى نقطة اتفاق بين الأطراف المتنازعة تنهي الأزمة التي أنهكت البلاد والعباد منذ عدة سنوات.
وفور الإعلان عن النتائج التي تمخضت عن اللقاء الذي عُقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، سيّطر الأمل بتجاوز الأزمة وبالاستقرار على مشاعر الليبيين، واعتبروا أن النقاط المُتفق عليها يمكن أن تفتح صفحة جديدة في البلاد إذا ما وقع تطبيقها على أرض الواقع وأن السراج وحفتر بوزنهما السياسي بإمكانهما الوصول إلى المصالحة الوطنية.
ورحّب مجلس أعيان مدينة الزنتان في بيان له بهذا اللقاء الثنائي معتبرًا أنه "خطوة كبيرة في اتجاه توحيد الجهود ورأب الصدع والخروج من الأزمة الليبية الراهنة"، بينما أشادت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان باللقاء، وقالت إنه "يعد خطوة إيجابية وجيدة، ونقطة تحول إيجابية في مسار تحقيق السلام والتوافق الوطني، وتسهم في الإسراع بإنهاء الأزمة الليبية وحالة الانقسام والتشظي الاجتماعي الماثلة".
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر اتفقا في بيان مشترك صدر الأربعاء على العمل من أجل رفع الحظر عن التسلح المفروض على ليبيا، وعدم التفريط بتضحيات الجيش في شرق وغرب وجنوب البلاد، إلى جانب ضرورة تهدئة الأوضاع في منطقة الجنوب.
وبحسب البيان نفسه، فإن السراج وحفتر أكدا على تمكين الجيش الوطني من ضرب الإرهاب وملاحقته، إلى جانب وضع حل لانتشار التشكيلات المسلحة، والسلاح، قبل أن يتطرقا في البيان المشترك إلى ضرورة احترام القضاء، وتعديل الاتفاق السياسي لإزالة معوقات حالت دون تنفيذه بشكل كامل. وتبعًا لذلك توقع الناشط حامد السويسي في تصريح إعلامي أن "تشهد الفترة المقبلة تحسنًا واتساعًا في دائرة التوافقات وأن تشهد انفتاحًا لباب الحوار بين مختلف الأطراف رغم أنه لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه هذه الحوارات".
وتابع أن "النقاط التي وقع الاتفاق عليه يمكن تطبيقها على أرض الواقع خاصة فيما يتعلق بتشكيل هيكل سياسي جديد وما سيتبعه من توزيع جديد للمناصب، لكن تبقى معضلة حل المليشيات صعب تنفيذها بالنظر إلى تحكمها الآن في الوضع في العاصمة طرابلس وعدم رضوخها إلى أي سلطة وهذا يمكن أن يهدد أي اتفاق سياسي ويعطل تنفيذه".
وقال الأستاذ في الجامعة إبراهيم الزهاوي، أن "مخرجات المحادثات الأخيرة بين السراج وحفتر أعطت أملًا للشعب الليبي بإمكانية الوصول إلى توافق ليبي- ليبي يحل الأزمة بعد أن كادت تصبح لديه قناعة بأن البلاد سائرة نحو التقسيم وغلبت عليه مشاعر الإحباط والتشاؤم"، داعيا إلى "ضرورة أن تتكرر مثل هذه اللقاءات بين أهم طرفي نزاع إلى حين التغلب على كافة الملفات والقضايا التي تحوم حولها خلافات".
وانعكست المحادثات التي جمعت فايز السراج والمشير حفتر على سعر صرف الدينار الليبي الخميس، وسجّل ارتفاعا أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار الأميركي، حيث تراوح سعر صرف العملة الأميركية مقابل المحلية بين 7.30 دينار و7.58 دينار مقارنة بـ 8.17 رالثلاثاء، بعدما سجل 10 دينارات في السابق.
واستقبل رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا السراج الخميس، في مقر حكومته المؤقت في طرابلس وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون. وبحسب المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي فإن لقاء السراج بالوزير البريطاني استعرض "عددًا من الملفات السياسية والأمنية وملف قضية الهجرة غير الشرعية".
وقال المكتب، على صفحته الرسمية، إن اللقاء بحث سبل "التعاون المشترك في مجالات الطاقة والصحة والتعليم ومشاريع البنية التحتية ومقترح للمِنح الدراسية لخريجي الجامعات في بريطانيا". ووفق المكتب فإن الوزير البريطاني نقل للسراج تجديد موقف بلاده الداعم لحكومة الوفاق والاتفاق السياسي كإطار وحيد لحل الأزمة في البلاد وأن "زيارته جاءت لتأكيد هذا الموقف واستعداد بلاده لمساعدة الشعب الليبي للخروج من الأزمة الراهنة والمساهمة إيجابياً في حل الاختناقات السياسية والأمنية والاقتصادية". وفي سياق منفصل، التقى السراج، رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا مارتن كوبلر ظهر الخميس لمباحثة مستجدات الوضع السياسي في البلاد.
وبحسب المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق فإن كوبلر أعلن أن البعثة "بصدد إعداد خارطة طريق ترتبط بمواعيد زمنية ملزمة للوصول إلى توافق كامل بين الأطراف الليبية"، مضيفًا أن السراج أكد أن الوقت قد حان لأن يتفق الليبيون على حل للأزمة ولم يعد الوضع يحتمل المزيد من المساومات والمماطلة، مشددًا على أن الأمر يجب أن يُـحسَم وأن يدرك المعرقلون للاتفاق السياسي أن تعنتهم هو السبب الرئيسي لمعاناة الليبيين. وتأتي هذه التطورات بعد يوم من لقاء السراج بالقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
ورحّبت جامعة الدول العربية، باللقاء الذى انعقد في أبوظبي الثلاثاء الماضي بين فايز السراج والمشير خليفة حفتر. واعتبر الوزير المفوض محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم أمين عام جامعة الدول العربية أن "اللقاء يمثل خطوة مهمة نحو حلحلة الأزمة الليبية والتوصل إلى الحلول التوافقية المنشودة لاستكمال العملية السياسية وتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات".
وأثنى المتحدث الرسمي في بيان له على الجهود الدبلوماسية التي اضطلعت بها دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل رعاية واستضافة هذا اللقاء، كما ثمن المبادرات والجهود التي بذلتها الأطراف الدولية والعربية الأخرى لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء الليبيين والتمهيد لهذه الخطوة، وخاصة من خلال الاجتماعات المتعددة التي استضافتها القاهرة وجمعت القيادات والشخصيات السياسية والنيابية الليبية على مدار الأشهر الأربعة الماضية.
وأكد المتحدث الرسمي أن الجامعة العربية ستظل ملتزمة بمساندة العملية السياسية ومرافقة الأطراف الليبية لتمكينها من إتمام عملية الانتقال الديمقراطي وبناء مؤسسات الدولة الليبية، مشيرًا إلى أن السيد أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة كلف ممثله الخاص إلى ليبيا بتكثيف الاتصالات التي يقوم بها مع مختلف القيادات الليبية، وكذلك مع المبعوث الأممي مارتن كوبلر ودول الجوار، لتشجيع الأطراف الليبية على البناء على هذه التطورات المشجعة والنظر في سبل تعزيز دور الجامعة دعمًا لهذه المسيرة وجهود الوفاق الوطني في البلاد.
أرسل تعليقك