أدلى ملايين الباكستانيون بأصواتهم أمس في انتخابات تشريعية تشوبها اتهامات بالتزوير، إذ يقبع سياسي يحظى بشعبية واسعة في السجن وهو رئيس الوزراء السابق عمران خان بينما رجحت الاستطلاعات فوز المرشح المفضل بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف. وفي خطوة تفاقم المخاوف حيال نزاهة الاقتراع، علقت السلطات خدمات الهواتف المحمولة عبر البلاد «للمحافظة على القانون والنظام» بعد حملة انتخابية شهدت أعمال عنف دامية بينها انفجاران أمس الاول أسفرا عن مقتل 28 شخصا.
ولم تخل العملية الانتخابية من اعمال العنف، حيث قتل سبعة عناصر أمن على الأقل في هجومين منفصلين أمس، فيما أفاد مسؤولون عن سلسلة من الانفجارات الصغيرة في إقليم بلوشستان بجنوب غرب البلاد أسفرت عن إصابة شخصين بجروح.
وقال ناطق باسم وزارة الداخلية «خسرنا أرواحا ثمينة» في الهجمات الأخيرة في باكستان، مضيفا أن «الإجراءات الأمنية ضرورية للمحافظة على القانون والنظام والتعامل مع أي تهديدات محتملة».
وأفاد «اتخذ قرار بتعليق خدمة الهواتف المحمولة عبر البلاد موقتا».
بدورها، حذرت منظمة «نتبلوكس» المعنية برصد الاتصال الإنترنت في أنحاء العالم من أن تعليق الخدمة يهدد نزاهة الانتخابات.
وقال مدير المنظمة آلب توكر لوكالة فرانس برس إن «الممارسة بطبيعتها غير ديموقراطية ويعرف عنها أنها تحد من عمل مراقبي الانتخابات المستقلين وتؤدي إلى وقوع تجاوزات في عملية التصويت».
وأضاف أن «قطع الإنترنت القائم يوم الانتخابات في باكستان يعد من أكبر (الانقطاعات) التي شهدناها في أي بلد لجهة شدته وحجمه».
وخارج مركز اقتراع في إسلام آباد، أكدت طالبة علم النفس البالغة 22 عاما حليمة شفيق أنها عازمة على الإدلاء بصوتها. وقالت لوكالة فرانس برس «أؤمن بالديموقراطية. أريد حكومة يمكنها جعل باكستان أكثر أمانا بالنسبة إلى الفتيات».
لكن ناخبا آخر عبر عن الشكوك ذاتها التي تراود كثرا.
وقال عامل البناء سيد تصور (39 عاما) «مصدر قلقي الوحيد يتمثل في مسألة إن كان سيحسب صوتي للحزب الذي أدليت به من أجله. في الوقت ذاته، بالنسبة إلى الفقراء، لا فرق فيمن يحكم. نحتاج إلى حكومة يمكنها السيطرة على التضخم». وذكرت وزارة الخارجية أنه تم أيضا إغلاق الحدود البرية مع إيران وأفغانستان المجاورتين أمام حركة السير أمس كإجراء أمني.
ويتنافس نحو 18 ألف مرشح للفوز بمقاعد في البرلمان الوطني وأربعة مجالس محافظات. تجري المنافسة على 266 مقعدا في البرلمان الوطني (مع 70 مقعدا إضافيا مخصصا للنساء والأقليات) و749 مقعدا في البرلمانات الإقليمية. وتذكر انتخابات أمس باقتراع العام 2018 لكن مع انقلاب الحال. فحينذاك، استبعد شريف من الترشح بسبب إدانته بالفساد في قضايا عدة بينما وصل خان إلى السلطة بفضل دعم الجيش له وتمتعه بتأييد شعبي.
وقال المدير التنفيذي لمجموعة «غالوب باكستان» للاستطلاعات بلال غيلاني إن «تاريخ الانتخابات الباكستانية مليء باتهامات التزوير لكن أيضا محاباة حزب سياسي معين. شهد العام 2018 ظروفا مشابهة جدا». وأضاف «إنها ديموقراطية موجهة يديرها الجيش». لكن بخلاف الانتخابات الأخيرة، حذف اسم حزب المعارضة من بطاقات الاقتراع، ما أجبر مرشحي حركة إنصاف على الترشح كمستقلين.
وحكم على خان، لاعب الكريكت الدولي السابق الذي قاد باكستان للنصر في كأس العالم عام 1992، بالسجن لفترات طويلة بتهم الخيانة والفساد إلى جانب زواج غير شرعي. ويشير محللون إلى أن مساعي تشويه سمعة خان تعد دليلا على حجم القلق في أوساط الجيش من احتمال تأدية المرشحين الذين اختارتهم حركة إنصاف دورا حاسما في انتخابات أمس.
وما لم يحصل شريف على الأغلبية التي تمكنه من الحكم، سيتولى السلطة على الأرجح من خلال ائتلاف مع شريك أو أكثر أصغر، بما في ذلك «حزب الشعب الباكستاني»، وهو حزب عائلي يقوده بيلاوال بوتو زرداري. وأشارت الاستطلاعات إلى أن الانتخابات تركت لدى السكان شعورا بـ«الإحباط» إلى حد غير مسبوق منذ سنوات.
ويؤكد مراقبون أن الفائز سيرث دولة تعاني انقسامات عميقة واقتصادا منهارا.
ووصل معدل التضخم إلى نحو 30% بينما الروبية في حالة انهيار منذ ثلاث سنوات، فيما أدى العجز في ميزان المدفوعات إلى تجميد الواردات وعرقلة النمو الصناعي بشكل كبير.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
اعتقال عمران خان أثناء مثوله أمام محكمة في إسلام أباد
محكمة باكستانية تسمح بإجراء انتخابات محلية جزئية في انتصار لعمران خان
أرسل تعليقك