بدأت القوات الأميركية بصورة تدريجية، الانتشار في المناطق المتنازع عليها لمنع حدوث انتهاكات في تلك المواقع، فيما انتقدت شخصيات سياسية شيعية، موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طالب بغداد بحلّ " قوات الحشد الشعبي. ووصلت القوات، التي لايعرف عددها بالتحديد، قبل أيام إلى موقع عسكري في جنوب كركوك، كانت قد تركته عندما انسحبت من العراق نهاية 2011. وأكد مسؤولون كرد أن الأميركيين تمركزوا أيضاً في مطار جوي بغرب طوز خرماتو، التي شهدت أعمال عنف وإحراق منازل تعود لمواطنين كرد.
ويرجح أن تقوم تلك القوات بمهمات "ميدانية" في حال اندلاع نزاع مسلح بين القوات الاتحادية والبيشمركة، ولن تكتفي بالبقاء في الثكنات العسكرية. وتؤكد أطراف تركمانية أن القوات التي وصلت إلى كركوك "محدودة جدا"، متوقعة أن تقوم بعمليات تدريب للقطعات العراقية هناك. وتأتي هذه التطورات بعد أيام من الكشف عن وجود تنظيمات مسلحة في جنوب كركوك، قد تكون بديلاً عن داعش.
ويزداد القلق من تفاقم الاوضاع في طوزخرماتو بعد نزوح نحو 9 آلاف عائلة كردية، إلى مناطق خارج القضاء. ويقول النائب عن كركوك شوان الداودي إن "عودة قوات التحالف الى المحافظة تعود لاتفاق سابق يقضي بإدارة ثلاثية مشتركة للمناطق المتنازع عليها".
ويوضح الداودي، "قبل انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية 2011، كانت تلك المناطق تدار من قبل القوات الاتحادية والبيشمركة والقوات الأميركية، لإحداث توازن في تلك المناطق". ونفذت القوات المشتركة، منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عملية عسكرية لإعادة انتشار القوات الاتحادية في كركوك وعدد من المناطق المتنازع عليها. وأدت تلك العملية الى نزوح نحو 100 ألف شخص من كركوك باتجاه إقليم كردستان. ويقول الداودي "للمرة الاولى بعد 2003 ينزح السكان بسبب دخول القوات الأمنية والجيش".
وبحسب النائب الكردي فإن "القوات الأميركية ستمنع حدوث أي احتكاكات بين القوات أو انتهاكات ضد السكان". وأشار إلى أن "القوات وصلت قبل 4 أيام الى معسكر (كي وان) في جنوب كركوك، وإلى مطار الصديق غرب طوزخرماتو، وستنشئ غرفة عمليات مشتركة لإدارة الملف الأمني". وانتقلت إدارة معسكر (كي وان) بين قوات البيشمركة، التي تسلمته عقب انسحاب القوات الأميركية من العراق، ثم سيطرت عليه القوات الاتحادية خلال الحملة العسكرية الاخيرة، ليعود المعسكر مرة أخرى إلى القوات الأجنبية. وكانت العمليات المشتركة قد نفت، يوم السبت، انتشار قوات أميركية في قضاء طوزخورماتو. ودعت الى "عدم التعاطي" مع الجهات المروّجة لها.
وقالت قيادة العمليات، في بيان لها، إن "بعض المواقع الإلكترونية في أربيل تستمر ببث الشائعات والاخبار غير الصحيحة التي تزعم انتشار قوات أميركية في قضاء طوز خورماتو". ولكن الداودي، وهو عضو في كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، يؤكد أنّ "التحرك في طوزخرماتو وكركوك جاء بالتنسيق مع القوات العراقية".
وكانت خلية الإعلام الحربي، التابعة لقيادة العمليات، قد نفت، يوم الجمعة، الأنباء التي تحدثت عن تحرك قوة أميركية صوب كركوك وانتشارها في المحافظة. وقالت الخلية، في بيان لها، "ليس من شأن القوات الأجنبية مسك الأرض". كما أشارت إلى أن "مهام التحالف الدولي محددة بالتدريب والاستشارة والدعم اللوجستي". وجاء بيان قيادة العمليات، بعد تأكيد التحالف الدولي أن "الهدف من وراء وصول مئات الجنود الأميركيين إلى ضواحي مدينة كركوك، هو الاستعداد للمرحلة المقبلة وقطع الطريق على حدوث توترات ضمن حدود المحافظة".
وقال الناطق باسم التحالف العقيد رايان ديلون، الجمعة الماضية، إن "ذهاب القوات الأميركية ضمن قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش إلى معسكر (كي وان) في كركوك، كان بالتنسيق مع القوات العراقية"، مؤكدا أن "التحالف سيعيد نشر قواته في المناطق العراقية كافة". وأوضح ماجد شنكالي، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن "القوات الأميركية ستعيد انتشارها في كل المناطق المتنازع عليها للسيطرة على الحوادث الأمنية".
وأضاف شنكالي، أن "القوات لن تكتفي بالمعسكرات في حال حدوث انتهاكات ضد السكان، بل ستشارك مع القوات العراقية لضبط الأمن". وتسبب انتشار القوات الاتحادية في كركوك وطوزخرماتو الى إحداث فوضى أمنية كبيرة، بحسب مسؤولين هناك. ويقول ملا حسن كرمياني، ممثل طوزخرماتو في مجلس محافظة صلاح الدين، إن "60 ألف كردي نزح من القضاء الى محافظات الإقليم والقرى المحيطة". وأكد كرمياني، "يومياً يتم تفجير 3 منازل للكرد النازحين من الطوز".
وكان نواب كرد قد أكدوا أن أحداث الطوز أسفرت عن حرق1000 محل تجاري وتفجير 400 منزل يعود لسكان كرد. وبحسب المسؤولين الكرد فإن فصائل من "الحشد التركماني" تسيطر على القضاء، على الرغم من وجود قوات اتحادية أخرى. ومن جهته يقلل نجاة حسين، العضو التركماني في مجلس كركوك، من حجم القوات الأميركية التي وصلت الى المحافظة ودورها في الملف الأمني.
وكشف حسين، أن "ما بين 20 إلى 25 همرًا أميركيًا وصلت قبل أيام إلى كركوك"، معتبراً أن "هذا العدد من العجلات لايدل على أنها قوة قتالية أو ستشارك في مهمات أمنية". وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد أعلنت، نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن عدد قواتها في العراق بلغ 8892عسكرياً. ويرجح المسؤول التركماني أن "القوات ستعمل على تدريب القطعات العراقية العسكرية المتواجدة في كركوك، استعداداً للمرحلة المقبلة". ويستعد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، الذي زار كركوك الأسبوع الماضي، إلى طرح مشروع جديد لإدارة كركوك سياساً وأمنياً.
وبينت نجاة حسين أن "المشروع يتضمن توزيع المناصب الأمنية بنسبة 32% لكل من المكون الكردي، والتركماني، والعربي، و4% إلى المسيحيين". وانتقدت شخصيات سياسية شيعية، موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طالب بغداد بحلّ "الميليشيات" في إشارة الى قوات الحشد الشعبي. واعتبرت تصريحات ماكرون تدخلاً بشؤون العراق الداخلية. وخلال لقائه رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في باريس، يوم السبت، دعا ماكرون العراق إلى "نزع سلاح تدريجي لكل الميليشيات التي تشكلت في الأعوام الأخيرة".
وانتقد نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي الموقف الفرنسي. وقال في بيان لمكتبه الإعلامي "يفاجئنا الرئيس الفرنسي بتدخل مرفوض في شؤون العراق الداخلية ويطالب بحل مؤسسة رسمية قانونية هي هيئة الحشد الشعبي المجاهد". وأكد المالكي أن "هذه المواقف من فرنسا مرفوضة بشدة وهي تمس سيادة العراق ومؤسساته، وتتعارض حتى مع الدستور الفرنسي"، مضيفاً "لا نريد لأية دولة أن تفرض إرادتها على الحكومة العراقية وإرادة شعبنا العراقي البطل".
ودعا همام حمودي، نائب رئيس مجلس النواب، الى شكر الدور الذي لعبه الحشد في مواجهة داعش. وقال حمودي، في بيان صحافي إن "العراقيين كانوا ينتظرون من المجتمع الدولي، لا سيما فرنسا، الإشادة بالمقاتلين الذين ضحوا بأرواحهم الزكية نيابة عن كل فرد موجود في هذا العالم". وأضاف "لولا الحشد الشعبي لوصلت داعش الى قلب باريس".
وفي تعليق أدلى به لوكالة الانباء الفرنسية، قال المتحدث السابق باسم هيئة الحشد إن "أي حديث عن حل الحشد الشعبي مرفوض وغير مقبول وتدخل سافر في الشأن العراقي"، معتبرا أن ذلك "لا يختلف عن (الحديث) حول حل الجيش العراقي". ويقدر عدد مقاتلي الحشد الشعبي، بحسب البرلمان العراقي، بـ110 آلاف، بينما يتراوح، بحسب خبراء، بين 60 ألفاً و140 ألفاً. وأقر مجلس النواب، في نوفمبر/تشرين الثاني2016، قانون الحشد الشعبي الرامي إلى وضع تلك الفصائل تحت الإمرة المباشرة للقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وبموجب القانون، تعتبر فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي "كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات باعتبارها قوة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها ما دام ذلك لا يشكل تهديداً للأمن الوطني العراقي".
وتلقى رئيس الوزراء حيدر العبادي، مساء السبت، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد ساعات من دعوته الى العراق بحل "الميليشيات". وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء، في بيان،على نسخة منه أن "حيدر العبادي تلقى اليوم (أمس)اتصالا هاتفيا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون". وأوضح البيان أن "الجانبين شددا على ضرورة حل الإشكالات عن طريق الحوار والالتزام بالدستور ووحدة الأراضي العراقية".
وجدد الرئيس الفرنسي، بحسب البيان، "تأكيده على ثبات موقف بلاده من وحدة العراق وسلامة أراضيه ودعمه لبسط السلطة الاتحادية على كامل الأراضي والحدود العراقية". وشدد العبادي على "أهمية توحيد الجهود كافة للاستجابة لتحديات البناء والإعمار ومستلزمات مرحلة الانتصار والتحرير رغم الصعوبات المالية والاقتصادية التي تقتضي توزيع الثروات بشكل عادل لجميع أبناء الشعب العراقي ووفقاً للاستحقاقات الدستورية".
أرسل تعليقك