قدم رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي، طعنًا في قانون امتيازات النواب، فيما باشرت الحكومة العراقية ومن خلال ملاكها في قيادة قوات الحدود والأجهزة الأمنية والهندسية المساندة لها، بإنشاء سياج أمني شمال نهر الفرات وجنوبه في قضاء القائم (350كلم) غرب العاصمة بغداد، باعتبارها مناطق الزون الآمن بين العراق وسورية، التي من الممكن أن تكون نموذجًا ناجحًا لجدوى السياج الأمني.
وذكر مكتب العبادي في بيان مقتضب ورد "العرب اليوم"، أن الأخير طعن لدى المحكمة الاتحادية بقانون امتيازات النواب الذي شرّعه مجلس النواب قبل حله، وطلب من المحكمة ايقاف العمل به. وكشف مصدر مطلع في مجلس الوزراء ، عن أن الطعن بقانون امتيازات أعضاء مجلس النواب تم على المواد الخاصة بالامتيازات المالية والمعنوية.
وقال المصدر إن "بعض المواد تتعلق بتوسيع الحصانة وخرق مبدأ الفصل بين السلطات، والتجاوز على صلاحيات الادعاء العام في موضوع احقية النواب في اجراء التقاضي نيابية عن ممثليه في مناطقه الانتخابية". وبشأن تفاصيل القانون المالية، أوضح المصدر أن "رفع شرط الخدمة وشمول اعضاء مجلس النواب من الجمعية الوطنية ولحد الان هذا يخالف المادة 62 من الدستور، كونه يحمل خزينة الدولة اعباء مالية دون موافقة الحكومة واستشارتها أو الاستفسار منها".
وتابع أن "القانون يخلق تمييزًا بين العراقيين وهو خرق للمادة 14 من الدستور ومخالف لقرارات المحكمة الاتحادية بهذا الشأن". وبيّن المصدر أن "ادعاء البرلمان العراقي بأن ممثل الحكومة موجود في مجلس النواب وأنه كان حاضرًا في النقاشات لا يعني موافقة الحكومة، لانها تصدر عن مجلس الوزراء وبشكل صريح وبكتاب رسمي".
وفي غضون ذلك، باشرت الحكومة العراقية ومن خلال ملاكها في قيادة قوات الحدود والأجهزة الأمنية والهندسية المساندة لها، بإنشاء سياج أمني شمال نهر الفرات وجنوبه في قضاء القائم (350كلم) غرب العاصمة بغداد، باعتبارها مناطق الزون الآمن بين العراق وسورية، التي من الممكن أن تكون نموذجا ناجحا لجدوى السياج الأمني.
والسياج العازل ضمن مرحلته الأولى يمتد إلى عشرين كيلومترا بين شمال نهر الفرات وجنوبه ويتكون من ثلاثة خطوط أمنية، تتمثل بأسلاك شائكة ثلاثية تتوسط خندق عرضه ستة أمتار وعمقه ثلاثة أمتار وساتر ترابي يصل ارتفاعه الى ثلاثة أمتار، فضلا عن انتشار أبراج المراقبة المزودة بالكاميرات على طول هذا الشريط، الذي يعد اقرب نقطة التقاء بين العراق وسورية.
وإجراءات وصفت بأنها تقليدية لا تتناسب وحجم خطر وتهديد جماعات داعش التي تمتلك الإمكانيات والمعدات التي تسمح لها باختراق هذه الحواجز، فضلا عن الخلايا النائمة المتواجدة في الداخل والتي تجعل من وجود هذه الحواجز دون إجراءات أمنية متطورة تكنولوجيا غير ذات جدوى، ومضيعة للجهد والوقت والمال على حساب الأمن والأمان.
أكد بعض الخبراء العسكريين أن تهديدات داعش المستمرة داخل العراق وخارجه، على الرغم من العمليات العسكرية المتكررة، تشير إلى أن هذا التنظيم يمتلك من الإمكانيات والخطط ما يفوق بشكل كبير الإجراءات التقليدية المستخدمة من قبل الحكومة العراقية. وعبد الرحمن ياسين ضابط متقاعد احد السكان المحليين لمدينة الرمادي، تحدث لـ"نقاش" قائلا إن "هذه الإجراءات ما هي إلى مضيعة للوقت والجهد والمال، وأن بناء الحواجز إن كانت خراسانية أو ترابية لا بد أن يرافقها جهد تكنولوجي والكتروني متطور على طول الشريط الحدودي وعلى امتداد هذه الحواجز، فضلا عن جهد استخباراتي ومخابراتي يهدف إلى التصدي لأي محاولة تسعى إلى اختراق أو خرق هذه الحواجز من الداخل ومن الخارج".
وقال أيضا "لابد لنا كقوات أمنية نقاتل الجماعات المسلحة منذ 2003، أن ندرك أننا أمام عدو يمتلك الإمكانيات والمعدات والأسلحة المتطورة، فضلا عن التكنولوجيا الحديثة على مستوى الاتصالات والمعدات، وان تعاملنا معه بخطط تقليدية أكل عليها الدهر وشرب هو خيانة عظمى".
مسؤولون محليون أكدوا أن هذه الإجراءات وان كانت تقليدية الا أنها أفضل من ترك بوابة الحدود العراقية الغربية مفتوحة على مصراعيها أمام الإرهابيين والمتسللين الذين أصبحوا يستخدمون الطرق الصحراوية الخالية من المراقبة الأمنية ممرات سهلة وآمنة لهم.
وعماد الدليمي قائم مقام قضاء الرطبة (450كلم) غرب العاصمة بغداد، تحدث قائلا: "لا شك أن الخطر الحقيقي يأتي إلى العراق من خارج الحدود وبمساندة خلاياه النائمة في الداخل، وبما أن القوات الأمنية قد نجحت في تحرير كافة المدن التي اغتصبها "داعش"، أصبح من الضروري الاهتمام بالحدود العراقية لاسيما مع الحدود السورية، التي مازالت تشكل خطرا وتحديا للقوات الأمنية".
وأضاف "إنشاء سياج امني بهذه البساطة جهود لا ترتقي الى مستوى ما نطمح إليه، الا أنها تمثل محاولة تسهم في إرباك العدو وتقلل من انتشاره وتحركه داخل المناطق الحدودية، لاسيما في محافظة الأنبار التي تشكل الأراضي الصحراوية الممتدة الى دول الجوار جزءا كبيرا من مساحتها". وبما أن مدينة القائم (350كلم) غرب العاصمة بغداد إحدى أهم مدن محافظة الأنبار وعلى تماس مباشر مع حدود مدينة البوكمال السورية، فأنها المستفيد الأكبر من هذا السياج الأمني لما سيوفره لها من حماية، وان كان نموذجا مصغرا لما سيكون عليه كامل الشريط الحدودي.
أحمد المحلاوي قائم مقام القائم أشار إلى أن "بناء هذا السياج الأمني ضرورة ملحة وان كانت خطوة متأخرة بعض الشيء وبسيطة، الا أنها تسهم في حماية الحدود العراقية أولا وحماية قضاء القائم الملاصق لمدينة البو كمال السورية ثانيا". والسكان المحليون في القضاء وجدوا في هذا السياج الأمني استنساخ سيئ للخطط السابقة التي استخدمت منذ عشرات السنين، والتي لم تدم لفترة طويلة، إذ اندثرت بفعل العوامل المناخية والتخريبية، وأصبحت فيما بعد متهالكة، "لا تعيق مرور حتى الحيوانات بين البلدين".
وسعدي عبد الغفور(46عاما) أحد السكان المحليين والذي يمتلك أرضا زراعية على ضفاف نهر الفرات، فرح كثيرا عندما سمع عن بناء جدار عازل على الحدود العراقية السورية، على الرغم من أن هذا الجدار سيقتطع جزء من أرضه.
وعبد الغفور تحدث قائلا: "كنت من أشد المؤيدين لفكرة بناء هذا الجدار على الرغم من الضرر الذي سيصيبني من خلال اقتطاع جزء من أرضي كونها تدخل ضمن حدود المشروع، لكن عندما شاهدت هذه الأسلاك وهذه الآليات التي تحفر الخنادق، أدركت أنني أمام مشروع لن يقدم الشيء الجديد، تم إنشاؤه على مخلفات سابقة كانت في ما مضى سياج أمني تهالك واندثر".
قيادة قوات الحدود المنطقة الثانية، وعلى لسان مدير إعلامها العقيد أنور حميد، تفخر بهذا الإنجاز وتعده مرحلة مهمة من مراحل السيطرة على كامل الحدود العراقية طال انتظارها، وتتطلع إلى نجاح هذا النموذج لتتمكن من تنفيذ المشروع بصيغته النهائية على طول الشريط الحدودي بين العراق وسورية، بكلفة تصل إلى أربعة مليارات دينار عراقي.
العقيد أنور حميد قائلا إن "نصب هذا السياج سيكون على كامل الشريط الحدودي بعد موافقة لجان متخصصة من وزارة الدفاع وقيادة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، بعد تحديد الجدوى منه ومدى فعاليته في حماية الحدود العراقية". وإنشاء السياج سيستغرق وقتا وجهدا كبيرين في حال تم إنجازه بالفعل ولم يتلكأ مثل باقي المشاريع في العراق وقد يفضي إلى حل مشكلات حقيقية يعاني منها العراق في مجال تسلل الإرهاب إلى حدوده.
أرسل تعليقك