وقع انفجار، اليوم الثلاثاء، 30 أيار، 2017، وسط العاصمة العراقية بغداد، بعد ليلة دامية شهدت مقتل واصابة أكثر من 90 شخصاً بتفجير سيارة مفخخة يقودها انتحاري في منطقة الكرادة، في وقت يعقد مجلس الامن، مساء اليوم الثلاثاء، جلسة مشاورات بشأن الوضع الانساني في الموصل بطلب من الولايات المتحدة الاميركية. وأفاد مصدر امني في بغداد، بأن انفجاراً استهدف مبنى هيئة التقاعد العامة قرب جسر الشهداء الذي يربط جانبي الكرخ والرصافة وسط العاصمة العراقية. وأضاف أن الانفجار وقع بسيارة مفخخة يعتقد أن انتحارياً كان يقودها، ما خلف سقوط عدد من القتلى والجرحى. وتابع أن السلطات الأمنية أغلقت الطرق الرئيسية في بغداد، وسط توقعات بحدوث المزيد من الهجمات بعد تسلل عدد من الانتحاريين إلى العاصمة العراقية.
يشار إلى أن انتحارياً كان يقود سيارة مفخخة استهدف "مرطبات الفقمة" بمنطقة الكرادة وسط بغداد، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً واصابة 80 آخرين بجروح. هذا وقامت القوات الامنية، الثلاثاء، بإغلاق جسر الشهداء ومنطقة الشواكة ، وسط بغداد عقب التفجير الذي استهدف مدخل هيئة التقاعد العامة. وقال مصدر امني ان القوات الامنية قامت، صباح اليوم، بإغلاق جسر الشهداء ومنطقة الشواكة ، وسط بغداد، فيما قامت بحملة تفتيش في تلك المناطق والمحيطة منها".
هذا ويعقد مجلس الامن، مساء اليوم الثلاثاء، جلسة مشاورات بشأن الوضع الانساني في الموصل بطلب من الولايات المتحدة الاميركية وأكدت رئاسة المجلس "انه وبناء على طلب من الولايات المتحدة سيكون هناك نقاش تحت البند "أية مواضيع اخرى، حول الوضع في الموصل مع التركيز على الجهود الإنسانية". واضاف المجلس ان رئيس الشؤون الانسانية الاممي ستيفن أوبراين سيقدم احاطة للمجلس بذلك.
وفي الشان السياسي استبعد سياسيين عراقيين تشكيل حكومة طوارئ في البلاد التي تعيش حالة اللادولة في ظل حكم الأحزاب والسلاح، في الوقت الذي أكد فيه آخرون وجود مساعٍ لزج المليشيات في حكومة الطوارئ باعتبارها "بيضة القبان" داخل "التحالف الوطني".
وأكد عضو في "التحالف الوطني" الحاكم أن عدداً من نواب التحالف يُجرون منذ أيام عدة حوارات حثيثة داخل أروقة البرلمان من أجل حشد التأييد لمقترح تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى عام 2020 وتشكيل حكومة طوارئ من المرجح أن يقودها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، أو أية شخصية أخرى يتم الاتفاق عليها شرط أن تكون من التحالف الحاكم.
وأشار إلى انقسام "التحالف الوطني" إلى معسكرين، أحدهما مع استمرار العبادي في رئاسة الوزراء، والآخر يعارض بشدة أي حديث عن تشكيل حكومة طوارئ أو التجديد للعبادي، لافتاً إلى وجود مساعٍ لاستيعاب مليشيات "الحشد الشعبي" في الحكومة المقترحة شرط تخليها عن السلاح ومواصلة عملها كأحزاب سياسية مسجلة في مفوضية الانتخابات.
وأعلنت قوات "عصائب أهل الحق" الخميس الماضي عن تسجيلها كحزب سياسي في مفوضية الانتخابات تمهيداً لدخولها الانتخابات المقبلة. وجاء في إجازة التأسيس التي حصلت عليها المليشيا أنه "لإيفاء حركة عصائب أهل الحق بمتطلبات التأسيس المنصوص عليها في قانون الأحزاب السياسية رقم 26 لسنة 2015، واستناداً للصلاحيات المخوّلة لمجلس المفوضين، قرر مجلس المفوضين إصدار هذه الإجازة".
الأمين العام لـ"عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي لم يكتفِ بإجازة التأسيس التي حصل عليها فصيله، بل قام بزيارات عدة تمهيداً لدخول العملية السياسية، إذ التقى العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائب الرئيس العراقي نوري المالكي. وقال الموقع الرسمي للمليشيا إن الخزعلي ناقش معهم الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.
وانتقد عضو "اتحاد القوى" محمد عبدالله المشهداني انفراد "التحالف الوطني" بمباحثات الحصول على تأييد تشكيل حكومة طوارئ تدير البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات المفترض أن تؤجل حتى عام 2020، موضحاً أن الحراك الذي بدأ سرياً داخل كواليس التحالف الحاكم لم ينفتح على القوى السياسية الأخرى لغاية الآن، واكتفى بترميم خلافاته الداخلية من أجل قيادة الحكومة المقبلة.
وأشار إلى وجود نية لإشراك مليشيات "الحشد الشعبي" في الحكومة المقبلة، من خلال دفعها باتجاه التسجيل كأحزاب سياسية في مفوضية الانتخابات، لافتاً إلى أن القوى السياسية الشيعية داخل "التحالف الوطني" تتعامل مع المليشيات على أنها "بيضة القبان" في الانتخابات المقبلة ولا بد من استرضائها.
من جهته، رأى استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني ، أن تسجيل المليشيات العراقية في مفوضية الانتخابات والسماح لها بالمشاركة في العملية الانتخابية أمر مخالف للدستور العراقي الذي يمنع المليشيات من أداء دور سياسي، موضحاً أن قانون مفوضية الانتخابات يمنع تسجيل أي كيان سياسي مرتبط بمليشيا. وأشار إلى أن مفوضية الانتخابات أوقعت نفسها بتناقض كبير، لافتاً إلى أنها وافقت على تسجيل مليشيا "عصائب أهل الحق" كحزب سياسي، على الرغم من رفضها السابق تسجيل أي من فصائل "الحشد الشعبي".
وقالت مفوضية الانتخابات العراقية في وقت سابق إن فصائل "الحشد الشعبي" تعمل ضمن مؤسسة أمنية ولا يحق لها التسجيل ككيانات سياسية تشترك في الانتخابات، موضحة أن القانون يمنع تسجيل أي جهة كحزب سياسي إذا كانت موجودة ضمن مليشيات "الحشد".
وعلى الرغم من عدم وضوح الموقف الكردي الرسمي من تشكيل حكومة طوارئ تدير البلاد لمدة عامين، إلا أن عضو البرلمان العراقي السابق، القيادي الكردي محمود عثمان، لم يستبعد تشكيل مثل هذه الحكومة، مؤكداً أن كل شيء وارد في العراق.
وأشار إلى عدم وجود قوانين ثابتة تحكم العملية السياسية في العراق، الأمر الذي أتاح لبعض الأحزاب الاجتماع والاتفاق على تأجيل الانتخابات، معتبراً أن العراق لم يصل إلى مرحلة الدولة لغاية الآن، لأنه يخضع لإرادة الدول والأشخاص. وبشأن اشتراك الأحزاب الكردية في حكومة طوارئ، قال: "لا أعلم، وجائز اشتراك الأكراد في حكومة طوارئ"، موضحاً أن كل الاحتمالات واردة لا سيما في ظل تعطيل برلمان إقليم كردستان منذ عام ونصف تقريباً، وخضوع البلاد إلى حكم الأحزاب، وحكم السلاح.
وإذا كانت مواقف بعض الأطراف مترددة أو متخوفة من إعلان موقفها من حكومة الطوارئ، فإن الموقف الأوضح منها جاء من "المجلس الأعلى الإسلامي" الذي رفض القيادي فيه صلاح العرباوي تشكيل حكومة طوارئ يترأسها العبادي، متحدثاً عن وجود نوايا للتلاعب بالعملية السياسية، مؤكداً في مقابلة تلفزيونية، أنّ "قوة العبادي من شرعيته، وإذا جاء بحكومة طوارئ فإنّه سيكون غير شرعي، ولا يمكن التعامل مع رئيس غير شرعي"، رافضاً "تجاوز العبادي أو غيره السقف الزمني للانتخابات، لأنّ في ذلك مساسا بالعملية الديمقراطية".
وأضاف العرباوي أنّ "رئيس الوزراء العراقي ما يزال غير حاسم في قراراته، لا سيما ما يتعلق بمكافحة الفساد"، معتبراً أنّ "العبادي لم يصنع النصر على داعش لوحده، ولو كان أي أحد في مكانه لكان مثله أو أفضل".
وقال إنّ "المجلس الأعلى الإسلامي له الأولوية في رئاسة الحكومة المقبلة"، مضيفاً أنّ "المجلس لديه 20 شخصية سياسية قادرة على الترشّح لمنصب رئيس الوزراء، وفقاً للسياقات الدستورية".
وسبق لعضو البرلمان العراقي السابق حسن العلوي أن تحدث عن رغبة العبادي في قيادة حكومة طوارئ لكنه غير قادر على ذلك، بحسب قوله، مشيراً في تصريح صحافي إلى أن العبادي يسعى للتحالف مع "التيار الصدري" الذي يتزعمه رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، والحزب "الديمقراطي الكردستاني" الذي يترأسه مسعود البرزاني، وكتلة "سنّية" كبيرة للفوز في الانتخابات المقبلة.
أرسل تعليقك