لا تزال محافظة إدلب تشهد فلتاناً أمنياً واسعاً، تتفاوت وتيرته منذ تصاعدها في الـ 26 من نيسان / أبريل من العام الجاري 2018، تزامناً مع عمليات أمنية من قبل القائمين على أمن المحافظة، للحد من الخلايا النائمة التي تنفذ هذه العمليات. وجديد هذا الفلتان إقدام مسلحين مجهولين على اغتيال قيادي من جنسية قوقازية، بإطلاق النار عليه في المنطقة الواقعة بين تحتايا والتمانعة، قرب المنطقة المقرر نزع السلاح منها وفقاً للاتفاق الروسي – التركي، بعد ساعات من اغتيال قيادي عسكري آخر في "هيئة تحرير الشام" في منطقة دركوش في الريف الشمالي الغربي لمدينة جسر الشغور بالقطاع الغربي من ريف محافظة إدلب.
وهذه الاغتيالات رفعت إلى 338 على الأقل، تعداد من اغتيلوا في أرياف إدلب حلب وحماة، منذ الـ 26 من نيسان / أبريل الفائت من العام الجاري 2018، وحتى الـثاني من شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام ذاته، هم زوجة قيادي أوزبكي وطفل آخر كان برفقتها، إضافة إلى 65 مدنياً بينهم 10 أطفال و6 مواطنات، اغتيلوا من خلال تفجير مفخخات وتفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار واختطاف وقتل ومن ثم رمي الجثث في مناطق منعزلة، و235 مقاتلاً من الجنسية السورية ينتمون إلى هيئة تحرير الشام وفيلق الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية وجيش العزة وفصائل أخرى عاملة في إدلب، و36 مقاتلاً من جنسيات صومالية وأوزبكية وآسيوية وقوقازية وخليجية وأردنية وتركية، اغتيلوا بالطرق ذاتها، كذلك فإن محاولات الاغتيال تسببت بإصابة عشرات الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، بينما عمدت الفصائل لتكثيف مداهماتها وعملياتها ضد خلايا نائمة اتهمتها بالتبعية لتنظيم "داعش".
اشتباكات بين عناصر "داعش" و" هيئة تحرير الشام"
على صعيد متصل رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان اشتباكات بين عناصر من هيئة تحرير الشام، مع إحدى الخلايا التابعة لتنظيم "داعش" في منطقة الدانا بالقطاع الشمالي من محافظة إدلب، إذ أكدت المصادر الموثوقة أن الاشتباكات جرت نتيجة مداهمة مكان تواجد الخلية من قبل هيئة تحرير الشام، دارت على إثرها اشتباكات بين الأخير من جهة، وعناصر الخلية من جهة اخرى، ومعلومات مؤكدة عن مقتل وإصابة عدد من عناصر الخلية، وتأتي هذه الاشتباكات بعد أن وثق المرصد السوري 80 عنصراً على الأقل من تنظيم "داعش" والخلايا التابعة له، ممن قتلوا منذ نهاية نيسان / أبريل من العام الجاري 2018، من جنسيات سورية وعراقية وأخرى غير سورية، من ضمنهم 41 على الأقل جرى إعدامهم عبر ذبحهم أو إطلاق النار عليهم بشكل مباشر بعد أسرهم، فيما قتل البقية خلال عمليات المداهمة وتبادل إطلاق النار بين هذه الخلايا وعناصر الهيئة في مناطق سلقين وسرمين وسهل الروج وعدد من المناطق الأخرى في الريف الإدلبي، كان آخرها ما رصده المرصد السوري في الـ 20 من أيلول / سبتمبر الجاري، من إعدام هيئة تحرير الشام 5 أشخاص، حيث أكدت المصادر أنهم أعدموا في منطقة الزربة بريف حلب الجنوبي، بتهمة “الانتماء لخلايا تابعة لتنظيم داعش”، وأطلق عناصر من تحرير الشام النار عليهم، بعد اعتقالهم في وقت سابق ضمن حملة الاعتقالات التي طالت عشرات الأشخاص بهذه التهم، والتي تخللتها اشتباكات عنيفة في بعض الأحيان بين عناصر من هذه الخلايا وعناصر الهيئة، بالإضافة للإعدامات التي كانت تنفذ بشكل مباشر، أو عمليات الاستهداف الجماعي لمواقع ومقار لهذه الخلايا، وتعد هذه أول عملية إعدام تجري ضمن المنطقة الروسية – التركية منزوعة السلاح، والتي جرى تحديدها في اتفاق روسي – تركي مؤخراً.
وكان المرصد السوري وثق سابقاً أن الجهات الأمنية في هيئة تحرير الشام أو الفصائل المقاتلة والإسلامية من جنسيات سورية وغير سورية، أخفقت بشكل متكرر في ضبط الفلتان الأمني هذا، فعلى الرغم من الحملات الأمنية التي أسفرت عن اعتقال خلايا تابعة لتنظيم “داعش”، وخلايا أخرى مسؤولة عن عمليات الاختطاف ومحاولات القتل والاغتيالات، إلا أن هذه الحملات لم تتمكن من التوصل لأية نتائج كاملة، بل بقيت الخلايا تصول وتجول داخل المناطق التي أحدثت انفلاتاً في أمنها، كما تعمدت الخلايا لتقليل نشاطها مع كل حملة عسكرية، ومعاودة النشاط مع الانتهاء من الحملة من قبل الجهات المناط بها مسؤولية أمن محافظة إدلب ومحيطها
الغليان يسود مدينة السويداء
وفي محافظة السويداء، تسود حالة من الغليان والتوتر في مدينة السويداء، على خلفية عملية الإعدام التي طالت إحدى المختطفات المحتجزات لدى تنظيم "داعش" اليوم الثلاثاء، الثاني من تشرين الأول / أكتوبر من العام الجاري 2018، وأكدت المصادر المتقاطعة أن المدينة شهدت تجمهراً مع إطلاق نار، من قبل مواطنين غاضبين من عملية الإعدام التي أودت بحياة المختطف الثاني بعد أن أعدم قبل شهرين فتى في الـ 19 من عمره، كما كانت فارقت مواطنة أخرى الحياة في ظروف غامضة، عقب أيام من اختطافها من قبل التنظيم، فيما يستمر الغليان وسط غموض يلف مصير الإجراءات التي سيتخذها أبناء محافظة السويداء تجاه صمت النظام ومماطلته في الإفراج عن المختطفين والمختطفات البالغ عددهم نحو 30 طفلاً طفلة ومواطنة.
وذكر المرصد السوري أنه رصد تنفيذ عملية إعدام بحق إحدى المختطفات من ريف محافظة السويداء، بعد اختطافها مع نحوز 30 طفلاً ومواطنة آخرين، من قرى الخط الأول الآهل بالسكان، والمحاذي للبادية السورية من قبل تنظيم "داعش" في الـ 25 من تموز / يوليو الفائت من العام الجاري 2018، وعلم المرصد السوري أن عملية الإعدام جرت بحق المواطنية ثروت فاضل أبو عمار، عبر إطلاق النار على رأسها، في أول عملية إعدام تطال مختطفة، بعد أن كانت فارقة مختطفة أخرى الحياة في ظروف غامضة، قالت المختطفات في شريط مصور أنه بسبب “المرض”، فيما كان التنظيم نفذ عملية إعدام في الثاني من آب / أغسطس من العام الجاري 2018، بحق فتى في الـ 19 من عمره وهو من أبناء قرية الشبكي، وأكدت مصادر موثوقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن أهالي السويداء واللجان المسؤولة عن ملف المختطفين والمختطفات، تلقوا وعوداً من قبل الروس والنظام السوري، بالإفراج عن المختطفين خلال الـ 48 ساعة المقبلة، ليتفاجأوا بإعدام إحدى المختطفات، على الرغم من الإفراج عن 27 طفلاً ومواطنة من عشائر البدو في المحافظة، كذلك رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان حالة من الاستياء الواسع في المحافظة، نتيجة عمليات الإعدام التي تخوف منها الأهالي، إثر المماطلة المستمرة في ملف المختطفين والمختطفات من قبل النظام والجهات المسؤولة.
وكانت وردت في الـ 12 من سبتمبر / أيلول الفائت من العام الجاري 2018، إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان نسخة من شريط مصور تظهر مختطفي ومختطفات السويداء البالغ عددهم نحو 30 طفلاً وطفلة ومواطنة، والذي أعدام منهم فتى في الـ 19 من عمره، بالإضافة لمفارقة سيدة منهم الحياة في ظروف غامضة، وجاء في الشريط المصور حديث لإحدى المختطفات والتي قالت: "نحن الأسرى الموجودين لدى داعش، كلنا بخير وليس هناك من أحد تأذى بيننا، ولكن ليس من أحد يعمل على فك أسرنا لا النظام وروسيا، ونتمنى ممن يرى هذا الشريط المصور أن يسعى في قضيتنا ويفك أسرنا في أسرع وقت". ويأتي هذا الشريط المصور في أعقاب إخفاق المفاوضات المتواصلة مرة جديدة في التوصل لحل ينهي مأساة المختطفين ويعيديهم إلى ذويهم بعد اختطفاهم في الـ 25 من تموز / يوليو الجاري من العام 2018، كما كان المرصد السوري رصد في نهاية تموز / يوليو الفائت من العام الجاري 2018، توجيه تنظيم "داعش" تهديدات إلى النظام على لسان إحدى المختطفات من ريف السويداء، إذ ظهر في الشريط المصور الذي بثه تنظيم "داعش" إحدى السيدات المختطفات، من قرى ريف السويداء، وهي توجه رسالة، وطالبت السيدة سعاد أديب أبو عمار، في الشريط المصور كل من الرئيس السوري بشار الأسد، والإعلامية المليونيرة كنانة حويجة، بتنفيذ شروط التنظيم، بإطلاق سراح أسرى ومعتقلين تابعين للتنظيم أو مرتبطين بهم، وإيقاف الحملة العسكرية على حوض اليرموك في القطاع الغربي من ريف درعا، وحذرت السيدة في الشريط المصور من إقدام التنظيم على إعدامهم في حال لم يجري تنفيذ هذه الشروط
في حين كان المرصد السوري نشر قبل ساعات من اليوم الثاني من تشرين الأول من العام الجاري 2018، أن مدينة السويداء وريفها تشهدان استياءاً متواصلاً ومتصاعداً بشكل كبير على خلفية قضية المختطفين والمختطفات من أبناء ريف السويداء، والمحتجزين لدى التنظيم منذ الـ 25 من تموز / يوليو من العام الجاري 2018، حيث لا يزال مجهول مصير المخطتفين الذين أكملوا الأسبوع الأول من الشهر الثالث لاختطافهم من قبل التنظيم، الاستياء المتصاعد والذي
مصير المختطفين والمختطفات من أهالي السويداء
رصد استمراره المرصد السوري لحقوق الإنسان يأتي بالتزامن مع المفاوضات المستمرة بين السلطات الحكومية وتنظيم "داعش"، حول مصير المختطفين والمختطفات، الاستياء الكبير يأتي بشكل كبير ضد سلطات النظام السوري حيث يحمل أهالي المختطفين والسويداء سلطات الرئيس بشار الأسد المسؤولية الأولى عن حادثة اختطاف النساء والأطفال والهجمات التي تعرضت لها السويداء. وفي السياق هذا كان المصد السوري قد حصل على شريط مصور من الاعتصام الذي نفذه أهالي وأبناء السويداء الأسبوع المنصرم، حيث حمل غالبية المعتصمين وأهالي السويداء سلطات النظام السوري المسؤولية الأولى عن الأربعاء الدامي الذي شهدته السويداء وريفها الشرقي، وتحدث المعتصمين قائلاً ” إذا افترضنا أن في بلدنا يوجد نظام فهو المسؤول برفقة الروس والإيرانيين وهم المسؤولون عن مصير المختطفين” فيما حمل آخرون مسؤولية خطف أبناء السويداء للذين نقل عناصر تنظيم "داعش" من حوض اليرموك ومخيم اليرموك إلى شرق السويداء بسلاح وذخيرة كثيرة ثم اختفوا بعد الأربعاء الدامي، كما كان المرصد السوري نشر يوم أمس الاثنين، أنه لا يزال التفاوض مستمراً بين سلطات النظام وتنظيم "داعش"، حول مصير المختطفين والمختطفات من أبناء ريف السويداء، والمحتجزين لدى التنظيم منذ الـ 25 من تموز / يوليو من العام الجاري 2018، وأكدت مصادر متقاطعة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أنه على الرغم من قطع الانتخابات شوطاً مهماً من حيث التوافق المبدئي على المضي في التفاوض مجدداً بعد عدة إخفاقات سابقة، إلا أنه لم يجري التوصل إلى الآن إلى توافق حول الإفراج عن المختطفات والمختطفين البالغ عددهم نحو 30 طفلاً ومواطنة، فيما كان رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان إفراج مسلحين من ريف السويداء عن 12 طفلاً و15 مواطنة من عشائر البدو في ريف السويداء، كانوا محتجزين لدى هذه المجموعات المسلحة، وجرت عملية الإفراج عنهم بوساطة من القوات الروسية.
أرسل تعليقك