أكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن المدنيين في مناطق الجانب الأيمن لمدينة الموصل ما زالوا عرضة لقصف الطيران الجوي، الذي لم تُحدد هويته، لكن يُعتقد، وبشكل كبير، أنه تابع للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، في حين أعلن مسؤول حكومي إيزيدي، في إقليم كردستان، الأحد، عن أن تنظيم "داعش" ما زال يحتجز أكثر من ثلاثة آلاف مدني إيزيدي، منذ اختطافهم عند سيطرته على مدينة سنجار، في آب / أغسطس 2014.
وقال المرصد إن طيران التحالف الدولي ما زال يستخدم ذات الأسلوب الذي أودى بحياة المئات من مدنيي الموصل، خلال الأسابيع الماضية، ولم يقم بأي خطوات جديدة تُجنب سكان الساحل الأيمن نيران طائراته، التي يُفترض أن تستهدف عناصر تنظيم "داعش". وأكد الجنرال ريك يوريبي، وهو ضابط كبير في التحالف الدولي، في مؤتمر صحافي في بغداد، الأسبوع الماضي: "ما زلنا نطبق قواعد الاشتباك نفسها، جرى تفويض هذه السلطات قبل أي تبديل في الإدارة".
ووثقت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، في 10 نيسان / أبريل، مقتل خمسة عائلات في حي اليرموك، في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، بعد أن استُهدف منزلهم بقصفٍ جوي. وقال ليث الراشدي، وهو نازح من مدينة الموصل، إن الحادثة التي وقعت في الأفرع المقابلة لجسر اليرموك،، وأودت بحياة أحد أبناء عمومته، وهو عماد عبد الغني الراشدي، ووالدته وزوجته وبناته الأربع وابنة أخيه، إياد عبد الغني، وأربعة عائلات أخرى، بعد لجوئهم إلى دار جارهم، عماد".
وأضاف أن الدار قُصفت بعد ساعة من هروب أحد عناصر تنظيم "داعش"، الذي كان موجودًا فوق سطح المنزل، متوقعًا وصول عدد الضحايا إلى 30 مدنيًا، منهم من بقي تحت الأنقاض. وقال إياد عبد الغني الراشدي، وهو ناجٍ من حادثة اليرموك، خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان: "تعيش في منزلي أربع عائلات، عائلتي وعائلة أخي، إضافة إلى عائلتين من جيراننا، وأحد الجيران انتقل إلى منزلنا بعد أن سيطر قناص من "داعش" على منزله، وفي الساعة الواحدة ظهرًا، من يوم 10 نيسان، استهدف منزلي بصاروخ أصاب مقدمته، التي تتكون من محلات تجارية وغرف نوم، مما ادى إلى مقتل 14 شخصًا، أغلبهم من النساء، ومن عائلتي قتل ثمانية أشخاص، أمي وابنتي وأخي وزوجته وبناته، ونجى منهم ابنه فقط، أما جيراني فقتل منهم ستة أشخاص".
وفي المقابل، قال سكان محليون في منطقة باب سنجار إن عائلة غانم صبحية، وهو مواطن موصلي معروف في منطقته، قُتلت بأكملها، وتتألف من 42 شخصًا، بعد أن استهدف منزلهم بقصف جوي، فجر 15 نيسان. وأكدوا أن منزل غانم الصبيحة، المكون من 16 غرفة، كان يلم شمل أكثر من عائلة في لحظة القصف، منهم شقيق غانم وعائلته، وأولاده الستة، بالإضافة إلى بناته الخمسة وأحفاده.
وذكرالمرصد العراقي لحقوق الإنسان أن الطيران استهدف منزلاً، في 15 نيسان، في حي الإصلاح الزراعي، وأصبح المنزل المكون من طابقين مساويًا للأرض. وأكد شاهد عيان جُرح ابنه في قصف المنزل في حي الإصلاح الزراعي، بعد صعود عناصر "داعش" على سطح المنزل، وإرسال طائرة مسيرة من هناك ثم الفرار، تم قُصف المنزل بصاروخين متتابعين، أسفرا عن مقتل ثمانية مدنيين على الأقل، وهم أب وابنائه، وبينهم أطفال، وما زالت جثثهم حتى الآن تحت الأنقاض.
وأشار شاهد العيان، وهو من جيران العائلة التي قُصف منزلها، إن ابنه، الذي يبلغ من العمر تسع سنوات، أصيب أيضًا بالقصف، عندما كان خارج المنزل، قائلاً: "سمعت عناصر داعش يقولون لبعض الجيران، الذين يرفضون صعودهم على الأسطح، أرواحكم ليست أغلى من أروحنا".
ودعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان قادة الجيش العراقي، وجميع من يساندهم في معركة استعادة الجانب الأيمن من مدينة الموصل، إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، واتخاذ الخطوات اللازمة للحد من خطورة تنظيم "داعش" على سلامة المدنيين. وطالب التحالف الدولي والجهات الاستخباراتية المسؤولة عن تحديد أهداف عناصر "داعش" بتحديدها بدقة تامة، لمنع تعرض المدنيين للخطر، كما دعا التحالف إلى أهمية إعطاء سلامة المدنيين الأولوية في الطلعات الجوية التي يشنها ضد التنظيم.
وكشف مسؤول حكومي إيزيدي في إقليم كردستان، الأحد، عن أن تنظيم "داعش" ما زال يحتجز أكثر من ثلاثة آلاف مدني إيزيدي، منذ اختطافهم عند سيطرته على مدينة سنجار، في آب 2014. وقال مدير عام الشؤون الإيزيدية في وزارة أوقاف إقليم كردستان، خيري بوزاني، في تصريح إلى وكالة الأنباء الألمانية، إن تنظيم "داعش" اختطف 6417 مواطنًا إيزيديا، بينهم 3547 امرأة في مدينة سنجار، منذ آب 2014. وأضاف أن عدد الناجين من قبضة "داعش" بلغ 2963 شخصًا، بينهم 1070 امرأة و1571 طفلاً، موضحًا أن عدد الذين ما زالوا في قبضة التنظيم يبلغ 3454 شخصًا. وأشار إلى أن عدد الإيزيديين في العراق كان نحو 550 ألف نسمة، وعدد النازحين نحو 360 ألف نازح، وعدد القتلى على أيدي "داعش" يبلغ 1293 شخصًا، فيما بلغ عدد الأيتام 2745.
وأضاف أن عدد المقابر الجماعية المكتشفة في سنجار بلغ 30 مقبرة جماعية، فضلاً عن المئات من مواقع المقابر الفردية، فيما بلغ عدد المزارات والمراقد الدينية المفجرة من قبل تنظيم "داعش" 68 مزارًا ومرقدًا. وفي الشأن ذاته، تحاول قوات "الحشد الشعبي" بشتى الطرق بدء الهجوم على بلدة تلعفر، الواقعة غرب الموصل، لتكون مركزًا لها ولتحركاتها في المحافظة، محاولة الضغط والتفاوض مع رئيس الحكومة، حيدر العبادي، في هذا الشأن، والذي رفض أي تحرك في هذا الاتجاه.
وقال مسؤول قريب من التحالف الوطني إنّ قيادات الحشد الشعبي تحاول البدء بمعركة تلعفر، خصوصًا أنّ المحور الغربي للبلدة تمّت السيطرة عليه بشكل كامل، مبينًا أنّ العبادي لم يعط الضوء الأخضر للبدء في الهجوم، الأمر الذي يثير قلق الحشد من منعه من المشاركة في الهجوم، خصوصًا أنّ الجيش موجود أيضا في المحور الغربي للبلدة. وأضاف المسؤول ذاته أنّ قيادات الحشد التقت بالعبادي، وقدّمت له خططًا للبدء في الهجوم على البلدة، بيكون لها الدور الرئيس، على اعتبار أنّها استلمت المحور الغربي للموصل والخط الممتد إلى سورية، مبينًا أنّ العبادي لم يعط جوابًا للحشد، ووعدهم بدراسة الخطط وتحديد الوقت المناسب.
وأشار إلى أنّ قيادات الحشد ترى أنّ العبادي يماطل، وأنه لا يريد مشاركة القوات في أي هجوم على تلعفر، مطالبًا أن تكون مجرّد قوة ساندة لا غير، ومبينًا أنّ القيادات بدأت تفاوض العبادي، ووجهوا وساطات من قيادات التحالف للضغط عليه. وأكد الحشد يعتبر تلعفر من أهم المناطق، ويحاول بشتى الطرق الوصول إليها ودخولها، ولذلك هو مستعد لتقديم تنازلات كبيرة لرئيس الحكومة مقابل خوض هذه المعركة، مرجحًا فشل كل المفاوضات مع العبادي، الذي اتخذ قراره بمنعها من المشاركة.
ومن جهته، أكد المسؤول المحلي في تلعفر، حامد الشمري، أنّ العبادي وعد وجهاء ومسؤولي تلعفر بمنع دخول الحشد إلى البلدة، وأنّه سيفي بوعده. وقال الشمّري: "العبادي تعهد لنا، في مناسبات عدة، بعدم دخول الحشد إلى البلدة، وذلك لكي لا تثار الحساسيات من قبل الأهالي"، مؤكدا أنّ قوات الجيش ستتولى مهمة الهجوم وتطهير البلد من "داعش". وذكر أنّ "تلعفر ذات تركيبة سكانية معقدة، وتحتاج إلى سياسة حازمة في الحفاظ على ترابط ووحدة نسيجها المجتمعي، وأن تعامل العبادي في هذا الاتجاه مطمئن لجميع مكونات البلدة، حيث اتخذ قراره بأن تكون قوات الجيش هي القوات التي تقود معركة تلعفر، وتحرّرها، بدعم وإسناد من قبل الأهالي. وأوضح إلى أنّ الأهالي مطمئنون لوعود العبادي، وأنّه لن يتراجع عن قراره.
ويشار إلى أنّ أهالي ووجهاء تلعفر التقوا رئيس الحكومة مرات عدة، وطالبوه بمنع مليشيات الحشد الشعبي من دخول البلدة، لما لذلك من نتائج سلبية على النسيج الاجتماعي فيها.
أرسل تعليقك