خرج آلاف الطلاب الجزائريين، الثلاثاء، في مسيرة جديدة للأسبوع الـ24 على التوالي، للتعبير عن رفضهم للحوار الذي اقترحته السلطة، مؤكدين أنه لا يمكن القيام بأي خطوة في ظل بقاء رموز النظام، ورافعين مجددا تحدي «العصيان المدني»، وتجمع الطلاب في ساحة الشهداء أسفل حي القصبة العتيق، ثم توجهوا في مسيرة شارك فيها نحو مئات الأشخاص نحو ساحة البريد المركزي التي طوقتها قوات الشرطة، التي راقبت المسيرة دون أن تتدخل.
وردد الطلاب شعار: «يا للعار، يا للعار عصابة تقود الحوار»، كما رفعوا لافتة كبيرة كُتب عليها: «لا حوار مع العصابة»، رفضاً لاقتراح الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح في محاولة لإخراج البلاد من المأزق السياسي والدستوري، الذي تواجهه برعاية «هيئة وطنية للحوار والوساطة».
وعرفت الجزائر إلغاء الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في الرابع من يوليو/ تموز الماضي بسبب عدم توفر مرشحين، ما أدى إلى إبقاء بن صالح على رأس الدولة بعد انتهاء مدة الرئاسة المؤقتة كما حددها الدستور. وأصبح مصطلح العصابة يطلق على رموز نظام الرئيس بوتفليقة، الذي استقال في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي، بعد 20 عاما في الحكم، وذلك تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة بدأت منذ 22 من فبراير/ شباط الماضي.
وقال شكيب، أحد الطلاب الذين شاركوا في المظاهرات لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا نقاش في مطالبنا وهي واضحة، أولها رحيل بن صالح، ثم إن لا أحد اختار هؤلاء الذين يتحدثون باسمنا»، أما عبدالرحمن، وهو طالب لغات أجنبية في جامعة الجزائر 2، فاعتبر أن «الشعب الذي يخرج كل يوم ثلاثاء، وكل يوم جمعة، ليس غبياً حتى يقبل أن يمثله هؤلاء».
ويقود هيئة الحوار رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق كريم يونس، الذي عمل في الولاية الأولى لبوتفليقة وزيرا أيضا، وفي ظل وجود الجامعات في عطلة الصيف، فقد اختار الطلاب الحاضرون لتعويض نقص العدد «تدعيم صفوفهم» بأفراد عائلاتهم، كما فعلت آنيا، الطالبة بالمدرسة العليا للأساتذة، التي قالت: «أقنعت والدتي بأن تخرج معي اليوم لتدعم صفوفنا. فرغم قلتنا فإننا سنواصل التظاهر رغم العطلة والحرارة».
وعاد خلال مظاهرات الثلاثاء شعار «العصيان المدني»، الذي ظهر في الجمعة الأخير، وردده الطلاب أيضا «راهو جاي راهو جاي العصيان المدني» (العصيان المدني آت) لتحذير السلطة من إمكانية التصعيد في حال رفضها مطالب الحراك.
وخلال المسيرة التي امتدت على طول 2 كلم وتحت الشمس الحارقة، اضطر الكثير من المتظاهرين للتوقف والتزود بالمياه، بينما شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية حالتي إغماء تكفل بها المسعفون.
وعلى صعيد متصل، أصدرت المحكمة العسكرية الجزائرية، أمس، طلباً دولياً لإلقاء القبض على وزير الدفاع الأسبق خالد نزار، ونجله لطفي نزار. بالإضافة إلى مسير الشركة الجزائرية للصيدلانية العامة بلحمدين فريد بتهمة التآمر والمساس بالنظام العام. حسبما جاء في نشرة للتلفزيون الجزائري الرسمي، نقلا عن بيان أصدره القضاء العسكري أمس الثلاثاء.
وجاء في حساب على «تويتر»، منسوب لوزير الدفاع الأسبق قبل أيام أن «الحراك السلمي أرغم بوتفليقة على الاستقالة. غير أن السلطة تم الاستحواذ عليها بالقوة العسكرية، والدستور تم خرقه بواسطة تدخلات غير شرعية... والجزائر حالياً رهينة شخص فظ، فرض الولاية الرابعة، وهو من ألهم الولاية الخامسة... وينبغي أن يوضع له حد، البلد في خطر».
وكتب وزير الدفاع الأسبق أيضا أنه لن يدخل الجزائر في المرحلة الجارية لأنه تلقى معلومات تفيد بنية اعتقاله حال دخوله البلاد. كما تم تداول خبر سفر خالد نزار لإسبانيا من أجل العلاج، وقد تم تداول فيديو سابق في الجزائر، للواء المتقاعد خالد نزار وهو في مطار باريس، حيث أظهر الفيديو الوزير الأسبق وهو يحاول ضرب أحد الجزائريين بعصاه، بعد أن اتّهمه بالتورط في سفك الدماء خلال العشرية السّوداء، التي مرت بها البلاد، وانتقد وزير الدفاع الجزائري الأسبق أمس إصدار المحكمة العسكرية الجزائرية طلبا دوليا للقبض عليه، قائلا: «أيام مظلمة تنتظر الجزائر».
وقال نزار، في تغريدة على حساب منسوب إليه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إنه «هاجم سياسة رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح التي أصبحت بالنسبة إليه قضية أمن وطني». مضيفا أن هذا هو «ما يمليه عليه (الحمص الذي بداخل رأسه)»، وهي عبارة فرنسية كناية عن «محدودية التفكير» و«الغباء».
وأول من أمس أودع وزيران جزائريان سابقان، شغلا منصبيهما إبان عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الحبس المؤقت، بعدما كانا ملاحقين بتهم فساد، بحسب ما أعلن التلفزيون الحكومي.
ويلاحق وزير الأشغال العامة السابق عبدالغني زعلان بصفته واليا سابقا لولاية وهران (غرب)، بينما وزير العمل السابق محمد الغازي ملاحق بصفته والياً سابقاً لولاية الشلف (شمال غرب)، وذلك على خلفية «التبديد العمدي من دون وجه حق من طرف موظف عمومي، والاستعمال غير الشرعي لصالحه، أو لصالح شخص أو كيان آخر لممتلكات عمومية، عهد بها إليه بحكم وظيفته أو بسببها، وإساءة استخدام الوظيفة، واستغلال النفوذ».
وأصدر المستشار المحقق لدى المحكمة العليا أمراً بإيداع المتهمين الحبس المؤقت بعد الاستماع إليهما، بحسب التلفزيون الحكومي، حسب تقرير بثته وكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء، ومنذ استقالة بوتفليقة في بداية أبريل الماضي، فتح القضاء الجزائري سلسلة تحقيقات في قضايا فساد، وأوقف أو أودع قيد الحبس الاحتياطي رجال أعمال نافذون ومسؤولون سابقون.
قد يهمك أيضًا
قوى الحرية والتغيير في السودان تُهدِّد باللجوء إلى العصيان المدني
لجنة الحوار والوساطة في الجزائر تُقرِّر إضافة ناشط مِن الحراك الاحتجاجي
أرسل تعليقك