الخرطوم - محمد إبراهيم
فجّرت قضية "شنق" الزاني بدلاً من "رجمه" في السودان، أزمة كبيرة في الأوساط الدينية، وذلك بموجب تعديلات في القانون الجنائي لعام 2016، التي أجازها مجلس الوزراء في الخرطوم. وشنّت جماعات دينية عريضة هجومًا عنيفًا على مشروع القانون الجنائي الجديد واعتبرته تراجعًا عن الشريعة الإسلامية التي طالما نادت بها سلطات "الإنقاذ" الحاكمة حاليًا ضمن مشروعها "الحضاري" الذي يرتكز على تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان.
وشهدت خطبة الجمعة في مختلف المساجد الخرطوم هجومًا لاذعًا على قرارات الحكومة الأخيرة بشأن عقوبة "الرجم" وتعديلها إلى "الشنق"، وشن الامين العام لمجمع الفقة الاسلامي وخطيب مسجد التوبة في منطقة "الحاج يوسف" الفيحاء شرقي الخرطوم، البروفيسور عبد الله الزبير هجوما شديدا على وزارة العدل على خلفية تعديل عقوبة الرجم للزاني المحصن الى الشنق معتبرا ان الخطوة تاتي إرضاء للغرب وبداية للتنازل عن الحكم بالشريعة الاسلامية قاطعا بان عقوبة الرجم اقرها الاسلام ونفذها رسول الله (ص) وعمل بها الخلفاء الراشدين الاربع، وقال الزبير خلال خطبة الجمعة امس ان التراجع عن رجم الزاني المحصن امر يخالف الشريعة الاسلامية لافتا الى ان الافتاء بان العقوبة لم ترد في القرأن الكريم باطل لجهة أنها أتت كسنة مؤكدة نفذها رسول الله صلي الله عليه وسلم.
واتهم الزبير من يفتون بجواز تغيير العقوبة من الرجم الى الشنق بانهم لا يفقهون في الدين ووصفهم بـ "أنصاف المُثقفين ولا يجيدون حتى قراءة القرآن" لافتا الى ان التنازل عن الرجم في القانون الجنائي واستبدال العقوبة بالشنق يتوافق مع دعاوي الغرب التي تعتبر الرجم عقوبة لا انسانية مبينا ان دولة الاسلام الاولى نفذت الرجم في عهود جميع الخلفاء الراشدين وأكد أن مجمع الفقه الاسلامي في السودان يرفض جملة وتفصيلا الغاء عقوبة الرجم، وبذات اللهجة إستنكر خطيب المسجد الكبير في الخرطوم الشيخ كمال رزق تعديل حد الزنا انصياعا للغرب وقال في خطبة الجمعة امس "نحن نتلقى تعاليم ديننا من كتاب الله وليس من اميركا" ودعا رزق الحكومة المُرتقبة التي ستأتي لتنفيذ توصيات الحوار الى تحكيم شرع الله وقال "اذا لم تكن حكومة منهج وتعيد الينا شرع الله فلا بارك الله فيها".
وشن خطيب مسجد الجريف غرب العتيق د. محمد علي الجزولي هجوما عنيفاً على التعديلات على حد الزاني المحصن وقال "ان التعديل في عقوبة الزاني المحصن من الرجم الى الاعدام ليس من الدين في شيء وهو اعتراض واضح على قوانين السماء ووصفها بالنمطية ارضاءً للغرب بحجة التعارض مع قوانين حقوق الانسان"، داعيًا السلطات إلى ترك الامر الديني لذوي الاختصاص وليس الساسة، وشدد على الإجتهاد في الدين يتطلب شروط ليست متوفره في الذين أجروا هذه التعديلات وأجازوها
ووصف الشيخ عبدالله الصالح في حديثه لـ "العرب اليوم" اليوم "السبت" قرار الحكومه بشأن تعديل عقوبة الزاني المحصن من الرجم إلى الشنق بأنه سلسله من تنازلات حكومة الخرطوم لإرضاء الغرب في ملفات حقوق الإنسان التي تُتهم بإنتهاكها، ولم يستبعد أن تكون التعديلات في سياق محاولات إقناع الحكومة للغرب بتعاونها في هذه الملفات وأشار إلى أن التعديلات أتت في وقت كان وفد السودان يجري مفاوضات مكثفة مع أمريكا ودول غربية في جنيف لإبقاء السودان في البند العاشر "الدعم الفني" لحقوق الإنسان بدلاً عن البند الثاني المُتصل بالمراقبة والوصايا الدولية، وأجاز مجلس الوزراء السوداني يوم الخميس الماضي مشروع القانون الجنائي لسنة 2016 وأقر بتعديل عقوبة الزاني المحصن إلى الشنق بدلاً عن الرجم.
أرسل تعليقك