شهدت بلدة الباغوز في شرق سورية، هتاف النساء بعبارات "الله أكبر" و"باقية وتتمدد"، يحملن أحذيتهنّ أمام كاميرات الصحافيين ويوجهن الشتائم لهم، ويتوعدن بـ"الانتقام" وبـ"فتح جديد"، وذلك بعد ساعات من خروجهن من الجيب الأخير لتنظيم داعش.
ويبدو واضحًا أن أكثر المتشددين هم آخر مغادري البلدة المحاصرة من قوات سورية الديمقراطية, يبدو الخارجون منهكين وجائعين ومتألمين من الهزيمة التي لحقت بتنظيم وعدهم بـ"خلافة" مترامية الأطراف. رغم ذلك، لا يقر كثيرون منهم بانتهاء "الدولة الإسلامية".
وبدأت عشر نساء بالصراخ، فور رؤيتهنّ صحافيين تجمعوا في المكان، وحمل بعضهن أحذيتهنّ أمام كاميرات الصحافيين، فيما ألقت أخريات الحجارة على الكاميرات. وصرخن "الله أكبر"، و"باقية وتتمدّد".
وكنّ في طريقهن إلى الحافلات لنقلهنّ إلى مخيم الهول في الحسكة في شمال شرق البلاد , فقد أبطأت قوات سورية الديموقراطية هجومها مجددًا خلال الأيام الماضية بسبب خروج دفعات جديدة من الرجال والنساء والأطفال من الباغوز.
أقرأ أيضا :
مسؤول أمني تونسي يعلن عن عودة حوالي ألف متطرف ينتمون لـ"داعش" الى البلاد
وقالت إحداهنّ "سننتقم وسيصل الدم إلى الركب"، مضيفة "خرجنا، لكن هناك فتوحات جديدة مقبلة" , واعترضت النساء على قضائهنّ ليلة في العراء وفي البرد بعد خروجهن من الباغوز ومصادرة قوات سورية الديموقراطية هواتفهنّ النقالة وكل الأجهزة الإلكترونية التي حملنها.
وجلست أخريات على الأرض ينتظرن تحرك الحافلات , بينهنّ أم محمد (47 عامًا)، العراقية من الأنبار، التي قالت "ننتظر الفتح بإذن الله، خرج الأنذال والخائفون وخرجنا نحن لأننا نشكل ثقلًا على الرجال" , تتردد في الإجابة عن مكان زوجها المنضوي في صفوف التنظيم، وتكتفي بالقول "الحمد لله، حيًا كان أو ميتًا".
وانهمكت امرأة بالصلاة وأخرى بقراءة القرآن ، فيما كان طفل يردّد بصوت خافت أغنية لتنظيم الدولة الإسلامية أثناء سيره إلى جانب والدته , وكرّرت امرأة عراقية رفضت التعريف عن نفسها، "باقية بإذن الله تعالى برغم أنوفهم"، بينما قالت أخرى "لا تنتهي دولة الخلافة، لأنها انطبعت في دماغ وقلب الرضيع والصغير".
لم يكن في الإمكان تبين وجوههن تحت النقاب الأسود الطويل الذي تظهر منه العينان فقط. وبغضب، توجهت إحداهنّ الى صحافية بالقول "لعن الله من تشبهت بالرجال"، في إشارة إلى لباسها، بينما أمسكت أخرى خصلة من شعر الصحافية، وقالت لها "ألم تقرأي القرآن، ألا تختشين؟"
ولا تسمح قوات سورية الديموقراطية للصحافيين بالاقتراب كثيرًا من الرجال الذين يتمّ فصلهم عن النساء للتوسع في التحقيق معهم والتأكد مما إذا كانوا مقاتلين في صفوف التنظيم المتطرف، أم لا.
وقال أبو مريم (28 عامًا) المتحدر من طرطوس في غرب سورية، "ما دفع الناس إلى الخروج هو التعب , كل من في الداخل يريدون، الخروج لكنّهم خائفون" , وأشار إلى أنه فقد زوجته وطفليه وسياراته وأمواله، وكل ما يريده الآن "الذهاب بعيدًا عن هنا"، "لأريح رأسي".
وارتدى أبو مريم عباءة صوفية فوق ثيابه، وكان يتحدث بصوت خافت , وقال عبد المنعم ناجية إنه تأخر بالخروج لأنه كان يخشى الأسر، بخاصة أن أولاد عمّه، وفق قوله، مقاتلون في صفوف التنظيم , روى أنه خلال الأيام الماضية "سرت شائعة مفادها أن جميع الرجال سيخرجون إلى إدلب (شمال غرب سورية الذي لا يزال خارجًا عن سيطرة قوات النظام السوري) من دون أن يتعرض لهم أحد، لكنها لم تكن صحيحة، وما حدث هو أن الكلّ خرج إلى الأسر".
وأوضحت ناجية أنه في الثلاثين من عمره، لكن بدا أكبر بكثير، وقد طغى الشيب على شعره وذقنه , ووجّه أصابع الاتهام في ما آلت إليه الأمور للفساد الذي حل في التنظيم، وحمّل زعيمه أبو بكر البغدادي المسؤولية.
وقد يهمك أيضاً :
مقتل اثنين من القوات العراقية في هجوم لتنظيم داعش في الأنبار
مقتل مسؤول كبير في "داعش" وستة من مرافقيه في كركوك
أرسل تعليقك