كوبا - سامي لطفي
توفي الزعيم فيدل كاسترو، الذي أقام دولة شيوعية على أعتاب الولايات المتحدة وتحدى على مدى 50 عامًا محاولات إسقاطه، الجمعة عن 90 عامًا، وفق التلفزيون الكوبي الرسمي. وظل كاسترو في حالة صحية سيئة، منذ أن أصيب بمرض معوي كاد يودي بحياته عام 2006، وتنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر، راؤول كاسترو، رسميًا بعد ذلك بعامين.
وكان راؤول قد أعلن عن وفاة شقيقه، مساء الجمعة عندما ظهر في التلفزيون في زي عسكري، قائلًا: "في الساعة 10.29 مساء توفي قائد الثورة الكوبية فيدل كاسترو.. دائمًا إلى الأمام حتى النصر". وستحرق جثة كاسترو تماشيًا مع رغبته.
وانتزع كاسترو السلطة في ثورة 1959، وحكم كوبا 49 عامًا بمزيج من الكاريزما والقبضة الحديدية، فأقام دولة الحزب الواحد، وأصبح شخصية رئيسية في الحرب الباردة. وأطاح كاسترو بالرأسمالية، وحظي بالشعبية بعد أن جعل المدارس والمستشفيات في متناول الفقراء، لكن كان هناك الكثيرون من الأعداء والمنتقدين لكاسترو، ومعظمهم من الكوبيين المنفيين في ميامي والفارين من حكمه إذ كانوا يرونه طاغية شرسًا. ولم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفيتية هي من أنهى حكم كاسترو، بل المرض الذي أجبره على التنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول كاسترو مؤقتا في 2006 ثم نهائيا في 2008.
وعاصر كاسترو زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لكوبا هذا العام. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس للولايات المتحدة إلى كوبا منذ 1928. وفي سنواته الأخيرة لم يعد كاسترو يتولى أي منصب زعامة. وكان يكتب مقالات رأي في الصحف تتناول الشؤون الدولية، ويلتقي بالزعماء الأجانب من حين لآخر، لكنه كان يعيش في شبه عزلة. ومن غير المرجح على ما يبدو أن تسبب وفاة كاسترو مشكلة، لأن راؤول (85 عامًا) ثبت قدميه في السلطة.
وظل فيدل كاسترو شوكة في حلق الولايات المتحدة، حتى صورته واشنطن وحلفاؤها "شيطانًا"، لكنه ظل صاحب مكانة فريدة في قلوب عشاق الاشتراكية في أميركا اللاتينية وأفريقيا، حتى وفاته مساء الجمعة عن عمر 90 عامًا. فمنذ انتزع "الثوار" بقيادته السلطة عام 1959 من الديكتاتور باتيستا، حكم فيدل كوبا بقبضة قوية تغطيها كاريزما طاغية، فأقام دولة الحزب الواحد وأصبح أكثر من مجرد رئيس للبلاد. ومنذ أن أطاح بالنظام الرأسمالي في كوبا، تمكن كاسترو من كسب قلوب الفقراء بعد أن جعل التعليم والعلاج في متناولهم، مما مهد له الطريق لشعبية غير مسبوقة امتدت إلى دول أخرى. كما اشتهر بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد، والخطابة النارية التي توجه سهامها في الغالب إلى الولايات المتحدة، التي لا تبعد عن شواطئ كوبا سوى 90 ميلا.
ولم يرق نهج كاسترو السياسي للولايات المتحدة منذ بداية حكمه، التي لم توفر جهدا لإسقاطه، لكنها فشلت في ذلك. وفي عام 1961 تصدى نظام كاسترو لغزو دعمته الاستخبارات الأميركية في خليج الخنازير، كما نجا من عدد كبير جدا من محاولات الاغتيال. لكن في المقابل، كان هناك الكثيرون من الأعداء والمنتقدين لكاسترو، معظمهم من الكوبيين المنفيين في ميامي الأميركية المواجهة لكوبا، والفارين من حكمه، إذ كانوا يرونه "طاغية ظالما".
وساعد تحالف كاسترو مع الاتحاد السوفيتي السابق في إثارة أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وهي مواجهة مع الولايات المتحدة استمرت 13 يوما وجعلت العالم أقرب ما يكون لنشوب حرب نووية. واشتهر الزعيم الكوبي السابق بارتداء الزي العسكري وتدخين السيجار لسنوات طويلة من وجوده في السلطة.
وفي نهاية المطاف لم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفيتية وراء نهاية حكم كاسترو، بل المرض الذي أجبره على التنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول مؤقتا في 2006 ثم نهائيا بعد ذلك. ورغم تمجيد راؤول الدائم لشقيقه الأكبر، فإنه بدّل شكل كوبا منذ تولي السلطة وأجرى إصلاحات اقتصادية على غرار نظام السوق، واتفق مع الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2014 على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية وإنهاء عقود العداوة. وبعد ذلك بستة أسابيع أبدى فيدل كاسترو تأييدًا فاترًا للاتفاق، مما أثار تساؤلات بشأن موافقته على إنهاء العداوة مع واشنطن برعاية راؤول (85 عاما).
أرسل تعليقك