دمّر طيران القوة الجوية، اليوم الإثنين، مستودعاً للأسلحة ومعملين للتلغيم تابعين إلى تنظيم "داعش" في محافظة الأنبار، في حين أفاد متخصصون في شؤون الجماعات المتشددة يوم الإثنين أن الكلمة والتوجيهات التي بثتها مواقع تنظيم "داعش" لما يسمى بالمتحدث باسمها المدعو (أبي الحسن المهاجر) فيها إشارات واضحة "لضعف وانكسار التنظيم وهزيمته" في الموصل.
وذكر بيان لوزارة الدفاع تلقى "العرب اليوم" نسخة منه "بناءً على المعلومات الواردة من المديرية العامة للاستخبارات والأمن، تمكن أبطال قيادة القوة الجوية من تنفيذ ضربتين جويتين، دمروا خلالها مستودعا لخزن الأسلحة والمتفجرات ومعملا للتلغيم وتدريع العجلات في صحراء عكاشات غرب الأنبار، فيما تمكنوا أيضاً من تدمير معمل لتلغيم العجلات في قرية العكرة التابعة لقضاء حديثة".
وذكر محللون أن "إشادة المدعو المهاجر بالقائمين على "الطبابة والإعلام" التابع للتنظيم يدل ذلك على كثرة المصابين والقتلى لديهم جراء القصف الذي يتعرضون له من قبل طيران القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي". وتابع المتخصصون "أما مجال الإعلام والذي أصبح واضحًا للعيان أنه يقوم بتسويق وتزييف مشاهد كان قد صورها التنظيم في وقت سابق قبل انطلاق عمليات "قادمون يانينوى" ليصورها على أنها انجازات حققها في الوقت الحاضر وهو يحاول بذلك الإعلام المضلل أن يغطي على حجم الخسائر التي يتكبدها يومياً ".
وبعد مرور 66 يوماً على معركة الموصل المتواصلة على سبعة محاور، لا يبرز أي أمل بحسم قريب، إذ ما زال مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يسيطرون على ساحلي المدينة الشرقي والجنوبي إلا من بعض الأحياء التي نجحت القوات العراقية المشتركة في استعادتها وإحكام قبضتها عليها، وتبلغ نحو 20 حياً من أصل 86 حياً سكنياً هي مجموع أحياء المدينة، في الوقت الذي تراوح تلك القوات مكانها في 17 حياً آخر، حيث تدور معارك منذ قرابة ثلاثة أسابيع.
وعلى الرغم من المظلة الجوية لسلاحي الجو الأميركي والفرنسي وباقي دول التحالف الدولي التي تغطي القوات العراقية المشتركة البالغة 71 ألف جندي وعنصر نظامي وشبه نظامي ومليشيات مسلحة وفصائل متطوعين، إلا أن مصادر رفيعة المستوى في بغداد قالت "إن الحكومة العراقية تتجه لطلب المزيد من الدعم العسكري الدولي للمعركة بسبب تعثرها.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد وعد في كلمه له عشية انطلاق معركة الموصل بتحرير المدينة قبل عيد الميلاد، إلا أن هذا الوعد سرعان ما بدا غير قابل للتحقيق مع صعوبة الأوضاع في المدينة. وعزت قيادات عراقية، في تصريح لـ"العرب اليوم " سبب التأخر في حسم المعركة إلى عوامل عدة، أبرزها خطأ التقديرات التي تحدثت عن عدد وقوة عناصر "داعش" في المدينة، وصعوبة القتال في مناطق المدنيين، مع وجود نحو مليون مدني في المدينة وفق تقديرات جديدة، يمنعهم التنظيم من المغادرة، فضلاً عن الطقس الجوي السيئ مع تواصل هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر وعدم قدرة الجنود على التكيف مع تلك الأجواء الصعبة في الشمال العراقي.
وأوضح مسؤول عراقي في حكومة العبادي أن المعارك مرتبكة بسبب انتحاريي "داعش" والطقس والسكان المكدسين داخل المنازل، مضيفاً أن "الوضع يحتاج لمزيد من استنزاف قوات "داعش" قبل التوغل أكثر"، معلناً أن "الحكومة بصدد طلب مزيد من الدعم الأميركي في المعركة بغية تحقيق النصر فيها". ولفت إلى أن "داعش نجح بتحويل المدينة إلى ثقب أسود لقواتنا من خلال الانسحاب من أحياء ثم معاودة مهاجمتها ليلاً"، مقدّراً خسائر التنظيم "بأكثر من 3 آلاف قتيل منذ بدء المعارك، وخسائر القوات المشتركة بنحو 10 آلاف قتيل وجريح".
وحول الضحايا من المدنيين قال: "من المؤكد أن هناك ما لا يقل عن أربعة آلاف مدني قُتلوا وأصيبوا منذ بدء المعارك بسبب القصف أو الاشتباكات أو هجمات "داعش" الانتحارية والصاروخية". وحتى الآن تفرض القوات العراقية سيطرتها على الأحياء الشرقية لمدينة الموصل، وأبرزها كوكجلي، وحي السماح، وحي الشيشان، وحي 30 تموز، وحي التحرير، وحي الأمن، ومنطقة بعويزة، والسلام، والقدس، والشقق، وعدن، والبكر، والقادسية الثانية، والمحاربين، والزهور، وحي البريد. إلا أن تلك الأحياء ما تزال تتعرض لقصف شبه يومي من قِبل تنظيم "داعش" بواسطة قذائف الهاون عادة ما يسفر عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الذين يختبئون داخل منازلهم ولا قدرة لهم على مغادرتها منذ نحو ثلاثة أسابيع.
ومنذ ساعات الصباح الأولى ليوم أمس الأحد، كثّفت الطائرات الأميركية قصفها لمدينة الموصل ولمختلف الأحياء السكنية الخاضعة لـ"داعش" فضلاً عن محيطها، في الوقت الذي قصفت فيه مدفعية الجيش مناطق عدة في المحور الشمالي من المدينة، وشوهدت أعمدة الدخان ترتفع من عشرات المنازل والمباني الحكومية في الأحياء الشمالية والشرقية.
وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان قيادة القوات العراقية المشتركة عن تفعيلها لجبهة شمال الموصل في محاولة منها لاستعادة السيطرة على الأحياء الشمالية للمدينة، مع مواصلة قوات الجيش العراقي هجومها من محور جنوب شرق الموصل مصحوبة بعمليات قصف مدفعي مكثف طاولت أحياء الوحدة والمزارع.
كما شهدت جبهات القتال حول مدينة الموصل وصول المزيد من التعزيزات العسكرية الآتية من مختلف محافظات العراق الجنوبية والوسطى، من أجل تعزيز مواقع قوات جهاز مكافحة الإرهاب الذي يخوض معارك طاحنة في مناطق شرق الموصل منذ أكثر من خمسين يوماً، تكبّد خلالها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وذلك بحسب ضابط رفيع في قوات التحالف الدولي.
إلا أن مصادر عسكرية خاصة ابلغت "العرب اليوم" أن تناقص أعداد عناصر قوات جهاز مكافحة الإرهاب والخشية من استنزاف قوتها نتيجة خوضها معارك مستمرة منذ أكثر من خمسين يوماً وتعرضها لخسائر كبيرة في العدة والعدد، دفع القيادات العسكرية العراقية إلى إرسال التعزيزات العسكرية لدعم قوات جهاز مكافحة الإرهاب في مناطق شرق الموصل.
في غضون ذلك، تحاول قوات جهاز مكافحة الإرهاب التقليل من خسائرها من خلال الاعتماد على الغارات الجوية للتحالف الدولي قبل التقدّم إلى أي منطقة جديدة داخل الموصل. وقال العقيد في قوات مكافحة الإرهاب منتظر الساعدي، أن "القوات العراقية بدأت بأسلوب قتالي جديد لحرمان "داعش" من عامل المناورة والهجوم من خلال الاستعانة بطيران التحالف"، مضيفاً أن "قوات مكافحة الإرهاب تتعرض وبشكل مستمر لهجمات مباغتة في أحياء تمت السيطرة عليها منذ أسبوعين، ونعتقد أن هناك عشرات المقاتلين من تنظيم "داعش" يختبئون في المنازل والمباني المهجورة في مناطق شرق الموصل ويخرجون ليلاً لمهاجمة القوات الأمنية".
وفي الشأن ذاته وصل وزراء خارجية دول "البينولكس" مساء الاحد إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان قادمين من العاصمة الاتحادية بغداد. ووصل بغداد في وقت سابق من اليوم وزراء خارجية هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، لبحث ملف الحرب على تنظيم "داعش"، والمساعدات الأوروبية للعراق. وكان الوزراء قد أكدوا خلال لقائهم رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي دعم بلدانهم للعراق في الحرب التي يخوضها ضد تنظيم "داعش"، ابدت استعدادها للمساعدة في إعادة اعمار المناطق المحررة من سيطرة التنظيم المتشدد، وبالخبرات لتوفير فرص العمل للعاطلين في البلاد.
وذكرت وسائل اعلام كردية أن أولئك الوزراء وصلوا إلى مطار أربيل الدولي قادمين من بغداد، وكان في استقبالهم رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني. وفي محافظة الانبار أفاد مصدر امني في الأنبار، الإثنين، بأن تسعة عناصر من "داعش" قتلوا بقصف جوي غربي المحافظة. وقال المصدر في حديث إلى "العرب اليوم"، إن "طيران القوة الجوية تمكن من قصف إحدى المضافات التابعة لتنظيم "داعش" في قرية الريحانة التابعة لمدينة عنه، (190 كم غرب الرمادي)". وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "القصف أسفر عن مقتل تسع متطرفين من "داعش" داخل تلك المضافة". ويذكر أن طيران التحالف الدولي والقوة الجوية يواصلان قصف أهداف ثابتة ومتحركة لـ"داعش" في مدينة عنه تمهيدا لتحريرها من تلك التنظيمات .
أرسل تعليقك