إشكاليات “عميقة” تواجه دعوات التفاهم وإنهاء الخلاف بين مصر وتركيا
آخر تحديث GMT05:37:38
 العرب اليوم -

القاهرة لا ترى “مصداقية” في خطاب أنقرة الساعي لـ”تهيئة العلاقات”

إشكاليات “عميقة” تواجه دعوات التفاهم وإنهاء الخلاف بين مصر وتركيا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - إشكاليات “عميقة” تواجه دعوات التفاهم وإنهاء الخلاف بين مصر وتركيا

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
القاهرة - العرب اليوم

لا تعرف العلاقات السياسية بين الدول ثابتًا، كما أن تحولاتها لا يمكن أن تنشأ من فراغ، بل إن الوقائع التي قد تستحق وصفها بـ”المفاجئة” لا تظهر دون مقدمات يفلح البعض في فهمها؛ وهكذا فإنه يصعب القول إن العلاقة ما بين مصر وتركيا بصدد الانتقال الآن من مرحلة الخلاف إلى التفاهم، رغم “الإشارات المبطنة بدعوات من أنقرة إلى توافق ما.

والواقع أن حصر الخلاف بين القاهرة وأنقرة، باعتبارهما طرفي خصومة أو حتى تنافس، يظل قاصرًا عن رؤية خريطة النفوذ والتحالف في المنطقة، وهذه أولى الإشكاليات أمام دعوات التفاهم. فمصر المنخرطة في “التحالف الرباعي العربي لمكافحة الإرهاب”، الذي يضمها مع “السعودية، والإمارات، والبحرين” في نسق سياسي مغاير لتوجهات تركيا في المنطقة، لن تتحرك وفق المعطيات الراهنة باتجاه “تفاهم”، أو “تنسيق” مع أنقرة بشكل فردي، إذ لا تزال صلابة تلك الآلية ظاهرة وقائمة في مواجهة مناوئيها، بل إنها ازدادت ربما تماسكًا على مستوى أهدافها، بعد تعثر “محادثات المصالحة مع قطر” في فبراير (شباط) الماضي.

النظرة الأولى لتموضع القاهرة وأنقرة على خريطة التحالفات الإقليمية تستبعد إذن، بدرجة ما، “التقارب الفردي”، خصوصًا إذا ما وضعنا في الاعتبار ما عبر عنه مصدر مصري مسؤول، أكد أول من أمس، أن تركيا “دائمة الدعوة لفتح قنوات اتصال مع مصر حتى على المستوى السري، لكن مصر في هذا الملف، بالإضافة إلى الملف القطري، تعمل في إطار التعاون والتنسيق مع السعودية والإمارات والبحرين، ولا تتحرك بشكل فردي إطلاقًا”.

أما ثاني الإشكاليات أمام مُضي الدعوات التركية للتفاهم باتجاه التنفيذ، فهي “آيديولوجية” حسبا يمكن رصده في الخطاب السياسي التركي، المشغول قولًا وفعلًا بتعضيد جماعات “الإسلام السياسي”، وأبرزها “الإخوان” المسلمون. ويستطيع الفاحص لإفادات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ومستشار رئيس حزب “العدالة والتنمية”، ياسين أقطاي، التي تبدو في جانب منها متضمنة لـ”دعوات التفاهم”، ومحملة بتعبيرات “التقدير للجيش المصري”؛ التوصل إلى أنها لا تتجاوز أحداث “ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013”، التي أطاحت بحكم الإخوان المدعوم تركيًا، بعد مظاهرات شعبية حاشدة ضده، والتي يتمسك المسؤولون الأتراك بالتعاطي معها بوصفها “انقلابًا”.

ومثلت تلك التعبيرات المنحازة لجماعة، باتت السلطات المصرية تصنفها بـ”الإرهابية”، عقبة أشارت إليها القاهرة عبر وزارة الخارجية المصرية، التي قالت في بيان أمس، إن حديث وزير الخارجية التركي “الذي تضمن - من بين إشارات مختلفة - تناولًا سلبيًا حول ما شهدته مصر من تطورات سياسية، تتصل بـ(ثورة 30 يونيو)، يؤكد استمرار التشبث بادعاءات منافية تمامًا للواقع، بهدف خدمة توجهات آيديولوجية”.

وزاد المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، موضحًا أن بلاده تعبر عن “الرفض الكامل لهذا النهج”، منوهًا إلى أن “الاستمرار في الحديث عن مصر بهذه النبرة السلبية، وفي الوقت نفسه بهذا القدر من التناقض، يكرس افتقار المصداقية إزاء أي ادعاء بالسعي لتهيئة المناخ المناسب لعلاقات قائمة على الاحترام، والالتزام بقواعد الشرعية الدولية”.

وبشكل قانوني وسياسي تأتي الإشكالية الثالثة، إذ إنه من غير المتصور أن تتفاعل القاهرة مع دعوات أنقرة، بينما تستضيف مطلوبين في جرائم ذات طابع “إرهابي” دون حسم لتلك القضية. فمن جهة لا تتوقف وسائل الإعلام المصرية، وكذلك حيثيات أحكام قضائية عدة، عن تحميل تركيا نصيبها من المسؤولية في الدعم، بالإيواء والمال، لأنشطة وأشخاص ووسائل إعلام يسلطون أنشطتهم على مجابهة نظام الحكم المصري، ولن يكون من السهل بطبيعة الحال على تركيا التخلي عن تلك الأدوات “المهمة” في تحركاتها ضمن ملفات أخرى ضد القاهرة، وعواصم عربية أخرى لا تتوافق مع أنقرة.

وإذا كان هواء الفضائيات مُحمّلًا بإشكاليات تستبعد التوافق السريع بين مصر وتركيا، فإن سطح البحر ليس أفضل حالًا، وعلى صفحته تطفو الإشكالية الرابعة. فقد دخلت القاهرة وأنقرة في مساجلات قانونية عدة بشأن التنقيب في المتوسط، كما ازدادت الأمور سخونة مطلع الشهر الماضي بسبب “تداخل” إحدى المناطق الاقتصادية الخالصة، التابعة لمصر، مع خطط تركية لخطط المسح (قبل التنقيب) في مياه المتوسط، وأبدت الخارجية المصرية حينها اعتراضها على “الإنذار الملاحي الصادر من تركيا بقيام إحدى سفنها لأعمال المسح”، مؤكدة أن هناك “تداخلًا بالنقطة رقم (8) الواردة بالإنذار الملاحي (التركي) مع المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية”.

أما خامس إشكالية فمسرحها ليبيا، الجارة الغربية الملاصقة لمصر، لكن حكومتها المعترف بها دوليًا (الوفاق الوطني) هي التي وفرت غطاءً - بغض النظر عن مدى شرعيته الدولية - يسمح بوجود تركيا في الأفق، بحرًا وبرًا.

ولعل أكبر تعبير عن تصارع الإرادات بين مصر وتركيا ما ظهر في تحديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للشريط، الممتد بين مدينتي سرت والجفرة في ليبيا، باعتباره “خطًا أحمر” لبلاده، ولن يُسمح بتجاوزه من قبل “الميليشيات والقوات الأجنبية الداعمة لها”. في إشارة لحكومتي طرابلس وأنقرة، وهو الخط الواقع تحت سيطرة “الجيش الوطني”. لكن وفي المقابل يؤكد المسؤولون الأتراك أنهم متمسكون بوقف إطلاق النار بعد تراجع قوات “الجيش الوطني” المدعوم من مصر عن تلك المنطقة.

وبغض النظر عما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تطورات، لن تكون “مفاجئة” على الأرجح؛ فإنه من غير المتوقع أن تفضي الدعوات التركية إلى نتائج ملموسة، ما لم نشهد قبلها تغييرات لافتة لحلحلة تلك الإشكاليات بين البلدين.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

إصابات كورونا في تركيا تتخطى 300 ألف حالة

أردوغان يصرح نعتزم منح الدبلوماسية مجالا لحل المشاكل عبر الحوار ليكون الكل رابحا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكاليات “عميقة” تواجه دعوات التفاهم وإنهاء الخلاف بين مصر وتركيا إشكاليات “عميقة” تواجه دعوات التفاهم وإنهاء الخلاف بين مصر وتركيا



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة
 العرب اليوم - كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab