علّق العاملون في قطاع الكهرباء الإضراب الثاني لهم، الذي استمر طوال اليومين الماضيين، وتأثرت به قطاعات واسعة من البلاد، بما فيها القصر الرئاسي والوزارات المحيطة، وقيادة الجيش وسط الخرطوم، في حين اتسعت رقعة الإضرابات الموازية لتشمل التجار الذين أغلقوا متاجرهم في عدد من المدن، بعد أن سبقهم عمال السكك الحديدية في عطبرة، والعاملون في وزارة الزراعة الاتحادية، وأطباء الامتياز ومعتمدية اللاجئين، على أن تدخل فئات أخرى ضمن حالة الإضراب العامة التي شلت البلاد.
وأعلنت «لجنة الهيكل الراتبي» للعاملين في قطاع الكهرباء، تعليق الإضراب حتى إشعار آخر «بهدف فك الضيق عن المواطن»، كما قالت في بيان صدر أمس (الثلاثاء)، بعد أن أدى إلى قطع التيار الكهربائي وخدمة المياه عن معظم أحياء العاصمة لأكثر من 24 ساعة. وشهدت مدينة الخرطوم البحري ظلاماً تاماً صاحبه انقطاع خدمة مياه الشرب؛ ما دفع سكان المنطقة إلى إغلاق مدخل جسر «القوات المسلحة السودانية» الذي يربط الخرطوم والخرطوم بحري، بإطارات السيارات المحترقة والمتاريس.
وكانت «لجنة الهيكل الراتبي» للعاملين بالكهرباء، وهي لجنة تتولى قيادة الإضراب، ذكرت في بيان الأحد الماضي، أن العاملين في القطاع عاودوا الإضراب مجدداً؛ ما أدى إلى خفض الحمولات بنسبة 40 في المائة، وذلك بعد امتناع وزارة الطاقة والنفط عن تنفيذ الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة فيما يتعلق بزيادة أجور العاملين في القطاع.
وكان العاملون في قطاع الكهرباء دخلوا في إضراب شامل استمر ثمانية أيام، ثم قاموا برفعه في13 سبتمبر (أيلول) الحالي، بعد اتفاق مع وزارة الطاقة والنفط على زيادة رواتبهم وأجورهم، بيد أن مجلس الوزراء أجاز زيادة الرواتب، على أن ينفذ ذلك على ثلاث مراحل: زيادة بنسبة 50 في المائة ابتداء أول يونيو (حزيران) الماضي. وترتفع النسبة إلى 25 في المائة ابتداءً من أول أبريل (نيسان) العام المقبل، و25 في المائة تؤجل إلى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونص الاتفاق على زيادة الرواتب بحد أدنى هو 500 ألف جنيه أي نحو ألف دولار أميركي.
وأوضحت اللجنة، أنها ستواصل «الوقوف مع العاملين من أجل الحقوق، دون التفات إلى الإشاعات وأغراض المغرضين»، مؤكدة أن المطالب «حقوقية واضحة» لا لبس فيها. وأضافت «إضرابنا هدفه الأساسي معلن ومعروف»، وإنها قررت تعليقه «لتخفيف العنت الذي أصاب المواطنين»، وقالت «صدق قضيتنا وعدالتها ليس من بينها تحميل المواطن المسؤولية، فأساس وظيفتنا ودورنا هو للمواطن ومن أجله، بالإضافة إلى سلامة العاملين واستقرار الشبكة».
وأعلنت اللجنة «التوصل إلى حل مرضي» مع المسؤولين، بيد أنها عادت لتؤكد «نحن نحمل بيد مكتسباتنا وحقوقنا، وبيد أخرى نحمل سلاح دفاعنا عنها وعن القطاع.. نعلن تعليق الإضراب حتى إشعار آخر فكاً لضيق المواطن، وسنفيدكم بالجديد، وإن عدتم عدنا». وكانت اللجنة قد طلبت، من العاملين في التوليد المائي والحراري، خفض الحمولة بنسبة 40 في المائة، والتوقف عن الصيانة الطارئة والمبرمجة، وتشغيل المعدات، باستثناء الحالات الطارئة، وتمت الاستجابة للطلب من قبل العاملين بشكل كامل واستمر ذلك حتى أمس (الثلاثاء).
وتأثر للمرة الأولى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم، ومجلس الوزراء والوزارات التابعة له بما في ذلك قيادة الجيش، وعدد كبير من أحياء العاصمة بمدنها الثلاث، وقال مراجعون، إن معاملاتهم تعطلت في تلك المؤسسات نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي.
إلا أن تعليق إضراب الكهرباء لم ينسحب على قطاعات أخرى، بل العكس، بحيث إن الإضرابات العامة، اتسعت لتشمل التجار والمتاجر والمصانع في عدد من مدن البلاد. وأغلق التجار في حاضرة ولاية النيل الأزرق الدمازين، أبواب متاجرهم، احتجاجاً على فرض ضريبة «أرباح أعمال» باهظة. وقالت «لجان المقاومة في الدمازين»، إن إضراب التجار مستمر منذ يومين «رفضاً للضرائب المفروضة على التجار، وامتداداً لمناهضة السياسات الاقتصادية لسلطة الانقلاب».
وفي شمال كردفان، أعلن اتحاد أصحاب العمل الدخول في إضراب مفتوح أيضاً، احتجاجاً على الضرائب الباهظة التي فرضت أخيراً على التجار. وشهدت أسواق الولاية إغلاقاً شاملاً للمتاجر والمصانع، ينتظر أن يستمر لمدة يومين. وقال التاجر محمد التلب: «إن الإضراب نفذ بنسبة مائة في المائة في مدينة الأبيض على الأقل»، وإن تقديرات الضرائب التي فرضت على المتاجر باهظة وتتراوح بين 800 ألف و8 ملايين بعد أن كانت تتراوح بين 40 ألفاً، ومليون جنيه بحسب حجم النشاط التجاري. وتابع «حاولوا خداعنا بدفع القيمة القديمة، والاحتجاج على التقديرات الجديدة، لكن التجار لا يثقون في السلطات».
وينتظر التجار في الأبيض اجتماعاً مع سلطات الضرائب، وحال عدم الاتفاق، سيدخلون في إضراب تصاعدي يبدأ بثلاثة أيام الأسبوع المقبل، ليصل إلى الإغلاق الكامل. وقال التلب «زيادة الضرائب وضعف عمليات البيع والشراء بسبب الركود الاقتصادي، قد يؤديان إلى خروج العديد من التجار من الأسواق»، وتابع «سنضطر إلى وضع الضرائب الجديدة على السلع، وهذا سيزيد من الركود في الأسواق».
ويتوقع أن يعود تجار مدينة القضارف، وهي حاضرة ولاية القضارف في شرق البلاد، إلى إغلاق متاجرهم مرة أخرى، بعد أن نفذوا إضراباً شاملاً يومي الأربعاء والخميس الماضيين. وقال الأمين العام للغرفة التجارية أسعد الضو لـ«الشرق الأوسط»، إن «التجار ينتظرون اجتماعاً مع سلطات الأمن بالولاية ليحددوا بعده ما إن كانوا سيعودون إلى الإضراب مجدداً، أم تتراجع السلطات عن قرار زيادة ضريبة أرباح الأعمال». وأضاف «رفعت الضريبة بنسبة ألف في المائة من دون مبررات كافية، وسط حالة الركود التي تشهدها أسواق الولاية»، واستطرد «قد نعود للإضراب مجدداً، أو قد نذهب للمحاكم، لن نقبل تقديرات جديدة».
وفي مدينة عطبرة، حيث أكبر محطات السكك الحديدية في البلاد، أعلن العمال إضراباً مفتوحاً حتى الاستجابة لمطالبهم بتحسين أوضاعهم وزيادة أجورهم، في حين لا يزال عمال وزارة الزراعة والغابات الاتحادية في حالة إضراب شامل يستمر حتى الاستجابة لمطالبهم المتعلقة بالأجور أيضاً، كما يدخل إضراب أطباء الامتياز أسبوعه الثاني احتجاجاً على تدني الأجور، ودخل العاملون في «معتمدية اللاجئين» التابعة لوزارة الداخلية، في إضراب شامل في كل من الخرطوم وكوستى وغرب وجنوب كردفان، ينتظر أن يستمر حتى نهاية هذا الأسبوع.
وكانت مدينتا سنار – جنوب شرقي – وتمبول - وسط قد دخلت يوم 13 سبتمبر الحالي، في إضراب استمر أياماً احتجاجاً على الضرائب الباهظة وسوء الخدمات المقدمة للمواطنين، وأغلقت خلاله المتاجر والمحال أبوابها بشكل كلي، علماً بأنه وقبل نحو أسبوع، رفع «عمال النظافة» في ولاية الخرطوم إضراباً عن العمل إثر استجابة سلطات الولاية لمطالبهم.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك