أظهرت النتائج الرسمية النهائية للانتخابات التشريعية في العراق فوز تحالف "سائرون" المدعوم من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، بالمرتبة الأولى، حاصدًا 54 مقعدًا من أصل 329 في البرلمان، في وقت دعا فيه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، السبت، الى مراجعة شاملة للعلاقة بين أربيل وبغداد، لتحقيق مسار مفيد للطرفين.
وجاء تحالف "الفتح" الذي يتزعمه هادي العامري، ويضمّ فصائل الحشد الشعبي، ثانيًا بـ47 مقعدًا، أما اتئلاف "النص"ر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي فقد حلّ ثالثا بـ42 مقعدا، وبذلك يتقدم تحالف "سائرون" الذي يجمع الصدر والحزب الشيوعي وبعض أحزاب التكنوقراط على أساس مكافحة الفساد، بفارق كبير على ائتلاف العبادي الذي تراجعت حظوظه بالبقاء في منصبه ولكن من دون أن تنعدم، إذ إن التحالفات المقبلة هي التي ستحدد شكل الحكومة الجديدة وهوية رئيسها.
وحصل ائتلاف "دولة القانون" على 26 مقعدا، والحزب "الديموقراطي الكردستاني" بزعامة الرئيس السابق لإقليم كردستان مسعود برزاني على 25 مقعدا، وائتلاف "الوطنية" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس الجمهورية الحالي إياد علاوي على 21 مقعدا، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم حصل على 19 مقعدا، أما حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي كان يتزعمه الرئيس العرقي الراحل جلال الطالباني، حصل على 18 مقعدا، فيما نال تحالف "القرار العراقي" بزعامة السياسي السني البارز أسامة النجيفي 11 مقعدا.
وعقب كل انتخابات تشريعية تدخل الكتل الفائزة في مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة غالبية، وبالمقابل دعا زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، اليوم السبت، الى مراجعة شاملة للعلاقة بين أربيل وبغداد، لتحقيق مسار مفيد للطرفين، وبعد أن جرت انتخابات مجلس النواب العراقي، استجدت أوضاع جديدة، نأمل فيها أن تتم مراجعة للعلاقات بين أربيل وبغداد بعيدًا عن التعصب والتوتر، وأن تكون تلك الانتخابات بداية لمرحلة جديدة بين الجانبين.
وأضاف "السبب الرئيسي لجميع المشكلات السابقة، وقرار شعب كردستان لإجراء الاستفتاء، يعود الى عدم إلتزام حكومة بغداد بالدستور وديباجته الواضحة التي تنص على (إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبًا وأرضًا وسيادةً)، وهذه إشارة واضحة جدًا على أن وحدة العراق اختيارية، وبموجبها يكون الاستفتاء وحق تقرير المصير حق دستوري وطبيعي لشعب كردستان "، متابعًا "بعد 100 عام من التجارب المليئة بالكوارث، من الضروري أن تقتنع بغداد بالكف عن معاداة حقوق شعب كردستان، وأن تتفهم القضية العادلة لشعبنا. والآن، كما نرى، هناك فرصة جيدة لكي تتعامل السلطات في العراق مع حقوق ومطالب شعب كردستان بذات الروح والموقف الذي تأسس عليه الدستور. وكان من الضروري أن تعمل من أجل تعويض شعب كردستان، لا أن تعاقبه وتفرض عليه الحصار الجماعي، وعليها تعويض الكردستانيين الذين تعرضوا للأنفال والقصف الكيمياوي، والذين هدمت قراهم وتشردوا في المراحل السابقة، وفي الآونة الأخيرة أيضًا في كركوك وطوز والمناطق الأخرى".
وواصل "نحن نفضل مواصلة الحوار مع بغداد حتى نصل الى نتيجة، ولم نختار القتال أبدًا، ولكن للأسف وفي كل المراحل، كانت بغداد تختار الحرب والقتال، وكنا مرغمين على الدفاع، بما فيها أحداث 16 أكتوبر/تشرين الأول قبل الاستفتاء وبعده، كان رأينا، باستمرار، ضرورة معالجة المشكلات بعيدًا عن العنف، وأن تكون العلاقات مع بغداد سلمية. مع ذلك لابد من إنهاء الواقع المفروض بقوة السلاح على كركوك والمناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم والتاريخ يثبت.. نعم، نحن لاننحني .. ولغة القوة والسلاح ضد شعبنا، لاتكسر إرادة شعب كردستان، ولن تنكسر أبدًا".
وأوضح أنه "بخصوص نتائج الانتخابات، هناك بعض الشك والقلق تجاه عملية الانتخابات ونتائجها، ولأجل إنهاء تلك الشكوك، لابد ان تتخذ مفوضية الانتخابات خطوات ضرورية لإزالة الشكوك وإقناع الأطراف المحتجة، لقد ضحى شعب كردستان كثيرًا، والمكتسبات الحالية تحققت بفضل دماء الآلاف من الشهداء، والآن، بعد إجراء الانتخابات، هناك مرحلة جديدة، ومن أجل أن لاتهدر دماء الشهداء، ومن أجل المحافظة على المكتسبات، يجب أن تضع الأطراف الكردستانية، المصالح الوطنية أمام المصالح الحزبية، وأن لا تضحي بمصالح شعب كردستان لأجل مكاسب وقتية وحزبية وسياسية، ويجب أن تفهم انه بوحدة الصوت نحقق المكاسب ونحافظ على حقوقنا، وبخلاف ذلك نكون ضعفاء. وكل التجارب تشير الى أنه لو كنا متوحدين نستطيع إنجاز المهام الكبيرة وتحقيق المكاسب العظيمة، وإنه لو كنا متفرقين فإننا نتراجع ونلحق الأذى بالقضية العادلة لشعبنا ونضحي بتضحيات شعب كردستان. لذلك أدعو الأطراف الكردستانية أن يكونوا متوحدين هذه المرة في بغداد، ويحافظوا على وحدة الصف".
وقال "في الختام أقدم شكري لأعضاء وكوادر ومؤيدي وأصدقاء الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكافة الأبناء المخلصين لشعب كردستان الذين منعوا تحقيق رغبات الخصوم والأعداء"، علما أن الحزب الديمقراطي الكردستاني حصل على 25 مقعدًا في الانتخابات، بينما حصلت باقي الاحزاب الكردية على 33 مقعدا، كما يُذكر ان مفوضية الانتخابات أعلنت ليلة الجمعة، فوز ائتلاف "سائرون" بالمركز الاول في الانتخابات، يليه ائتلاف "الفتح" بالمركز الثاني، ثم "النصر" ثالثًا.
وفي غضون ذلك أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، السبت، أن ثقة الولايات المتحدة بالجيش العراقي لا تزال كاملة والعلاقات بين الجانبين لن تتغير على الرغم من فوز التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية، ونقلت "فرانس برس" عن رئيس القيادة المركزية للقوات الأميركية، المعنية بالعمليات في الشرق الأوسط، الجنرال جوزف فوتيل، رده على سؤال حول احتمال تدهور العلاقات مع الجيش العراقي في حال تسلم التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر رئاسة الحكومة، لاسيما أنه طالب مرارا بمغادرة القوات الأميركية العراق بالقول "لدينا علاقات قوية جدا مع قوات الأمن العراقية".
وأضاف ان "جنودهم على غرار جنودنا بعيدون عن السياسة، لقد ركزوا على أمن الانتخابات، وأعتقد انهم قاموا بعمل جيد، ولذا أنا غير قلق على علاقاتنا مع قوات الأمن العراقية بسبب الانتخابات"، كما وصف الجنود العراقيين بأنهم "جيدون جدا"، متابعا أن "الأولوية بالنسبة إليهم هي ضمان حماية شعبهم وتحسين طاقات ومهنية قواتهم"، مؤكدًا أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لم يكن له أي تأثير على الأرض في العراق
أرسل تعليقك