الخرطوم - جمال إمام
يستمر إطلاق النار ودوي الانفجارات اليوم (الخميس) عشية عيد الفطر في الخرطوم بينما يحاول المجتمع الدولي انتزاع وقف لإطلاق النار من قائدي الجيش وقوات الدعم السريع في نزاعهما على السلطة في السودان. وفي وقت مبكر من صباح اليوم، أظهرت مقاطع مصورة تصاعد أعمدة الدخان وانتشار الحرائق في الخرطوم.
وسُمع إطلاق نار في بحري وتحدث سكان عن اشتباكات عنيفة غربي أم درمان، التي قالوا إن الجيش تحرك إليها لمنع وصول تعزيزات لقوات الدعم السريع.
وقالت قوات الدعم السريع شبه العسكرية إنها أسقطت طائرتين مروحيتين تابعتين للجيش السوداني، بعد أن هاجم الجيش مقاتليها في أم درمان قرب العاصمة الخرطوم صباح الخميس رغم الهدنة المعلنة يوم أمس
وشددت قوات الدعم السريع على التزامها بوقف إطلاق النار المتفق عليه، في الوقت الذي لم يعلق فيه الجيش السوداني بعد على مزاعم هجوم القوات.
وفرّ آلاف المدنيّين من الخرطوم تحت القصف، الأربعاء، حيث أسفر القتال المستمرّ لليوم الخامس توالياً بين قوات الدعم السريع والجيش عن مقتل أكثر من 270 مدنياً.
سيرًا أو في مركبات، وعلى طرق تغطّيها جثث وهياكل مدرّعات متفحّمة، عبَر آلاف السودانيين وسط أزيز الرصاص ودوّي القذائف خلال المعارك بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي»، والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي يقود البلاد منذ انقلابهما المشترك في 2021.
ولم يعد البقاء ممكنًا في الخرطوم منذ السبت مع انقطاع الكهرباء والمياه الجارية - الكهرباء والمياه لا تعودان سوى لبضع ساعات في بعض الأماكن -، والرصاص الطائش الذي يخترق النوافذ وحتى الجدران. وتنهمر أحياناً من السماء صواريخ لتحوّل مبنى أو مستشفى إلى كومة من الأنقاض.
والجنرالان اللذان يخوضان حرب «وجود» على ما يبدو وفق الخبراء، صمّا آذانهما حتى الآن أمام الدعوات لوقف إطلاق النار أو على الأقل لإعلان هدنة مؤقتة لإجلاء المدنيين من أخطر الأحياء.
وكما حصل الثلاثاء، أعلنت قوات الدعم السريع «هدنة لمدّة 24 ساعة» ابتداءً من الساعة الرابعة مساءً بتوقيت غرينتش، رغم أنّ هدنة الثلاثاء لم تدم دقيقة واحدة، وفقاً للبعض.
توازيا تم إجلاء 177 جندياً مصريا كانت قوات الدعم السريع قد احتجزتهم في السودان، «إلى جمهورية مصر العربية»، وفق ما أعلن ليل الأربعاء-الخميس الجيش السوداني.
وكان الجيش المصري أعلن في وقت سابق أنه يجري «جميع التنسيقات مع جهات الاختصاص المختلفة بدولة السودان الشقيقة لتأمين عودة كافة عناصر القوات المسلحة المصرية بسلام إلى أرض الوطن». وبحسب الجيش المصري كان هؤلاء العناصر موجودين في قاعدة جوية في شمال السودان لإجراء «تدريب مشترك» حين غرق السودان السبت في الفوضى.
وقُتل أكثر من 270 مدنياً في المعارك الدائرة في البلاد منذ السبت، بحسب ما أعلنت الأربعاء سفارات 15 دولة غربية في الخرطوم في بيان مشترك، محذّرة من أنّ هذه ليست سوى «حصيلة مؤقتة». وكانت الأمم المتحدة أفادت مساء الاثنين بمقتل نحو 200 شخص.
وحضّت السفارات الـ15 الجانبين على «عدم طرد الناس بشكل غير قانوني من منازلهم، وتجنّب (استهداف) البنية التحتية المدنية، والسماح بمرور المواد الغذائية الأساسية والمساعدات الطارئة للجرحى والمرضى».
وأعلن الجيش الأربعاء أنه يقاتل قوات الدعم السريع حول أحد فروع البنك المركزي، مشيراً إلى أنّ «مبالغ خيالية سُرقت».
وجاء ذلك فيما أعلنت نجامينا أنّ حوالى 320 عسكرياً سودانياً فرّوا الأحد من المعارك الدائرة في بلدهم وعبروا الحدود إلى تشاد حيث سلّموا أنفسهم للجيش التشادي.
وفي بلد يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة يعاني أكثر من ثلثهم من الجوع، يقول العاملون في المجال الإنساني والدبلوماسيون إنهم لم يعودوا قادرين على أداء عملهم بعد مقتل ثلاثة موظفين في برنامج الأغذية العالمي في دارفور، غرب البلاد، فيما تندد الأمم المتحدة بنهب مخزونات وكالاتها الإنسانية ومنشآتها.
في هذه الظروف الخطيرة، يعيش السكان في خوف من تعرض منازلهم أو عائلاتهم لهجوم.
سار آلاف النساء والأطفال الأربعاء باتجاه المحافظات خارج الخرطوم، متقدمين بين الجثث التي بدأت تنبعث منها روائح قاتلة، بحسب شهود.
وحتى الممثليات الدبلوماسية تحاول تنظيم نقل رعاياها. فهي لم تسلم من الهجمات، إذ تعرضت قافلة دبلوماسية أميركية لإطلاق نار الاثنين، وتعرض سفير الاتحاد الأوروبي «لاعتداء في مقر إقامته» بالخرطوم.
وبعد أربعة أيام كاملة من القتال، لا يبدو أن الجيش ولا قوات الدعم السريع على وشك تحقيق النصر
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
رئيس مجلس السيادة السوداني يلتقي مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي
البرهان يُطلع مبعوثا فرنسيا على سير العملية السياسية في السودان
أرسل تعليقك