ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، الثلاثاء، أن القوات العراقية أطلقت النار على متظاهرين في محافظة البصرة وضربتهم خلال سلسلة من الاحتجاجات من 8 إلى 17 يوليو / تموز الجاري.
وأضافت المنظمة في تقرير لها نشر 24 يوليو / تموز 2018 أن "قوات وزارة الداخلية، استخدمت القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير ضد الاحتجاجات على نقص المياه والوظائف والكهرباء التي أصبحت عنيفة في بعض الأحيان.
وجاء في التقرير أن 3 متظاهرين على الأقل قُتلوا وأُصيب ما لا يقل عن 47 شخصًا، من بينهم طفلان أُطلقت عليهما النار وطفل ضرب بأعقاب البنادق.
وأوضحت المنظمة الدولية أنها حققت في 8 احتجاجات، زُعم في 6 منها أن قوات الأمن أطلقت الذخيرة الحية، وأصابت ما لا يقل عن 7 متظاهرين، كما ألقت قوات الأمن الحجارة وضربت 47 شخصًا على الأقل، من بينهم 29 أثناء الاعتقال أو بعده.
ونقلت عن شهود عيان قولهم إن المتظاهرين قاموا في خمس احتجاجات بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة وإطارات السيارات المشتعلة على قوات الأمن، منذ 14يوليو / تموز، حيث فرضت السلطات قيودًا صارمة على الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش إن "على السلطات العراقية إجراء تحقيق موثوق ومحايد في ما يبدو أنه استخدام مفرط للقوة القاتلة في البصرة، حتى عندما تصبح الاحتجاجات عنيفة، طالما لم تعالج الحكومة مظالم المحتجين، فإن خطر المزيد من الاحتجاجات الدموية يبقى أمرًا واقعًا".
وقابلت هيومن رايتس ووتش 13 شخصًا في 18 و19يوليو / تموز , قالوا إنهم شاركوا في احتجاجات البصرة، من بينهم 3 نشطاء و4 من أقارب 2 من المتظاهرين المصابين بجروح خطيرة، و3 صحفيين، وجبار الساعدي، رئيس اللجنة الأمنية لمجلس محافظة البصرة.
وقال المتظاهرون إن لديهم 3 مطالب رئيسية، يريدون تحسين الوصول إلى المياه المحلّاة لأن مياه الشرب في البصرة تصبح مالحة جدًا خلال الصيف ويتفاقم ذلك كل عام؛ يريدون من الحكومة معالجة معدل البطالة المرتفع في البصرة في النفط والصناعات الأخرى؛ ويريدون زيادة في التغذية الكهربائية، بخاصة خلال أشهر الصيف الحارة.
وأقرّ المتظاهرون بالتعهدات التي قطعها رئيس الوزراء حيدر العبادي والسلطات الأخرى في 14 و17 يوليو / تموز بتخصيص أموال لتحلية المياه وتحسين الوصول إلى الكهرباء والرعاية الصحية وخلق آلاف الوظائف الجديدة، لكنهم قالوا إنهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى يتم اتخاذ إجراءات فعلية.
وقالوا إن الاحتجاجات في محافظة البصرة بدأت في يوليو /10 تموز في حقل نفط قرب بلدة القرنة، على بعد 75 كيلومتر شمال غرب مدينة البصرة، وانتشرت بسرعة إلى مناطق أخرى في البصرة، شملت حقول النفط في البرجسية والرميلة، وفي جميع أنحاء مدينة البصرة، ثم انتشرت الاحتجاجات في أماكن أخرى في العراق، شملت بابل وبغداد وذي قار وكربلاء وميسان والمثنى والنجف، كما ورد في وسائل الإعلام على نطاق واسع.
وأكدت هيومن رايتس ووتش إنها لم تتمكن من تأكيد ادعاءات الاعتقالات التعسفية والوفيات والإصابات أثناء الاحتجاجات خارج البصرة خلال تلك الفترة، ولا الحوادث في البصرة وأماكن أخرى بعد 17 يوليو / تموز، مع الانتهاء من إعداد هذا التقرير، تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات تفيد بأن مهاجمين مجهولي الهوية أطلقوا النار على المحامي جبار محمد كرم البهادلي وقتلوه في 23/ يوليو / تموز في مدينة البصرة في هجوم من سيارة متحركة. كان البهادلي يسعى إلى الإفراج عن المحتجزين في الاحتجاجات.
وحدد الشهود وقدموا صورا ومقاطع فيديو لعناصر قوات وزارة الداخلية من شرطة مكافحة الشغب، والشرطة الاتحادية، والقوات الخاصة "السوات"، و"لواء القوة الضاربة"، وشرطة المنشآت النفطية، وجميعهم يمكن التعرف عليهم من الزي الرسمي، ويواجهون الاحتجاجات، قالوا إنهم شاهدوا قوات الأمن هذه وهي تضرب عديدًا من المتظاهرين بعصي وأنابيب معدنية وبلاستيكية، لتفريق الحشود. في حالتين، قالوا إن قوات الأمن ضربت المتظاهرين في الحجز وصحفي يجري مقابلة.
وقال شهود عيان إن قوات الأمن هذه بالإضافة إلى عناصر من قوات "فيلق بدر"، وهي جزء من قوات "الحشد الشعبي" في العراق، أطلقت النار على المتظاهرين في 6 من 8 احتجاجات تم التحقيق فيها. وثّقت هيومن رايتس ووتش وفاة متظاهرَيْن بإطلاق النار ,كما أكدت السلطات كلّا من هذه الوفيات ووفاة ثالثة.
وأوضح شهود عيان إن المتظاهرين الـ47 الجرحى تعرضوا للضرب أو الرمي بالحجارة وإطلاق النار، قال أحد المتظاهرين إنه رأى متظاهرا تصدمه سيارة "همفي" مصفحة كانت تطارده، كان رجلان في حالة غيبوبة بسبب إصابات خطيرة في الرأس تسببت بها قوات الأمن، باستثناء الاحتجاجات في حقل القرنة النفطي، وأكّد المتظاهرون والصحفيون إنهم لم يسمعوا أي تحذير قبل أن تطلق قوات الأمن النار، أو تستخدم الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق الحشود.
وأشار جميع الشهود الـ 13 إنهم رأوا بعض المتظاهرين يرشقون قوات الأمن بالحجارة، شاهد أحدهم قنبلة حارقة، وشاهد آخر إطلاق نار ضد قوات الأمن.
وقال الساعدي، رئيس لجنة الأمن في المحفظة، إنه حتى 19 من يوليو / تموز، قتلت قوات الأمن 3 متظاهرين وأصابت 12، بما فيه من خلال إطلاق النار واستنشاق الغاز المسيل للدموع، وإن المتظاهرين جرحوا ما لا يقل عن 10 من أفراد قوات الأمن، وأكد أن الشرطة ألقت القبض على 70 متظاهرًا على الأقل وما زالت تحتجزهم، من بينهم طفلان على الأقل، سيتم اتهامهم بتدمير ممتلكات حكومية ومهاجمة قوات الأمن. حتى 19 يوليو/تموز، لم يتم الإفراج عن أي منهم أو توجيه تهم إليهم.
وأكدت المنظمة أن "على قوات الأمن العراقية المشارِكة في مهام إنفاذ القانون التقيد الصارم بـ "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون".
وتنص المبادئ الأساسية على أنه على المسؤولين عن إنفاذ القانون تطبيق وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة، وعندما يكون استخدام القوة أمرًا لا مفر منه، يجب أن يستخدموا ضبط النفس ويتصرفوا بما يتناسب مع خطورة الجرم ,و يجوز لموظفي إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية فقط لمنع التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة. لا يمكن استخدام الأسلحة النارية القاتلة المتعمدة إلا لتفريق الاحتجاجات العنيفة عندما لا يمكن تجنبها لحماية الحياة.
على السلطات الوطنية وتلك المحلية في البصرة إجراء تحقيق موثوق ومحايد وشفاف في استخدام القوة من قبل قوات الأمن في محافظة البصرة، يجب أن يتم تأديب أو محاكمة أفراد قوات الأمن، بمن فيهم القادة المسؤولين عن الاستخدام غير القانوني للقوة المفرطة أو القاتلة، حسب الاقتضاء , و ينبغي أن يتلقى ضحايا الاستخدام غير القانوني للقوة من جانب قوات الأمن تعويضًا فوريًا ومناسبا، وفق التقرير.
وأضاف منذ 14 من يوليو / تموز، منعت السلطات العراقية الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق، بما يشمل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل مثل "واتساب" و"فيسبوك"، بما يحمي "القانون الدولي لحقوق الإنسان" حق الأشخاص في البحث عن المعلومات وتلقيها وتقديمها بحرية من خلال جميع وسائل الإعلام، بما فيه عبر الإنترنت. وأكد "يجب أن تكون القيود المتعلقة بالأمان قائمة على القانون وردًا ضروريًا ومتناسبًا على تهديد أمني محدد.
وقالت ويتسن إن "حجب الإنترنت في جنوب العراق لا يحرم الناس من حقهم في تبادل المعلومات فحسب، بل يمكن أيضا أن يهدد حياتهم، على السلطات رفع جميع القيود المفروضة على الإنترنت فورا إلا إذا كانت هناك مخاوف أمنية محددة تتطلب مثل هذا الرد
أرسل تعليقك