كشف مصدر أمني جزائري، أن تنظيم "داعش" سيسعى إلى تجميع وتوحيد صفوفه في ليبيا، بعد الهزائم التي منى بها في بؤر التوتر في سورية والعراق، ويمثل أكبر تهديد أمني لمنطقة شمال وغرب أفريقيا ودول الساحل، وفاق عدد التنظيمات المسلحة التي تنشط في هذه المنطقة سبع منظمات تنشط معظمها في شمال أفريقيا وغرب منطقة الصحراء. وأكد المصدر أن الحدود التي تربط ليبيا بعدد من دول المنطقة، سيسهل كثيرا وصول المقاتلين إلى هذا البلد.
وتتطابق هذه المعطيات مع الدراسة التي نشرتها مجلة أميركية، الأربعاء، التي أكدت أن تنظيم "داعش" سيسعى بعد الهزائم التي منى بها في العراق، إلى نقل الصراع نحو أفريقيا من خلال تعزيز تواجده في ليبيا، ومن الأرجح أن يقوم بإبرام سلسلة من الاتفاقات مع المجموعات المسلحة التي تنشط في هذه المنطقة، والتي أصبحت تشكل قوى شبة عسكرية وتبقى مصدر تهديد رئيسي لأمن منطقة المغرب العربي، بما فيها الجزائر وتونس والمغرب.
وذكرت الدراسة التي حملت عنوان "تنظيم داعش في شمال إفريقيا مازال موجودا ويكافح من أجل التوسع"، إنه من المرتقب أن يقوم التنظيم بتجميع قواه وتنظيم صفوفه للتوجه نحو ليبيا، بغية تحقيق مكاسب إضافية في ليبيا وتونس، خاصة نتيجة لانشقاق بعض الأعضاء الأصغر سنا التابعين لمجموعات مرتبطة بالقاعدة مثل أنصار الشريعة في ليبيا وتونس.
وكان وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني مهدي البرغوثي، أكد في تصريحات صحافية، شهر مارس / آذار 2017، إن تنظيم "داعش"، بصدد تجميع قواه في ليبيا لتقديم مساعدة للفرع المحلي لتنظيم القاعدة، وهو ما أكده نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، الذي أكد شهر ابريل / نيسان الماضي أن تنظيم " داعش "، بصدد إجراء محادثات مع القاعدة حول التحالف المحتمل بين التنظيمين الخصمين، والقريبين أيضا نظرا لأن داعش ولد من أنقاض القاعدة في العراق".
وعرج المتحدث للحديث عن التقارير الصحافية التي تحدثت عن مقتل المختار بلمختار، زعيم تنظيم المرابطون المتفرع عن القاعدة في بلاد المغرب العربي الإسلامي والعدو رقم 1 للعديد من الدول، قائلا إنه مزال حيا وهو يتزعم مقتلي " داعش " الذين تمكنوا من الفرار من سرت بعد استرجاعها، في إطار شراكة مبرمة مع التنظيمات المسلحة.
وأمام كل هذه التطورات، ازدادت مخاوف الجزائر من التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة في ليبيا على حدود الجزائر وهو ما دفعها إلى نشر قوة جزائرية ضخمة على الحدود الليبية، قوامها 50 ألف عسكري في شريط حدودي يمتد على طول 1000 كلم تقريبا.
ومن جانب آخر تسعى الجزائر جاهدة لإقناع الفرقاء الليبيين، وعدد من الدول العربية والغربية التي لها علاقة مباشرة بالأزمة الليبية، بنموذج الوئام المدني والمصالحة الوطنية، كخيار استراتيجي سيساهم في استتباب الأمن ووقف إراقة الدماء والقضاء على التهديد الإرهابي في ليبيا.
وخيم هذا الموضوع على المؤتمر الذي احتضنته الجزائر، الاثنين والثلاثاء، جمع كبار المسؤولين والخبراء في مجال مكافحة التطرف والإرهاب من دول أعضاء في المنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب ومجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى دول منطقة الساحل الأفريقي ومنظمات دولية وإقليمية على غرار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، وآلية الاتحاد الأفريقي للتعاون في مجال الشرطة (أفريبول) ومكتب الشرطة الأوروبية (أوروبول)، ورابطة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وهو ما أكد مفوض السلم والأمن لدى الاتحاد الإفريقي, اسماعيل شرقي، قائلا إن مبادرة المصالحة الوطنية تحتاجها القارة الأفريقية التي تواجه أزمات ونزاعات على غرار ليبيا، وأكد شرقي بأن الوضع في ليبيا يحتاج إلى المقاربة الجزائرية، مشيرا إلى أن الورشة الدولية بالجزائر حول دور المصالحة الوطنية في الوقاية ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب هي فرصة لتدارس الخبرات.
ويرى خبراء أمنيون جزائريون أن الجزائر قادرة على فرض الاستقرار في ليبيا بالنظر إلى الخبرة والحنكة التي تتمتع بهما، وقال الخبير الأمني الجزائري ورئيس لجنة السلم والمصالحة الوطنية أحمد ميزاب, في تصريحات لـ " العرب اليوم " إن الجزائر تدرك جيدا حجم المخاطر التي تحدق بالجزائر فهي في تزايد مستمر ما دام الاستقرار غائب وحالة الأمن والفوضى، التي تعم بدول بدول الجوار وهو ما يجعل تدفق الإرهابيين والمهاجرين الغير شرعيين عبر الحدود مما يزيد الضغط على الجزائر، وكذلك هناك خطر آخر يحدق بالجزائر والمتمثل في محاولات ربط بقايا الجماعات في الداخل بالخلايا النشطة في بؤر التوتر، إلا أنها لم تفلح نظرا للعمليات الناجحة للمؤسسات الأمنية التي توجه ضربات في العمق، وتقطع كل طرق الإمداد أو التواصل مما يجعل تلك المخططات تنتهي بالفشل فهي تصطدم بجدار صد اسمه الجيش الجزائري.
وبخصوص الدور الذي تلعبه الجزائر في حل الأزمة الليبية، قال ميزاب " اعتقد جهود الجزائر لصناعة السلام والاستقرار مستمرة وطبيعة الأزمات معقدة ومتشابكة لكن حسب المتابعة فالجزائر بإمكانها تحقيق ما عجز عنه الكثيرين لأنها تمتلك أوراق رابحة وحنكة، والجزائر تحافظ على مسافة متساوية مع كافة الأطراف، وفقا لضوابط تبناه الليبيون في اتفاقاتهم السياسية ووفق الشرعية".
أرسل تعليقك