اختلف المتتبعون للمشهد السياسي حول طبيعة الحكومة المقبلة التي سيعلن عنها الرئيس الجزائري, عبد العزيز بوتفليقة قبيل شهر رمضان حسب المعطيات المتداولة في الساحة السياسية. فهناك من يرى أنه سيغلب عليها الطابع السياسي والبعض الآخر يرى أنها ستكون حكومة " إنقاذ " أو " إئتلاف ", إلا أن هناك شبه إجماع حول التحديات الداخلية والخارجية التي تنتظر الجهاز التنفيذي المقبل بدءًا من تخفيض مستويات البطالة ومكافحة التطرف ومواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية.
وسيواجه "المستوزرون" الجدد أعباءً ثقيلة جدًا لأن الفترة الحالية صعبة والتحديات كثيرة, بالنظر إلى الظروف الوطنية الاقتصادية السائدة, فما من شك أن أمام الحكومة الجديدة التي يجهل ولحد الآن هوية قائدها الجديد رغم أن كل المعلومات تؤكد بقاء الوزير الأول الحالي عبد المالك سلال على رأس الجهاز التنفيذي وفي أجندتها الكثير من القضايا التي على جدول أعمالها سواء على صعيد تحقيق النمو الاقتصادي المرغوب من خلال الاستفادة من الموارد المتاحة من جانب, ومن جانب آخر ضرورة العمل على تحسين القدرة الشرائية من خلال ضبط الأسعار.
ويعتبر ملف البطالة أحد أهم الملفات الساخنة التي تنتظر الحكومة المفترض الإعلان عنها في الأيام المقبلة أي بعد إعلان المجلس الدستوري عن النتائج النهائية وتنصيب المجلس الشعبي الوطني الجديد, فالحكومة مطالبة اليوم بتوفير فرص عمل للأعداد الهائلة من العاطلين عن العمل وتحريك الركود الاقتصادي, وحسب الأرقام الرسمية فإن البطالة بلغت نهاية السنة الماضية 10.5 بالمائة ويعود هذا الارتفاع إلى الجمود الذي مس معظم القطاعات المشغلة لليد العاملة كقطاع الوظيفة العمومية.
ومن بين أبرز الملفات المهمة التي ستضطر الحكومة الجديدة إلى التعامل معها بحذر كثير, الأزمات الأمنية التي تمر بها عدد من دول الجوار, ليبيا ومالي وتونس والنيجر, فالجزائر في الظرف الراهن تشهد استقرارًا أمنيًا, رغم شريطها الحدودي المليء بالمخاطر والأهوال وهو ما دفعها إلى التحرك لمحاولة إطفاء النيران التي اشتعلت عند الجيران لدرء المخاطر.
وتقود الجزائر منذ عام تقريبًا, مبادرة لحل الأزمة القائمة في ليبيا وجمع الفرقاء الليبيين على طاولة الحوار, ووضع حد للأزمة الأمنية التي تتخبط فيها هذه المنطقة, فأكثر ما تخشاه الجزائر في الظرف الراهن هو أن تلقي هذه الأزمة بظلالها على الجزائر وأن يتوغل عناصر تنظيم " داعش " إلى الجزائر.
الوضع ذاته ينطبق على مالي والنيجر, بالنظر إلى حالة الانفلات الأمني القائم داخلهما وتنعكس هذه الأزمات الأمنية سلبا على منطقة الساحل الإفريقي فالجزائر تتخوف كثيرا من نشاط "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"جماعة أنصار الدين" و"حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا".
وعلى ضوء هذه المعطيات الأمنية والاقتصادية يرى متتبعون للمشهد السياسي والاقتصادي في الجزائر, أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سيختار وجوهًا متمرسة قادرة على تخطي عقبة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد على خلفية تهاوي أسعار النفط, وأيضًا قادرة على توفير الأمن والسلم للجزائر.
وعلَّق المحل السياسي الجزائري سليم قلالة على هذه المعطيات قائلا في تصريحات لـ " العرب اليوم " المرحلة الحالية التي تمر بها الجزائر لا تتطلب حكومة تكنوقراطية أو سياسية كما يعتقد البعض, فالظرف الراهن لا يتعلق أبدًا بنوعية الحكومة أو تشكيلتها, فهو يتعلق بالرؤية والاستراتيجية التي تنتهجها الحكومة لتسيير الوضع فيجب أن تكون واضحة المعالم والأهداف وتصحيح الاختلالات الراهنة..
أرسل تعليقك