كشفت مصادر موثوقة أن الجهات المعنية من الحكومة ورئاسة الجمهورية التونسية، قررت فتح تحقيق شامل ومفصل بشأن خطورة تصريحات صدرت عن الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، اتهم فيها مسؤولًا قطريًا مقيمًا في تونس بالتآمر على ليبيا وشمال أفريقيا.
وأدلى العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، بتصريحات نارية اتهم فيها عناصر تابعة لحماس بتدريب متطرفين في ليبيا، كما اتهم مباشرة مسؤولًا عسكريًّا قطريًا مقيمًا في تونس منذ عام 2011 بتخريب ليبيا، واتهم المسماري هذا المسؤول القطري بإرسال مئات العناصر من تنظيم "داعش" إلى ليبيا عبر تونس، وصدمت تصريحات المسماري بالفعل السلطات التونسية و قررت فتح تحقيق شامل ومفصل بشأنها، حتى يتم تحميل كل طرف مسؤوليته باعتبار أن تونس ترفض دومًا أن تكون أرضًا للتآمر على أمن غيرها من الدول.
وأثبتت التحقيقات الأمنية أن هناك تحويلات مالية قد تمت ما بين 2014 و2016 من قطر إلى بنك في تطاوين، وجاء كمرحلة أولى سحب 500 ألف يورو اي ما يقارب مليار و250 ألف دينار، ثم تم سحب 200 ألف يورو دون تقديم وثيقة رسمية، وتمت العملية عن طريق الهاتف حيث يتصل المسؤول القطري بمدير البنك ويطلب منه سحب هذه المبالغ، وجاء في تاريخ 5 أيار/ مايو 2011 تم تهريب عشرات المليارات من العملة الصعبة عبر الحدود التونسية الليبية وتم إيداعها في بنك في تطاوين بتواطؤ بين جمعية خيرية ومسؤول قطري و4 تونسيين من بينهم قيادي في حزب الرئيس السابق، الذي أصبح فيما نائبًا في مجلس الشعب.
وتواصلت عمليات تدفق الأموال بشكل سري حتى ٢٠١٤، وبعد ذلك أصبحت المليارات تحول بصفة علنية من قطر إلى تونس وتحديدًا، في ولاية تطاوين ويتم إثر ذلك توزيعها على الجمعية الخيرية التي يرأسها، شقيق النائب وتواصلت العملية إلى حين تقديم إشعار للجهات الأمنية المعنية التي سارعت بفتح تحقيق، وتحديد المسؤوليات ليتبين تورط أجانب وتونسيين في العملية، ومن جهته كشف النائب عن حزب نداء تونس منجي الحرباوي، عن هوية مسؤول الاستخبارات القطري المقيم في تونس الذي كان قد أعلن عنه الناطق باسم الجيش الليبي احمد المسماري.
وأوضح الحرباوي أنه في يوم 13 أكتوبر/تشرين الثاني 2014 تقدم شخص قطري الجنسية يدعى "سالم علي الجربوعي" إلى بنك الإسكان فرع المرسى، وطالب بسحب مبلغ 550 ألف يورو من حسابه الجاري في بنك الإسكان فرع تطاوين، وأضاف أن ضخامة المبلغ أثارت علامات استفهام لدى الموظفين في البنك فقام بنك الإسكان بإرسال إشعار في شبهة بشأن تلقّي "سالم الجربوعي" تحويلات مالية ضخمة في حسابه الجاري في فرع البنك في تطاوين ناهزت 08 مليارات من العملة الاجنبية.
وتابع أن الجهات المختصة في وزارة الداخلية بدأت في رصد وجمع المعلومات بشأن نشاط المواطن القطري "سالم علي الجربوعي" واكتشفت بعد عمليات البحث والتحري أنه يقيم علاقات مع عدد من الأطراف السلفية من بينها جمعية "الحياة الخيرية" في جرجيس التي يديرها "الأسعد الصويعي ورضا إبراهيم" وهما ينتميان للتيار السلفي، وأشار الحرباوي إلى أن وزارة الداخلية واصلت عمليات البحث وكشفت تولّي عسكريان تونسيان وهما " قيس بن عبد الرحمان موسى" و "توفيق بن غالي الغالي" سحب أموال ضخمة من الحساب البنكي الخاص بالقطري "سالم الجربوعي".
وأكد أن النيابة العمومية في تونس وافقت على فتح تحقيق واتخاذ الاجراءات اللازمة بناءً على المعلومات التي تم كشفها، وذلك بتاريخ 8 أبريل/نيسان ٢٠١٥، وأوضح الحرباوي أن اللجنة التونسية للتحاليل المالية CTAF برئاسة "حبيبة بن سالم" أفادت، بوقوع عمليات سحب لأموال ضخمة من الحساب البنكي للقطري سالم الجربوعي بقيمة 3 مليارات في فترة وجيزة، كما اكتشف المحققون أن عمليات السحب نقدًا قام بها أشخاص تونسيون وقطريون لا علاقة لهم بالحساب الجاري، وهم على التوالي : التونسيون العقيد قيس موسى، ووالده عبد الرحمان موسى، والعسكري توفيق غالي، و زبير الفضيلي… والقطريون عبد الله حسن الكواري، والحاج الهادي، وحمد عبد الله المري، وحمد جابر غانم الكبيسي.
وأظهرت عمليات البحث والتحري والتحقيق أن جميع عمليات السحب التي قام بها أولئك الأشخاص خالفت القانون وتمّت دون تفويض كتابي، كما لم يتم التنصيص بمطبوعة السحب على هويات الساحبين وأرقام هوياتهم وامضاءاتهم، في مخالفة لقوانين الصرف، ما يدل على تورط رئيس الفرع البنكي في هذه الشبكة المشبوهة في تبييض الأموال، وقال النائب إن الفرق المختصة عملت على البحث عن مصادر تلك الأموال وعن الجهة التي موّلت الحساب البنكي ل"سالم علي الجربوعي"، فتبين أن مصدرها حساب بنكي مسجل باسم "القيادة العامة للقوات المسلحة القطرية" المفتوح بالبنك القطري التونسيQNB في تونس العاصمة.
وأوضح الحرباوي أن الفرق المختصة في وزارة الداخلية، اكتشفت شبكة من الجواسيس القطريين والتونسيين، وقد بيّنت الأبحاث أن "علي سالم الجربوعي" يبلغ من العمر 52 عامًا، وأنه يشغل خطة عميد في الجيش القطري، وهو مكلف بمهمة "ملحق عسكري في شمال أفريقيا"، لدى المخابرات القطرية، ويشرف على أعمالها في موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا، دون أن تكون له أيّ صفة دبلوماسية، وأن هذا الرجل الغامض والخطير كان على علاقة مباشرة بقائد أركان القوات المسلحة القطرية "حمد بن علي العطية"، وكشفت التحريات أن الجربوعي قد كلف بالإشراف على مخيم اللاجئين الليبيين في مخيم الذهيبة في الجنوب التونسي.
وأظهرت التحقيقات أن "سالم الجربوعي" له علاقات وطيدة بالسفارة الأميركية وبلوبيات وشخصيات سياسية ومالية في تونس، وبينت عمليات البحث أن الحساب الجاري للرجل القطري قد فتح في 15 يوليو/تموز 2011 باسم "سالم الجربوعي" واكتشفت إدارة بنك الإسكان وجود معاملات مالية ضخمة في حساب ثانٍ لشخصية قطرية أخرى مفتوح في فرع تطاوين كذلك باسم "حمد عبد الله المري" وحساب ثالث مفتوح في الفرع ذاته باسم الهوية المصرفية "محمد جابر غانم الكبيسي"، وأنهما قد وكّلا "سالم الجربوعي" للسحب والإمضاء.
وبتتبع المعاملات المالية للحساب الجاري لقيادة الجيش القطريQNB في تونس: انتبه الباحثون إلى ضخّ مبلغ 500 ألف دينار إلى عسكري ينتمي إلى وزارة الدفاع التونسية دون تفصيلات تذكر، واعترف رئيس الفرع البنكي في تطاوين المدعو "حامد لطيف" ومساعدة خلال التحقيقات بأن القطري "سالم الجربوعي" قد تعود منذ 2011 على جلب أموال طائلة بالعملة الصعبة لتبديلها بالعملة التونسية لدى الفرع البنكي بتطاوين، ثم افتتح حسابًا جاريًا قابلًا للتحويل في تاريخ 15/07/ 2011 وكان مرفوقًا وقتها بحماية عسكرية مهمة.
واعترف "حامد اللطيف"بان القطري "سالم الجربوعي" قد تعود على الإذن له بواسطة الهاتف، لصرف الأموال للكثير من الأجانب من جنسيات غربية أميركية وبريطانية وفرنسية وإيطالية دون سند بنكي، وقد اتضح وجود شخصيات عسكرية تونسية من بينها "العقيد قيس موسى" الذي كان يشرف على مخازن المساعدات العسكرية الممنوحة من قبل قطر وقتها، رفقة العسكري "توفيق غالي"
وتطورت الأبحاث للتحري عن أملاك المشبوه فيهم ، فأفادت إدارة المحاسبة العمومية والاستخلاص التابعة لوزارة المال، بأن القطري "سالم الجربوعي" لا يحوذ أملاكًا بتونس، وأن المشبوه فيهم ممن تربطهم علاقات بهذه الشبكة يعمدون إلى إخفاء أملاكهم بأسماء واجهة، وأنها قد تفطنت إلى أن العقيد في الجيش التونسي "قيس موسى" قد سجل دخول بعض العقارات في الذمة المالية لزوجته "بسمة البحري" في تلك الآونة، وكانت التحريات لدى الفرقة المختصة تتقدم في سرية تامة مما سهل الكشف عن شبكة جواسيس واسعة يشرف عليها "سالم الجربوعي"، تربطها علاقات بأحزاب سياسية ووزراء وشخصيات مجتمع مدني.
أرسل تعليقك