طهران - العرب اليوم
تستأنف محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة في فيينا في ثامن جولة من الجهود الدبلوماسية، وهي الأخيرة هذا العام، في مسعى لإنعاش الاتفاق النووي لعام 2015. وذلك بعدما توقفت الجولة السابعة في 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بطلب من طهران. وقالت القوى الغربية بعد توقف الجولة السابعة إن أمامهم مدة تقاس بالأسابيع، وليس بالشهور، للتوصل إلى اتفاق، في ظل الأنشطة النووية الإيرانية التي تتقدم بخطى سريعة نحو مستويات إنتاج الأسلحة. وقال منسّق الاتحاد الأوروبي، أنريكي مورا، على «تويتر» الخميس: «من المهم تسريع وتيرة القضايا الرئيسية العالقة (...) من خلال العمل من كثب مع الولايات المتحدة».
وأخفقت المحادثات التي استؤنفت في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في تحقيق اختراق كبير مقارنة بالجولة السادسة. وسعى المبعوثون الإيرانيون إلى إدخال تعديلات جذرية على مسودة الجولة السادسة التي انتهت في 20 يونيو (حزيران)، في ختام الجولة السابعة هذا الشهر، قال مورا إن كل الأطراف أدرجت مطالب إيران في النص الحالي، لكي يكون هناك أساس مشترك للتفاوض، لكن القوى الأوروبية بدت أقل تفاؤلاً. وقال مفاوضوها في بيان: «يحدونا الأمل في أن تكون إيران مستعدة لاستئناف المحادثات بسرعة، والمشاركة بشكل بناء حتى يمكن للمحادثات أن تتحرك بوتيرة أسرع». وأضافوا: «نحن في طريقنا للوصول بسرعة إلى نهاية طريق هذه المفاوضات».
وحذر مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأسبوع الماضي، خلال زيارة إلى إسرائيل، من أن الجهود الحالية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد ربما تُستنفد خلال أسابيع. وقال: «لا نحدد وقتاً بعينه علناً، لكن بوسعي أن أُبلغكم بأننا نبحث خلف الأبواب المغلقة أطراً زمنية، وهي ليست بالطويلة».
ودعا رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب وحيد جلال زاده، إلى التمسك بقانون «الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات»، في مفاوضات فيينا. وقال النائب إن اللجنة نقلت في اجتماع، الأسبوع الماضي، مخاوف البرلمان إلى كبير المفاوضين الإيرانيين، على باقري كني. وأضاف: «يعتقد البرلمان أن المصالح الوطنية لا تتغير مع تغيير الحكومة»، حسبما نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية.
وأقر البرلمان الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2020 قانوناً يلزم الحكومة باتخاذ خطوات متقدمة من مسار انتهاكات التزامات الاتفاق النووي. وبموجبه، أقدمت إيران على تشغيل أجهزة متقدمة من الطرد المركزي، ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 و60 في المائة، كما أوقفت التعاون مع عن البروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي. وأنتجت كميات من معدن اليورانيوم.وقال كاظم غريب آبادي، سفیر إيران السابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأحد أعضاء الفريق المفاوض الإيراني في الجولات الست الأولى، إن «نسخ نص الاتفاق النووي من قبل أميركا والأطراف الغربية، والادعاء في الالتزام به لا جدوى منها». وقال: «إذا تم التواصل إلى اتفاق نهائي، فإن آليات تمتع إيران بمزايا الاتفاق النووي يجب أن تكون واضحة وشفافة، دون أي لبس لكي لا تتمكن أي دولة من تجاهل وانتهاك مصالح إيران المنصوص عليها في الاتفاق».
ورفض غريب آبادي، في مقابلة خاصة مع صحيفة «همشهري» التكهّن بنتائج المفاوضات، لافتاً إلى أنه «ما ينبغي أن يكون مهماً لإيران هو رفع العقوبات عملياً»، وأضاف: «نحن بحاجة للتأكد من التوصل إلى اتفاق جيد، إذا كان من المقرر إعادة العمل بالاتفاق النووي». وتابع: «لا يمكن أن يكون الاتفاق على الورق، بينما زبائن النفط يغضون الطرف عن النفط الإيراني بسبب التهديد الأميركي، لا يمكن أن يقولوا إن القناة المالية مفتوحة على الورقية، وسترفع العقوبات في هذا المجال، لكن نواجه مشكلة في افتتاح حساب بنكي في الخارج».
كذلك، علق غريب آبادي على الخلافات بين طهران و«الوكالة الدولية»، في رده على سؤال حول ما إذا كان للوكالة أي دور في تسريب معلومات أدت إلى «اغتيال» بعض العلماء النووية الإيرانيين، وفي حال تؤيد إيران أي دور لمفتشي الوكالة في «التجسس» على برنامجها النووي. وقال غريب آبادي إن «أحد الأضرار تسرب المعلومات السرية لإيران»، في اتهام ضمني إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ دعا إلى «مساءلة» الوكالة الدولية، لكن قال إن التسريب «يمكن أن يكون بواسطة إحدى الدول أو الوكالة الدولية». وقال: «إذا تسربت معلوماتنا فسنعتبر الوكالة الدولية مذنبة في المقام الأول».
وكان رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية»، محمد إسلامي، قد أبلغ وكالة «ريا نوفوستي» في مقابلة نُشِرت، أول من أمس (السبت)، إن بلاده لا تعتزم رفع نسبة تخصيب اليورانيوم لأعلى من 60 في المائة في حال فشل مباحثات فيينا الهادفة لإحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي، التي تُستأنف اليوم (الاثنين). وقال رئيس الوفد الروسي في مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، إن إعلان إسلامي «رسالة إيجابية»، عشية مباحثات فيينا. وبحسب خبراء «معهد العلوم والأمن الدولي» الذي يتخذ من واشنطن مقرا له إن 40 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي لصنع قنبلة نووية مباشرة، دون الحاجة إلى رفع نسبة التخصيب.
تصعيد متبادل
وخيم التصعيد الإسرائيلي باستهداف المنشآت النووية الإيرانية على الأسبوع الثاني من الجولة السابعة للمفاوضات. ورداً على التهديدات، أجرى «الحرس الثوري» الإيراني تدريبات واسعة شملت القطاعات الجوية والبرية والبحرية. وتمحورت بشكل أساسي حول دمج إطلاق الطائرات المسيرة بالتزامن مع إطلاق صواريخ باليستية، و«كروز» حربية. كتبت صحيفة «كيهان» التي يختار رئيس تحريرها المرشد علي خامنئي على صفحتها الأولى إن «تدريب تدمير (ديمونا) بصواريخ دقيقة... الميدان في خدمة الدبلوماسية».
وإشارة «الميدان» ترمز إلى أنشطة «الحرس الثوري»، وتداولت بعد تسريب صوتي لوزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف في أبريل (نيسان) الماضي، ويعبر فيه عن انزعاجه من تقديم الأولوية لأنشطة «الميدان»، على حساب تراجع الدبلوماسية في المنطقة. وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية، أبو الفضل عمويي لصحيفة «كيهان» إنه «دون القدرات الدفاعية والعسكرية من المؤكد لا يمكن أن تبرز الدبلوماسية نفسها في النصوص القانونية»، وأضاف: «لهذا فإن الميدان يمكن أن يكون ذخراً مناسباً للدبلوماسية».
وقبل صحيفة «كيهان» بيومين، نشرت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري» تقريراً ذكرت فيه إن الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أو ما تعرف بقوات «جو الفضاء» أطلقت 16 صاروخاً باليستياً و5 طائرات مسيرة انتحارية لمحاكاة ضرب مفاعل «ديمونا» الإسرائيلي، وقالت إنها «أصابت الهدف بدقة عالية».
ونشرت وكالات «الحرس الثوري» مقطع فيديو دعائياً، يوثق المناورات الصاروخية التي جرت صباح الجمعة. وأفادت «رويترز»، الجمعة، بأن التلفزيون الحكومي الإيراني عرض لقطات لصواريخ تدمر هدفاً يشبه مفاعل «ديمونا» النووي الإسرائيلي وتسويه بالأرض في ختام المناورات. وقال رئيس الأركان محمد باقري، وقائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، وهما أكبر قائدين عسكرين في إيران إن المناورات الحربية التي أجرتها البلاد، هذا الأسبوع، في الخليج استهدفت توجيه تحذير إلى إسرائيل، وذلك وسط مخاوف من خطط إسرائيلية محتملة لاستهداف مواقع نووية إيرانية.
ونددت بريطانيا بإطلاق صواريخ باليستية خلال المناورات. على لسان وزارة الخارجية ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده التصريح البريطاني ووصفه بأنه «تدخل في (شؤون) القدرة الدفاعية لإيران»، بحسب «رويترز». ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس القوى العالمية إلى عدم السماح لإيران بكسب الوقت في المفاوضات النووية.
سيناريوهات
وتناولت صحيفة «دنياي اقتصاد» استئناف مفاوضات فيينا في عددها الصادر أمس. وتشير إلى صعوبة التفاوض في الأيام الأخيرة من السنة، لكنها تعتقد أن جميع الأطراف «لديها الدوافع المطلوبة لاستمرار الدبلوماسية النووية». ومع ذلك، انتقدت مواقف باريس، وقالت إنها «لا تتسق مع المواقف المعلنة من الاتحاد الأوروبي». وتوقعت الصحيفة عدة سيناريوهات؛ أولها «قائم على أساس تعاون البناء من إيران مع أطراف المحادثات». وتزعم الصحيفة أن «إيران من استخدمت جميع أشكال التعاون أجل إظهار حسن النية في المفاوضات، لكن تنفيذ واستمرار أي اتفاق بحاجة إلى المساومة والسعي لتحقيق أقصى قدر من المطالب من أجل تحقيق أهداف اللاعبين»، من هنا تشير إلى أزمة الثقة بين الطرفين، ومن هنا تقترح على الطرف الأوروبي أن يفعل قناة «سويفت» للتحويلات المالية والبنكية، أن تعدم دور إيران في اقتصاد الطاقة الإقليمي، لإظهار معارضتها لاستراتيجية الضغوط القصوى التي اتبعها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
أما السيناريو الثاني، فهو التوصل إلى اتفاق مؤقت. وينوه الكاتب بأن «واقع السياسات الدولية يظهر أن إيران لم تكن بصدد اتفاق سيئ أو اتفاق مؤقت». وترى الصحيفة أن الضرورات الاستراتيجية تتطلب من جميع أطراف المحادثات النووية «استخدام آليات ذات الفوائد القصوى واتفاق محسن». ووفقاً للصحيفة أن «إيران تتفهم المخاوف التكتيكية والاستراتيجية للعالم الغربي، لكن الواقع هو أن الغرب لا يظهر رغبة في الاعتراف بمصالح إيران واحتياجاتها الاستراتيجية والاقتصادية»، وفي مثل هذه الظروف، تتوقع الصحيفة «عملية تفاوض طويلة نسبياً دون أن تؤدي إلى اتفاق مؤقت».
قد يهمك ايضا
كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا يؤكد أن الأيام الماضية أثبتت أن إحراز التقدم ممكن
وزير الخارجية السعودي يقول إن ايران تُماطل في محادثات فيينا ويأمل في إحراز تقدم
أرسل تعليقك