تحدث المجلس العسكري الانتقالي في السودان بتصريحات وصفت بـ"المفاجئة للجميع"، عن فكرة تسليم الرئيس السوداني "المقتلع"، عمر البشير، إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقال الفريق أول ركن، جلال الدين الشيخ الطيب، عضو المجلس العسكري الانتقالي في السودان، خلال زيارته مساء أمس الاثنين، إلى إثيوبيا، إن تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية ليس من شأن المجلس العسكري.
وتابع في تصريحات لوسائل الإعلام في إثيوبيا، ونقله موقع "العين" الإماراتي: "تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية ليس من شأن المجلس العسكري، بل هو أمر تقرر الحكومات التي ستتولى الحكم في البلاد، وليس من اختصاصات المجلس العسكري الانتقالي"، حيث كان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السودان قد إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس المعزول عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب قبل نحو 15 عاما.
وقالت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم المكتب في إفادة صحفية في جنيف، يوم الجمعة: "نشجع السلطات في السودان على التعاون بشكل كامل مع المحكمة الجنائية الدولية، هناك قرار لمجلس الأمن يعود إلى عام 2005 يدعو الحكومة السودانية للتعاون الكامل ومد يد العون"، وذلك وفقا لـ"رويترز"، كما سبق وأعلن المتحدث الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبد الله، إن المحكمة ستضطر إلى إبلاغ مجلس الأمن الدولي عن أي دولة تستضيف الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، إذا كانت من أعضاء المحكمة، حيث يشار إلى أن البشير مطلوب بموجب مذكرتي توقيف من المحكمة، بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور بالسودان.
أقرأ أيضا :
عبارات صارمة في اعتصام شباب "الحراك السوداني
وأضاف في مقابلة مع إذاعة "DW" الألمانية، أن هناك "دول معينة لديها التزامات بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وهي الدول أعضاء في المحكمة، فإذا لم تتعاون هذه الدول مع المحكمة فإننا سنضطر لإبلاغ مجلس الأمن بحدوث انتهاكات من جانب هذه الدول لما تعهدت به"، لافتًا إلى أن "السودان نفسه ملزم بالتعاون مع المحكمة وفق القرار الأممي رقم 1593 (وهو القرار الدولي الداعي إلى محاكمة المتّـهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي)".
وأضاف أن "المحكمة تطلب من السلطات السودانيةالتعاون في شأن هذه الأوامر والأوامر الأخرى الصادرة عنها إنفاذا لقرار مجلس الأمن الذي ألزم السودان بالتعاون مع المحكمة"، متهمًا الرئيس البشير من قبل الجنائية الدولية بارتكاب جرائم في دارفور التي اندلعت بها حرب أهلية في عام 1994 مع صدور قرار الحكومة السودانية بتقسيم دارفور إلى عدة ولايات، ليبدأ بعدها تمرد مسلح من جانب "حركة تحرير السودان" و"حركة العدل والمساواة" بسبب "عقود مستمرة من التهميش والفقر المدقع" بحسب ما قالت الحركتان وقتها.
أما قائد قوات الدعم السريع في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، نفى صحة الأنباء بشأن مغادرة البشير البلاد وعدم وجوده داخل السودان، مؤكدا أن الرئيس المعزول وضع تحت الإقامة الجبرية وهو في مكان آمن في العاصمة السودانية الخرطوم ولم يغادرها، حيث رفض قائد قوات الدعم السريع في السودان، إمكانية تسليم البشير للمحكمة الدولية، موضحا أن "من يحدد تسليم البشير للجنايات الدولية هو الشعب السوداني"، وقال: "السودان الآن مقبل على تشكيل حكومة منتخبة جديدة، وهي من ستحدد شكل المرحلة المقبلة، وتحاكم كل مجرم ارتكب أي جريمة بحق الشعب السوداني، بمن فيهم البشير نفسه".
أما الفريق أول ركن جلال الدين الشيخ الطيب، فتحدث عن الأوضاع في السودان بقوله "الوضع في السودان حاليا يسير نحو الأفضل، لكنه بحاجة إلى العزيمة والصبر"، حيث طالب عضو المجلس العسكري السوداني الأحزاب السياسية بالصبر وتقديم تنازلات حتى يتم التوافق على رئيس مجلس الوزراء وتعيين حكومة مؤقتة، كما أكد مبعوث المجلس العسكري الانتقالي في السودان أن علاقات السودان الخارجية ثابتة ولن تتأثر بالظرف الذي تمر به البلاد.
رد الطيب حول قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن التطورات في السودان، بقوله: "نتفهم هذا القرار نظرا لوجود سوابق في القارة"، مضيفا أن المجلس العسكري الانتقالي أعلن منذ البداية عن تسليم السلطة للمدنيين، وأنه يحترم قراره ويعتبرها محفزا له، مؤكدًا في تصريحات نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية "انحياز القوات المسلحة للشعب يأتي استجابة لرغباته في التغيير وتجسيداً لتطلعات كل فئاته نحو حياة أفضل، ولا يعد انقلابا عسكريا أو طمعا في سلطة، المجلس حظي بتأييد شعبي عريض، التزام المجلس بوعده نحو الشعب بتسليم السلطة له".
ومضى بقوله "المجلس يعي دوره تماما وبدأ حوارات ولقاءات مع مختلف مكونات المجتمع، ووضع خططا لمخاطبة كل فئات الشعب السوداني، ويبذل جهودا لاختيار رئيس للوزراء تمهيدا لتشكيل حكومة مدنية لتسيير دولاب العمل"، حيث يذكر أن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف أعلن الخميس الماضي عزل الرئيس عمر البشير من رئاسة الجمهورية، عقب اندلاع تظاهرات واعتصامات ضده احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، والتضييق على الحريات العامة.
ويتولى الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، فيما أُعلن في الخرطوم، أمس الأول السبت، تشكيل المجلس المكون من رئيس ونائب، و8 أعضاء عسكريين وشرطيين، الذي سيتولى إدارة شؤون البلاد في فترة انتقالية مدتها عامان على الأكثر، حيث أعلن البرهان إنهاء حظر التجوال ومرسوم الطوارئ الذي أعلن عقب الإطاحة بالبشير، وإطلاق سراح المحكوم عليهم بموجب قانون الطوارئ أو أي قانون آخر متعلق بالتظاهرات والاحتجاجات الأخيرة، بالإضافة إلى عزل ولاة الولايات، وتكليف قادة الفرق والمناطق العسكرية بتسيير أمور الولايات.
ناشطون: محاولة جديدة لفض "اعتصام القيادة" بالسودان
وفي سياق متصل أكد ناشطون سودانيون، الثلاثاء، أن أفراد من الجيش حاولوا فض الاعتصام المستمر منذ 10 أيام أمام مقر القيادة العامة للجيش في العاصمة الخرطوم، حيث أوضح أحد المعتصمين أن سيارات تحمل لوحات القوات المسلحة، وأخرى للدعم السريع، بدأت الدخول عند حوالي السابعة صباحا من جهة جسر النيل الأزرق ومن شارع (البركس) شرقا إلى مكان الاعتصام، إلا أن المعتصمين تصدوا للقوات بوضع المزيد من المتاريس في طريقها، وسط هتافات تطالب بنقل السلطة إلى حكومة مدينة في أسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى الصفير والطرق على الحديد.
وطالب تجمع المهنيين السودانيين، الجهة التي تقود الاحتجاجات في السودان، بحل المجلس العسكري الانتقالي الذي تشكل عقب عزل الرئيس عمر البشير، الخميس الماضي، داعين إلى تشكيل حكومة مدنية، حيث كثف ممثلو التجمع الضغط على قادة القوات المسلحة وأصدروا قائمة طويلة بمطالب بتغيير أعمق وأسرع. وعقد التجمع أول مؤتمر صحفي منذ عزل البشير عقب احتجاجات استمرت شهورا.
وقال أحمد الربيع، عضو تجمع المهنيين السودانيين، لرويترز، إنه ما لم تتحقق مطالبهم، فسيواصل التجمع الضغط من خلال الاحتجاجات ولن ينضم إلى أي حكومة انتقالية في المستقبل، مؤكدًا أن المجلس الانتقالي المدني الجديد يجب أن يمنح كل السلطات التنفيذية، وأن تكون القوات المسلحة ممثلة فيه، مع حل المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة الأسبوع الماضي.
وجدد ممثلو التجمع دعواتهم لإقالة رئيس القضاء ونوابه والنائب العام. وطالبوا بحل حزب البشير (حزب المؤتمر الوطني) وقالوا إنهم تلقوا تأكيدات من المجلس العسكري بأن الحزب لن يشارك في الحكومة الانتقالية، داعيًا ودعا إلى وضع أصول الحزب تحت الحراسة واحتجاز قادته البارزين.
وقد يهمك أيضاً :
السودان يتمسك بالتزاماته تجاه "التحالف العربي" في اليمن
الاتحاد الأفريقي يمهل المجلس العسكري السوداني 15 يومًا
أرسل تعليقك